البصرة/ سلام خزعلكانت المعامل الصناعية في محافظة البصرة في وقت سابق، تسهم بنسبة كبيرة من انتاج القطاع الصناعي في البلاد، وتوقف هذه المعامل أو تراجع انتاجها يضر ضرراً كبيراً بالاقتصاد الوطني، وليس اقتصاد المحافظة وحده. مسؤولون محليون يشك
البصرة/ سلام خزعل
كانت المعامل الصناعية في محافظة البصرة في وقت سابق، تسهم بنسبة كبيرة من انتاج القطاع الصناعي في البلاد، وتوقف هذه المعامل أو تراجع انتاجها يضر ضرراً كبيراً بالاقتصاد الوطني، وليس اقتصاد المحافظة وحده. مسؤولون محليون يشكون مما يصفونها بالرسوم الثقيلة التي تفرضها دوائر الكمارك وغيرها على المواد الاولية المستوردة الداخلة في الإنتاج المحلي، مما يشكل عقبة امام النهوض الصناعي. وفي هذا الصدد يؤكد مختصون، أن ما يقارب 27 جهة حكومية تستوفي رسوماً ومبالغ ترهق كاهل الصناعيين، وهو ما أدّى الى تراجع عمل المستثمرين في القطاع الصناعي وتفاقم البطالة بعدما كانت هذه المعامل تستوعب مئات الآلاف من الأيدي العاملة المنتجة.
يقول رئيس لجنة الصناعة في مجلس محافظة البصرة، أنوار الأجودي، في حديث لـ"(المدى)، إن المعامل الإنتاجية في البصرة كانت تشكل نسبة 85 % من انتاج القطاع الصناعي الوطني، لكن الكثير منها توقف عن العمل، وأخذت الدولة بالتوجه الى الاعتماد على النفط وتسريح العاملين في هذه المعامل، وكل ذلك بسبب الايادي الخفية التي حاولت بيع المعامل والاعتماد على الاستيراد من الخارج، ولكن بعد تدخل المرجعية وأوساط شعبية، تم منع تنفيذ مشروع بيع المعامل. وأضاف أن، محافظة البصرة تحوي معامل لإنتاج السمنت في خور الزبير، ومع أن الحكومة المركزية منعت استيراد السمنت ماعدا السمنت الأبيض لعدم انتاجه في العراق في الوقت الحاضر، مازال هناك من يضع العراقيل أمام هذا المنتج، ومنها الكمارك التي فرضت شروطاً قاسية على المواد الأولية الداخلة في صناعة السمنت الأبيض، وذلك بغية تعطيل الإنتاج من هذه المادة".
الأجودي يواصل حديثه قائلاً: لدينا معمل الحديد والصلب، بعد أن تم ايقاف عقد الاستثمار به وتحول عقده الى تأهيل المعمل في قسمي الدرفلة والصلب لإنتاج الحديد، هو الآخر يجري العمل على تأهيله منذ أشهر للعمل به، كي نصل بإنتاجه الى 500 الف طن من الحديد سنوياً، من جهة أخرى، فقد تم العمل بمعمل الأسمدة الجنوبية وفق خطين انتاجيين ليصل الى حجم 2500 طن شهرياً من الاسمدة، الامر الذي نأمل ان يسهم بتفعيل القطاع الصناعي والانتاج الوطني.
رئيس غرفة صناعة البصرة ماجد رشك، ينتقد في حديث لـ(المدى)، الحكومة التي لم تنتهج سياسة صحيحة لتفعيل القطاع الصناعي والاعتماد على المستثمرين واقامة مشاريع صناعية ومعامل تكون ساندة للقطاع الصناعي الحكومي، وبحسب قوله فان نسبة المشاريع الصناعية المتوقفة في القطاع الخاص تصل الى 80 % من المشاريع، مع اننا يمكن ان نعيد تشغيلها من خلال تطبيق القوانين الداعمة للمنتج المحلي وحمايته والسيطرة على التعرفة الكمركية التي عرقلت العديد من المشاريع الصناعية، رشك يؤكد ايضاً، على أن نحو 27 جهة حكومية تستوفي رسوماً ومبالغ في حال تشغيل أي مشروع صناعي، ومع أن هناك مستثمرين لديهم القدرة على اقامة هكذا مشاريع، لكن اضطرارهم إلى اعطاء مبالغ لجهات حكومية بهذا الشكل، بات يشكل عائقاً كبيراً تسبب بإيقاف العديد من المشاريع الصناعية، الأمر الذي جعل المنتج الاجنبي ذا سعر أقل بكثير من المنتج المحلي، وأسهم بتوقف المشاريع المهمة.
قد يكون ما تعرضت له المؤسسات الصناعة العراقية بعد العام 2003 من عمليات نهب وتدمير وسرقة لمصانع ومعامل الدولة بشكل جعل اغلبها عبارة عن هياكل حديد، فيما تحول الآخر الى أرض جرداء، عاملاً مهماً في توقف عملها، لكن يبقى السبب الأكبر والأهم في القضاء على الصناعة العراقية هو عدم النهوض بها من جديد وغياب الخطط الاقتصادية الستراتيجية لهذه المنشآت المهمة، فلا يمكن لأي بلد ان يتطور اقتصادياً دون تطوير الصناعة فيه، كونها ضرورة اساسية في التنمية الاقتصادية كما يرى الخبير الاقتصادي نبيل جعفر، الذي يواصل قوله: إن العراق بلد بنيت فيه العديد من المنشآت الصناعية قبل 50 عاما، كمعامل الأسمدة والبتروكيمياويات والحديد والصلب التي شكلت عموداً أساسياً في اقتصاد العراق، بل وهيمن انتاجه المحلي على السوق المحلية، لكن إغراق السوق اليوم بالسلع الأجنبية المستوردة من الصين والإمارات ودول أخرى، وفتح الحدود أمام البضاعة القادمة من مناشئ مختلفة وبأسعار زهيدة، أدّى الى قتل الصناعة العراقية وتفاقم الركود الاقتصادي فيها، كما أسهم بوجود البطالة بعد ما كانت مئات الآلاف من الأيدي العاملة المنتجة تعمل وتنتج في هذه المنشآت التي توقفت اليوم، مستدركاً: وسواء كان ما يجري بإرادة خارجية أم محلية، المهم لدينا ضرورة البحث عن انعاش الاقتصاد العراقي من خلال تطوير القطاع الصناعي في البلد".
وتواجه المعامل في محافظة البصرة أزمة كبيرة في مسألة عدم تشغيلها، خاصة وأن ما تبقى منها يعمل وفق سياسة التمويل الذاتي، الأمر الذي يتطلب ضرورة اعادة تشغليها، في وقت تضمّ هذه المحافظة العديد من المصانع والمعامل الحكومية، قد يكون أهمها وأكبرها مصانع الورق والبتروكيماويات والأسمدة والحديد والصلب، لكن غياب الإسناد الحكومي، وتنامي عمليات الاستيراد من دون سيطرة نوعية مشددة، وعدم تفعيل القوانين الداعمة للصناعات الوطنية اسهم بتوقف اغلب تلك المنشآت.