بعد زلزال التاسع من نيسان عام 2003 عاد الحالمون بإقامة نظام ديمقراطي الى وطنهم تاركين مرارة سنوات طويلة في المنافي ، ومنهم كاتب واعلامي ، كان يعمل في إذاعة تبث برامجها من العاصمة الأردنية عمان ، يجيد تقليد صوت رئيس النظام السابق صدام حسين ، استقطب اهتمام المستمعين بتعليقاته ونكاته ، وبشرهم بان موعدهم مع الحرية والتخلص من الديكتاتورية قريب جدا.
امضى الإذاعي أيامه الأولى في بغداد يجول في شوارعها العامة فتوصل الى قناعة، بان الخراب في العاصمة يحتاج الى سنوات ضوئية لإزالة اثاره ، ثم الشروع باعمال البناء والاعمار لإنقاذ العراقيين من مظاهر العصور الحجرية . امضى من قلّد صوت صدام ثلاثة اشهر وقرر قبل رحيله متوجها الى دولة وفرت له اللجوء الإنساني ، القاء خطاب تاريخي في ساحة الفردوس ، وقال وسط جمع من الإعلاميين بصوت صدام ان "العراق مقبل على سنوات عجاف في كل شهر سيظهر صدام جديد ، أقول قولي هذا هذه ولكم الأجر والثواب " .
الإذاعي يقيم حاليا في الخارج ، يراوده شعور بان العراقيين انطلت عليهم أكاذيب كثيرة ففقدوا فرصة رسم ملامح مستقبلهم ، لأن اغلبهم توجه لاختيار رمزه ، او استنساخه انطلاقا من فكرة تعود الى زمن الفراعنة في مصر حيث كانت الديانات المصرية القديمة تقول إن الإنسان لا يمكن أن يبعث في الآخرة إلا بعد أن تعود الروح إلى الجسد ، واعتقد الفراعنة أنه ينبغي تحنيط الميت لحماية جثته من التحلل كي تتمكن الروح من العثور على الجسد لتتم عملية البعث.
في زمن الفراعنة لم يكن التحنيط متاحا لأي شخص ، واقتصر على الملوك وكبار الكهنة والاثرياء ، للحفاظ على الرمز في العالم الآخر ، في ضوء اعتقاد سائد بان المحنط يبعث برسائل الى الاحياء لمعرفة اوضاعهم ومدى تمسكهم بتعاليم وافكار المحنط وخططه التنموية ومشروعه الوطني .
الكشف عن سر الخلود لطالما شغل شعوب الارض قاطبة ، وحين استسلمت البشرية لقدرها واعترفت بان الموت حق ولا يمكن دحره حتى بنجاح استنساخ النعجة دولي ، عكف العلماء والباحثون على اجراء تجارب علمية للحصول على لقاحات ضد مختلف الامراض والعلل ، بعد ان حصدت الملايين من ارواح البشر بالطاعون والكوليرا ، واوبئة اخرى استوطنت في بلدان العالم المتخلف ، وفي مناطق الصراع والنزاعات المسلحة .
المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على الجنس البشري من الانقراض لطالما حذرت من حماقات هواة شن الحروب لتوسيع النفوذ وفرض السيطرة على اكبر رقعة جغرافية لاعتقادها بأن دولا كثيرة اصبحت بيئة مناسبة لأوبئة مستوطنة ولدت من الخلافات المتجذرة بين القادة السياسيين وامراء الطوائف.
بعد الغزو الاميركي للعراق ، والقضاء على ما تبقى من الدولة ، استجابت شريحة واسعة من المجتمع لتقبل فكرة الرمز ، الزعماء بالعشرات ، والاحزاب بالمئات ، وتشريعات تنظيم الحياة السياسية غائبة ، تناسلت الرموز في البيئة العراقية ، وهناك أمل واحد للحد من تكاثرها حين يسمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اهزوجة " احضر ياترامي وصفيها " . اقبض حسابك من البيت الأبيض .
احضر" يا ترامي وصفيها "
[post-views]
نشر في: 31 مارس, 2017: 09:01 م