TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حلول غريزية

حلول غريزية

نشر في: 7 إبريل, 2017: 09:01 م

روت لي امرأة بدوية ذات يوم، كيف علّمها زوجها مهنة التوليد دون أن يقصد، فقد اعتاد مغادرتها لأسابيع أو لأشهر في رحلات للصيد أو للتجارة فتصبح مجبرة على توليد نفسها، عندما يفاجأها المخاض، وبأبسط الأدوات المتوفرة، ودون اية رعاية صحية.. شعرت وقتها بأن غريزة الأمومة تدفع المرأة الى عمل اشياء غير عادية لإنقاذ أطفالها، وهو مايتطلب شجاعة كبيرة وقدرة على اتخاذ القرار... وقبل فترة، قرأت عن تلك المرأة المكسيكية التي أجرت لنفسها عملية قيصرية بسكين المطبخ لتنقذ وليدها بعد أن يئست من الولادة بصورة طبيعية، لأنها كانت وحيدة في منزلها الريفي وفي منطقة بعيدة عن المستشفى...كانت المرأة قد خدّرت نفسها بعدّة كؤوس من الخمر، ثم شقّت بطنها بسكين المطبخ لتنجب مولوداً ذكراً معافى، وقبل أن تفقد وعيها، أرسلت ابنها الصغير ليطلب لها معونة أقرب قابلة في القرية.. حدث هذا ونحن نتجاوز حدود الألفية الثالثة ومافيها من ثورة علمية وتكنولوجية حوّلت الامنيات الى حقائق، ومع ذلك وجدت المرأة نفسها مجبرة على اتخاذ قرار صائب رغم ماترتب عليه من آلام ..
نحن في العراق علمتنا الضرورة، أن نجد حلولاً لأنفسنا ولاننتظر الكثير من المسؤولين، فحين فرضوا علينا الحصار الاقتصادي بسبب جنون دكتاتوري سابق، صنعنا الحلوى من التمر واستبدلنا الكهرباء بـ(اللالة) و(الفانوس) ، وابتدعنا انواعاً لاتخطر على بال، من الأطعمة الفقيرة وتحولت أغلب العراقيات الى خياطات وخبازات لتحوير الملابس المستعملة وتوفير ثمن الخبز والصمون..
ومع بلوغ التطور والثورة التكنولوجية أوسع المديات، أخرجت الحروب الداعشية العراقيين من بيوتهم، ليتعلموا السكن في الخيام وشرب مياه السواقي وتناول الأعشاب والحشائش، حين يستبد بهم الجوع ويغيب الطعام ..لعلَّ قدرهم الدائم أن يبتكروا احتياجاتهم من العدم، وألا ينتظروا مساعدة من أحد.. ولعلهم الأقوى من كل الحكومات والمسؤولين، فهم قادرون على اتخاذ قرارات صائبة لإنقاذ انفسهم حين تسوء أمورهم، واعتقد أن شعب الحصار والنزوح وقبلهما تلك المرأة البدوية ومثلها المكسيكية، انتصروا على اعتى رجال العالم، وقدموا درساً مجانياً لمن يحاول الاستفادة منه، فلو حاول كل مسؤول سياسي أو إداري تبنّي شيئاً من غريزة انسانية طبيعية في تعامله مع الشعب، أما كان سينجح في اتخاذ قرارات غير عادية لإنقاذ البشرية ؟ ولو فكر كل مسؤول أن يلجأ الى حل الأزمات بطريقة مبتكرة قوامها الحوار والاتفاق بدلاً من التناحر والخلافات، أما كانت الفائدة ستعمّ على الجميع ودون اللجوء الى مساعدات من الآخرين؟!...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram