adnan.h@almadapaper.net
جيد، بل جيد جداً، أن يتناول رئيس الحكومة حيدر العبادي قضية القضايا في العراق مرتين في غضون أسبوع واحد. وهل ثمة ما هو أكبر من قضية الفساد الإداري والمالي الضارب في عمق دولتنا ومجتمعنا؟..
في تصنيف صحيح وتقويم سليم وضع الرئيس العبادي الفساد في مرتبة الإرهاب، في الكلمة التي ألقاها الاحد الماضي في منتدى العراق للطاقة :" الفساد لا يقلّ خطورة عن الإرهاب"، ، بل إنه حمّل الفساد والفاسدين في سلطات الدولة العليا، وبخاصة المؤسسة الأمنية، المسؤولية الرئيسة عن تمكّن تنظيم داعش الإرهابي من احتلال مدينة الموصل ونحو ثلث مساحة البلاد في غضون أيام قلائل من دون قتال:" الفساد فيها ( المؤسسة الأمنية) ساهم بدخول داعش"، كما قال في كلمة له في مؤتمر بشأن محاربة الفساد (المشاورات الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في القطاع العام) عُقد في بغداد الخميس الماضي..
عملية مكافحة الفساد تواجه صعوبات جمّة، والجهود المبذولة في هذا المجال لا تبدو فعالة ومثمرة حتى الآن. المشكلة الرئيسة على هذا الصعيد لا تكمن في العوز من المعلومات المتوفرة لدى أجهزة المكافحة، ولا في مساعي البعض لخلط الأوراق بالإكثار من الاتهام بالفساد دون أدلة وإغراق هذه الأجهزة بقضايا كيدية ، كما قال هو في المناسبة الأخيرة. مع عدم التهوين من حجم وقوة هذه المساعي فإن أكثر ما يعيق عملية المكافحة هو الموقف المناهض لها، أو غير المتعاون في الأقل، من مؤسسات نافذة في الدولة، ما يحول دون بلوغ هذه العملية مبتغاها، أي جلب الفاسدين الى العدالة واستعادة الأموال والأملاك العامة المسروقة وردع الفاسدين المحتملين.
الوقائع المتوفرة لدى الجهاز الرئيس المكلف بمكافحة الفساد، هيئة النزاهة، تشير الى أن النسبة العظمى من قضايا الفساد التي تحقق فيها الهيئة وتوفر كل أدلتها ، تقف عند باب القضاء الذي يتذرع بأن هذه القضايا غير مكتملة تماماً، ما يمنع من البتّ فيها،. وعدم الاكتمال يرجع الى عدم تعاون مؤسسات الدولة، وكذا المصارف العامة والخاصة، في تقديم المعلومات الموثّقة المطلوبة . بالطبع هذه الحجة ليست صحيحة دائماً، فثمة ضغوط تُمارس من قيادات نافذة في الدولة وزعامات حزبية مؤثرة ، تمنع توفير هذه المعلومات أو تدفع ببعض القضاة الى إبداء عدم القناعة بنتائج تحقيقات هيئة النزاهة.
رئيس الهيئة كشف أخيراً عن أنه من 12 ألف قضية حقّقت فيها الهيئة وأحالتها الى القضاء لم تصدر أحكام إلا في ما نسبته 12 في المئة فقط من مجموع هذه القضايا.
لا أظن أن دعوة رئيس الوزراء المواطنين الى تقديم معلوماتهم عن الفساد وتطمينه إيّاهم بأنهم سيحظون بالحماية، على أهميتهما، سيكونان كافيين لإحداث اختراق في هذا المجال. ما يحقّق الاختراق هو أن تتخذ حكومته الترتيبات اللازمة،القانونية والإدارية، التي تجعل مؤسسات الدولة والمصارف وسواها تتعامل بجدية فائقة مع قضايا الفساد، تحت طائلة العقوبة الصارمة.
جميع التعليقات 3
سمير طبلة
... تتخذ حكومته الترتيبات اللازمة، القانونية والإدارية، التي تجعل مؤسسات الدولة والمصارف وسواها تتعامل بجدية فائقة مع قضايا الفساد، تحت طائلة العقوبة الصارمة ... صح، والعباس، بس جيب اللي يسوويه!
ييلماز جاويد
عدم تعاون الجهات الرسمية والمصارف جريمة بحد ذاته ، فالمفروض أن يحاسب القضاء تلك الجهات على جريمتها . ولو أن الفساد ضارب من الباب إلى المحراب كما يُقال ، فإن الإصلاح والتغيير يجب أن يبدأ بالسلطة القضائية . ثلاثة عشر عاماً تحكّم فيها المحمود وخلفه
علي الكرخي
اجراءات غير جادة بسبب ان الفساد سببه الاشخاص المتنفذين بالسلطة ...العبادي يعرف جيدا من هم المفسدين ولكنه يجامل ...الفساد يحتاج الى ارادة واولها ان من يكافح الفساد يجب ان يكون مستقلا عن احزاب الاسلام السياسي الطائفي وهذا لا يمكن ان يتحقق ...ان كل الانشطه ب