وأخيراً ، نجحت اللجنة الأولمبية الوطنية لأول مرة في فرض سياسة الحوار مع اتحاد كرة القدم الذي كان مجرّد تصريح قصير من أي مسؤوليها ينتقد فيه سياسة عمل الاتحاد يُشكّل قلقاً مشروعاً لها لئلا يبادر أحد المنافقين بدسّ كلمات تحريضية في رسالة مشبوهة الى الفيفا تحضّه على توبيخ الأولمبية مثلما شهدنا قبل خمسة اعوام فضيحة من العيار الثقيل بتمرير ذات الرسائل في زمن رئيس الاتحاد السابق ناجح حمود نفى الرجل علمه بها.
نجاح يُحسب لتكاتف أسرة الرياضة بغض النظر عن المسميات من أجل وأد أزمة تمتد ألسنة لهيبها لتهدد بمخاطر تحرق الجميع في ظل ارتفاع اصوات الوعيد لأكثر من قيادي في التظاهرة مطالباً بتحقيق رغبات الجماهير ليست أقل من استقالة أعضاء الاتحاد والبدء بالتحضير لانتخابات مبكّرة وفق نظام جديد يأخذ بالحسبان كل سلبيات الدورات الثلاث السابقة ( حسين سعيد - 2004 وناجح حمود -2011 وعبدالخالق مسعود - 2014 ) ، ويضيف ما يعزز من قيمة العمل التطوّعي ومضاعفة الجهد لإظهار اللعبة بواقع آخر.
إن استجابة اللجنة الأولمبية لصوتنا وأصوات عدة طالبتها بالتخلي عن الدور الضعيف في إدارة الاتحادات وفق علاقات متوازنة تحفظ مهابتها وتسقط عن رئيسها خجله من المواجهة للارتقاء بمستوى منصبه يُحتّم عليها مواصلة التدخّل الودي من باب الحوار كونها مسؤولة عن تقييم مردودات الميزانيات المخصصة من الحكومة بإشرافها ، هل جنت رياضتنا منجزات توازي أو تشجّع الحكومة على زيادة التخصيص أم تدعوها للنظر بشك وليس بعيداً عنها التدخل المباشر إذا ما تيقّنت أن المال العام يذهب هباءً لمرتّبات إداريين وليس لتطوير فنيين كمدربين أو لاعبين وأطقُم مساعدة معهم.
عمل جيد بحق ، أن تنجح الأولمبية في جدولة عدد من المقترحات التي تنظّم بيت اتحاد الكرة بموافقة الأخير ، ما يعني أن العاشر من نيسان الجاري يمكن عدّه بداية عهد التفاؤل بالإصلاح انصياعاً للمنهج العلمي المطلوب ترسيخه وليس تحت وقع سلاح التهديد ، ويمكن أن نراهن عليه لاحقاً لتحقيق أهداف في الطريق لاتحادات أخرى لا أن يتم توجيه الضربة الأولى للأولمبية مع أنها تتحمّل الجزء الكبير مما يحصل اليوم من ترهّل في الملاكات الإدارية مع ضياع الميزانية من دون تحقيق أية مكتسبات في البطولات المهمة ، لكن في الوقت نفسه سيأتي الإصلاح لمكتبها التنفيذي المشكّل من الاتحادات نفسها ، وبالتالي لا يمكن توسعة نطاق الأزمة بإرادة البعض ممن لديهم القدرة على تصديع الرؤوس حتى الصباح بـ( الآلية والستراتيجية والمنهجية ) وفي دواخلهم تشتعل الرغبة باستبدال الوجوه لا أكثر !
الخطوة الثانية التي لابدَّ أن تفعّلَها اللجنة الأولمبية انسجاماً مع أجواء المصارحة التي أوقدت أمل الإصلاح لشؤون اتحاد الكرة ، أنه من حق رئيسها لقاء أعضاء الجمعية العمومية ودياً لمناقشة واقع اللعبة واسباب تأخرها برغم مضي 13 عاماً على أنبثاق أول مجلس إدارة لها من صندوق الاقتراع المتعدّد في التأييد والمعارضة والتحفّظ ، بعدما كانت عموميات كرة الثمانينيات والتسعينيات لا تمارس الاعتراض على سياسة قادتها المُعيّنين أصلاً وحتى لو اقتضى تمثيل العملية الديمقراطية فالنتيجة محسومة سلفاً و..( تؤمر أَمر ).
لقاء الجمعية العمومية يـأتي استكمالاً لحوار شفاف مع مجلس إدارة اتحادها وليس باباً آخر لتقديم تنازلات جديدة من الاتحاد ، فآراء أعضاء الجمعية العمومية جديرة لتُسمَع وتُنتَقَد في وقت مثالي جداً قبل إقامة انتخاباتها في أيار المقبل ويمكن أن يعود بالنفع عليهم بإعادة النظر في واقع اللعبة ضمن أنديتهم وتشطيب الكثير من السلبيات التي واجهوها وأفرزت عن تسمية ممثلين لهم في انتخابات الكرة لم يكونوا أُمناء على مصيرها ولن تجود قرائحهم بأية مقترحات لمستقبلها طالما بقي ( الصمت ضمان للمصلحة ) شعارهم كل أربع سنوات.
إن التراجع الذاتي لأعضاء اتحاد الكرة في إخلاء مواقع اللجان لكتيبة شامل كامل كي تحتل كل شبر من خارطة إصلاحها الحُر في مقرّهم وأمام انظارهم ، يُمثل مبادرة حكيمة تكسبهم احترام الشارع الرياضي وليس الكروي فحسب ، كونهم مثّلوا أسوأ حقبة شهدتها اللعبة بتصارعهم وأنانيتهم وإصرارهم على تجاهل الخبراء الذين من حقهم تدعيم لعبتهم بالمشورة ويرمون لها حبل الإنقاذ لرفعها من قعـــر التخلّف والهزائم.
إصلاح حـُر .. وتؤمر أمر
[post-views]
نشر في: 11 إبريل, 2017: 04:38 م