باعتماد البلاستك في صناعة الكثير من الحاجيات المنزلية فقد الابريق "الابريج "سواء كان نحاسيا او من الالمنيوم حضوره السابق ، تعرض كغيره من الحاجيات القديمة الى الانقراض القسري ، لكن الجيل القديم من العراقيين المتمسكين بالماضي بوصفه كان زمن الأمان والاستقرار يحتفظ بأبريق اجداده. مفردة "ابريق" تتمتع بحسب المختصين بأوزان الشعر العمودي على وجه التحديد بإيقاع ساحر، يمكن ان يوظفه فحول الشعراء في قصائدهم ، يجعل المتلقي يلغي نظرة دونية لاحقت الابريج لاستخدامه في مكان محدد ، حتى فقد مكانته السابقة ، عندما كانت الجواري يحملن الاباريق في جلسات الطرب والفرفشة في مجالس الخلفاء ثم الملوك والسلاطين .
من النادر جدا في الدوائر الحكومية ان يجد المراجع موظفا "بوجه فليح " الابتسامة لا تفارق شفتيه ، يؤدي عمله من دون اي تذمر او استياء ، يتعامل مع المراجعين بلطف على استعداد لتحمل غضبهم ، بروح رياضية تعبر عن إيمان مطلق بان الموظف خادم شعبه ، مهما كان موقعه ومنصبه ، هل صادف المراجع مثل هذا الموظف في دوائر الدولة ؟؟ لا حاجة للإجابة على السؤال تكفي زيارة احدى الدوائر للخروج بانطباع عام بان بعض الموظفين ، يشتركون بصفات واحدة ، وجوه ملتحية ، وشم في الجبهة ، خواتم في الاصابع ، يرددون عبارات متشابهة خادم مولاي ، معاملتك تحتاج الى توقيع الحجي ، بعد أذان الظهر التوقيع .
الدائرة الفلانية جعلت من احدى الغرف مكانا للصلاة ، لمن يرغب من المراجعين ، اما المسؤولون ، فيؤدون صلاة الظهر في غرفهم ، ولكنهم بين آونة واخرى يحملون الابريق للحفاظ على الوضوء ، وقضية "البركَان" تعد واحدة من ابرز العوامل اللوجستية في تطوير الاداء الأداري ، وانجاز معاملات المراجعين في اقرب وقت ممكن .
الاطراف المشاركة في الحكومة معظمها من الاحزاب الدينية لها وزاراتها ومؤسساتها، ماركة مسجلة بأسمائها ، بمعنى انها احرص من غيرها على خدمة ابناء الشعب ، من خلال انجاز معاملات المراجعين قبل حلول موعد صلاة الظهر ، فيحصل المدير العام على الأجر والثواب ، مع رضا الناس حينذاك سيتفرغ لحمل "الابريج" للتطهر من النجاسة.
"الابريج " غادر المنازل ، لكنه حقق حضوره في الدوائر الرسمية فنال عن جدارة واستحقاق لقب الابريج التنفيذي والتشريعي ، وروى احد المطلعين على خفايا مجلس النواب بان الكثير من الاعضاء اثناء حلول موعد الصلاة ، يصدرون اوامرهم لرجال الحماية لجلب الابريج من السيارة المدرعة ، أحيانا يعاقبون المخالف لتأخره عن تلبية الطلب ، ولا ضير من اختلاط البركَان مادامت تؤدي الغرض المطلوب ، وكلها تعمل تحت راية كتلة نيابية واحدة ، وتوفر لممثلي الشعب فرصة التخلص من
النجاسة .
مؤامرة اقصاء "الابريج "من المشهد العراقي باءت بالفشل ، الكتل النيابية كشفت مخططات الأعداء فأوصت أعضائها بجلب المزيد من البركَان لتوفير الأرضية المناسبة لبلورة موقف موحد حفاظا على شرف يوم السيادة الوطنية ، والحد من حماقات الشيطان الأكبر بهدف منعه من استخدام ام القنابل.
"ابريج" السلطة
[post-views]
نشر في: 17 إبريل, 2017: 09:01 م