خصصت جائزة الإبداع العراقي لعام 2017 لفن التمثيل أي لأفضل ممثل خلال السنوات 2014، 2015، 2016 وتشمل الجائزة التمثيل في المسرح والتمثيل في الدراما التلفزيونية والتمثيل في الفيلم السينمائي، وذلك لأن الممثل في الحقول الثلاثة المشار إليها أعلاه، يؤدي دوراً أو يمثل شخصيةً غير شخصيته ولا تختلف تقنيات أداء الممثل فيها سوى بحالة واحدة هي أن الممثل في المسرح يواجه الجمهور مباشرة، أما في السينما والتلفزيون، فإنه يواجه الجمهور وبصورة غير مباشرة وعبر جهازي المايكروفون والكاميرا. ويمكن القول بناءً على ذلك أن الممثل في المسرح يحتاج إلى شيء من المبالغة في تعبيره الصوتي والجسماني لكي يوصلها إلى أبعد متفرج في الصالة، أما في السينما والتلفزيون فلا يحتاج الممثل إلى المبالغة في الأداء، لأن الجهازين (المايكروفون والكاميرا) يكبران أو يضخمان التعبير ويقربانه إلى الجمهور، أما جوهر فن التمثيل فيبقى نفسه في الحقول الثلاثة. بعد هذا نأتي إلى صعوبة تقييم أداء الممثل من قبل المتلقين أو من قبل النقاد أو من قبل المحكمين. وهنا يتم الاعتماد على رأي الاغلبية والابتعاد عن كل انحياز عاطفي أو ذاتي. تختلف أراء المتلقين لأداء الممثل على وفق الملاحظات الآتية بنسبة أم بأخرى:
1- مقدار تطابق اداء الممثل مع أبعاد الشخصية التي يمثلها ومدى التعاطف وعدمه.
2- صعوبة التفريق بين شخصية الممثل الذاتية أو هويته وشخصية الشخصية الدرامية أو هويتها، وهنا يدخل مبدأ التقمص وصدقيته.
3- يزول تأثير التمثيل الحي ( بخلاف التمثيل في السينما أو التلفزيون) بسرعة انتهاء الموقف المسرحي أو بانتهاء العرض المسرحي بكامله، حيث ليس بالامكان الامساك بأداء الممثل بعد خروج المتفرج من المسرح، فالتمثيل في المسرح هو أبن اللحظة وقد يختلف أداء الممثل من عرض إلى آخر.
4- يتحدد اداء الممثل بحدود زمانية ومكانية، زمان ومكان العرض، ومدى ملائمتها لمزاج المتلقي.
5- لحضور الممثل أو ما يسمى (الكاريزما) تأثير في نفوس المتلقين، فقد يمثل ممثل لا يمتلك الكاريزما، دوره بإتقان ومع ذلك قد لا يلاقي الاستحسان من قبل الجمهور.
6- يتأثر اداء الممثل بالظروف الخاصة التي تحيط به رغم الادعاء بوجود عدم تأثره بها، فقد لا يكون مزاج الممثل في ليلة العرض رائعاً كما في الليلة السابقة، وفي الليلة اللاحقة، وقد لا يؤدي بشكل جيد كما أدى دوره في هذه الليلة أو تلك .
وهكذا فإن لفن التمثيل وجهين، أحدهما موضوعي والآخر ذاتي، وعلى الممثل أن يشعر بدرجة معينة بشعور الشخصية التي يمثلها ويظهر انفعالاتها، وأن يبدو كما لو كان يعيش الدور، وأنه منجرف مع فعل الشخصية ودوافعها واهدافها، ومن جهة أخرى، عليه أن يحتفظ بقدر من الموضوعية ومن الانفصال عن الشخصية وأن يحافظ على ذاتيته وعلى سيطرته على نفسه، وأن يكون واعياً لحقيقة كونه يقف على خشبة المسرح، ليمثل لمجموعة من المشاهدين وأن يكون مدركاً لكيفية توظيف جسمه وصوته وحركاته وايماءاته الجسدية والصوتية لملامح الشخصية، وإن على الممثل أن يسيطر على شخصيته الذاتية عن طريق موقفه الموضوعي. عليه أن يخلق التوازن بين الذاتي والموضوعي. مهمة الممثل مزدوجة، فعليه أن يبدو وعليه أن يكون، أن يبدو شخصاً آخر، وأن يبقى على واقعه الخاص. وهكذا يجمع بين التظاهر والكينونة، والتظاهر هو القناع الذي يرتديه الممثل، والكينونة هي الوجه الحقيقي له. إذن لا بد أن يبقى القناع شفافاً لكي يتبين من خلاله الوجه الحقيقي، فكيف للذي يقيّم أداء هذا الممثل أو ذاك وبسهولة أن يفرق بين الوجهين؟
وحتى في منح الجوائز للممثلين والممثلات مثل جائزة الأوسكار، يبقى التقييم نسبياً، فلو منحت الجائزة لممثلة مثل (ميرل ستريب) كأفضل ممثلة وهي تستحقها، ولكن من يقول إنها لوحدها تستحق مثل هذه الجائزة؟.
صعوبة تقييم أداء الممثل!
[post-views]
نشر في: 24 إبريل, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...