في عام 2010 اختارت مجلة تايم الشهيرة مؤسس موقع (الفيس بوك) للتواصل الاجتماعي مارك زوكربيرغ، "شخصية العام" بعد ان بلغ عدد مشتركي "فيس بوك" 500 مليون شخص ساهم الموقع في ربطهم ببعضهم البعض..وطوال السنوات الفائتة، ساهم الـ (فيس بوك) في تغيير حياة مئات الملايين من البشر..
وحين عصر مارك عبقريته ليمنح العالم ابتكاره، لم يكن يتوقع طبعا ان يتحول الموقع الى وسيلة لعرض آخر ابداعات ربات البيوت في صنع (الدولمة ) و( الكليجة ) او قنطرة لعبور (الزاحفين) او (الزاحفات )الى ضفاف قلوب تعوِّض الحرمان بالحب الافتراضي.. لقد حاول ان يصل اطراف العالم ببعضها عبر تحاور انساني، وهو ما أثار شهية البعض الى نشر مبدأ الانسانية ونبذ كل ما يعرقل ازدهارها من تطرف وتعصب وتخلف وكراهية، لذا استقبلت صفحاتهم اصدقاءً من دول وقوميات وطوائف مختلفة وخاضوا معهم في نقاشات متشعبة وطرحوا قضايا ساخنة وشائكة ليخرجوا منها بخلافات وشتائم او بتفاهم وتوحد
افكار...
أحد المؤمنين بمبادىء الانسانية وثقافة التسامح ونبذ التعصب في العراق وجد طلبا للصداقة من شخصية تنتمي الى بلد آخر يعتنق طائفة مخالفة لطائفته وتلتصق بالبلد الذي ينتمي اليه صفة الارهاب ويتهم بكره العراقيين ولطائفة معينة منهم بالذات..قرر العراقي أن يوافق على طلب الصداقة ليكسرالحاجز ويصل الى افكار ابناء هذا البلد ويكتشف ماهية مشاعرهم الحقيقية تجاه العراقيين، وبعد حوار طويل خاص، اكتشف كلا الشخصين ان نواياهما متقاربة ولديهما نفس الحرص على محاربة الافكار الجاهزة ونشر مبادىء الانسانية وتاشير مواطن الخلل في سلوك حكومات دولتيهما ونقاط المبالغة والتطرف في مذهبيهما، وقرر العراقي أن ينشر الحوارالخاص على صفحته ليطلع عليه الاصدقاء والمتابعون لها بهدف كسب أكبر عدد ممكن من مناهضي العنف والارهاب والجفاء بين البلدان بسبب سياسات قذرة وفتاوى متطرفة لشيوخ لا يتقنون الحديث بلغة التسامح وفهم مبادىء الدين الحقيقية، قوبل الحوار بتأييد عدد من اصدقاء ومتابعي صفحته لكنه لم يحظ بقبول العديد منهم ايضا، وهوجمت افكار العراقي ليس بسبب ما ورد في الحوار من نقاش حضاري، بل لأن العراقي سمح لنفسه أصلا بالتحاور مع شخص ينتمي لذلك البلد ( الملعون ) في نظرهم.. بعضهم عاتبه وآخرون هاجموا ضيفه وشككوا بنواياه وذهب بعضهم الى ابعد من ذلك، فحذر العراقي منه ومن دسائسه..
حاول العراقي أن يواصل مابدأه وألا يشعر باليأس فقرر مع ضيفه ألا تستفزهما التعليقات وأن يردّا عليها بهدوء وتوضيح ولم يهمل العراقي الرسائل والمكالمات الغاضبة على الخاص ايضا واجاب عنها كلها بصبر واسهاب..
المهمة ليست سهلة..هكذا شعر القطبان اللذان تجاذبا بعد حوار انساني، لذا لن تثنيهما عن قضيتهما محاولات البعض لإطفاء شعلة الانسانية باسم الدين والمذهب والسياسة فـ"الانسانية ليست ديناً – كما يقول سقراط – بل رتبة يصل لها بعض البشر " وافضل مافعله مارك هو منحنا وسائل للتواصل الاجتماعي الفاعل ليلتقي عبرها مَن يصل رتبة البشر...
الانسانية ليست ديناً ..
[post-views]
نشر في: 24 إبريل, 2017: 09:01 م