في بيانات لوزارة التخطيط يعود تأريخها الى نهاية العام الماضي ، أشارت الى وجود قرابة ثلاثة ملايين عراقي يسكنون في آلاف العشوائيات بالعاصمة بغداد ومحافظات اخرى ، تفتقر الى الخدمات الاساسية ، لاماء ولاكهرباء ، بمعنى الظروف المعيشية "سودة مصخمة" وعودة اضطرارية للعصور الحجرية ، الخالية من الخلاف السياسي والصراع على السلطة ، ووعود المسؤولين "الحجريين" زعماء حزب الديناصور بتحقيق طفرة تاريخية في تنفيذ مشاريع الاعمار والبناء لمعالجة تركة ثقيلة خلفها "الحجريون" السابقون ، فشلوا في انجاز متطلبات الانتقال من مرحلة السكن في الكهوف ، الى بناء بيوت طينية بسقوف من السعف وجذوع النخيل .
من توفرت له فرصة زيارة عشوائية ، والتعرف على أوضاع سكانها سينتقل الى العصر الحجري ، حين يرصد سلوك الاشخاص، واعتمادهم على طرق بدائية في ممارسة حياتهم ، فبجوار الغرفة الوحيدة ، يوجد تنور طيني لخبز طحين الحصة للمشمولين بنظام البطاقة التموينية ، الكلاب والقطط السائبة ، تجول في المكان ، بكل حرية، برك المياه الآسنة المكان المفضل للهو الاطفال وشغبهم ومشاكساتهم .
في العشوائيات انتشرت صور شخصيات دينية وأخرى سياسية ، إعلانات مرشحي دعاية الانتخابات السابقة استخدمت في غلق النوافذ ، بهذه الطريقة يتعاطى سكان العشوائيات مع السياسيين ووعودهم بمنحهم سندات تمليك الاراضي ، هذه الصورة ستتكرر مع بدء العد التنازلي لموعد اجراء الانتخابات المقبلة .
قاع المدينة المهمل يقع في مسافة بعيدة جدا عن اهتمام السياسيين ، اما الجهات الرسمية فتتعامل مع سكانه بوصفهم متجاوزين ، لا يستحقون توفير الخدمات الأساسية ، أحيانا تذكرهم الأجهزة الأمنية في بياناتها حين تعلن اعتقال افراد عصابة في حي "الحواسم " المفردة الأخيرة تحيل السامع الى كل مظاهر السوء بصوره البشعة .في المناسبات الدينية يقترب المهمشون من المتن حين ترتفع الأصوات الداعية لانقاذهم ، ونقلهم من العصور الحجرية الى زمن العولمة .
صفة بلد المنجزات والمكتسبات لن تغادر الارض العراقية استناداً الى مزاعم حكامه السابقين منذ العصور الحجرية، وحتى ظهور الجيل الجديد من "رجال الدولة" ، يعود تاريخ اول منجز لصالح ابناء الشعب باعلان كبار كهنة المعابد السماح لاجدادنا الاوائل بالتهام تماثيل الآلهة المصنوعة من التمر اثناء حلول الكوارث في موسم الفيضانات وتعرض البلاد الى غزو خارجي كان يتكرر باستمرار ، منذ ذلك الوقت حمل العراقي القديم زنبيل المنجزات ، فحصل على امتياز عظيم انتقل الى الاجيال اللاحقة .
الطبقة الحاكمة بعد مرور آلاف السنين ، تمسكت بتقاليد وممارسات الاسلاف بالتعامل مع شعبها ، شكلت لجانا اقتصادية لرعاية مصالحها ، فيما ادعت انها ستعمل على ملء زنابيل العراقيين عاجلا ام آجلا بالمكتسبات والمنجزات ، بزيادة مفردات البطاقة التموينية ، وتأمين عودة النازحين الى مناطق سكنهم ، وحل مشكلة العاطلين عن العمل ، يضاف الى ذلك بذل المزيد من الجهد لانجاز استحقاق المرحلة الحالية بضمان استقرا ر الاوضاع السياسية والأمنية بخوض مفاوضات التسوية التاريخية .
سكان العشوائيات امامهم فرصة جديدة لاستخدام صور المرشحين ، بعد تصنيفها الى سياسي منزوع الدسم وصورة الآخر تصلح غطاءً لعربة بيع الغاز .
سياسي منزوع الدسم
[post-views]
نشر في: 24 إبريل, 2017: 09:01 م