منذ عقود يعاني العراق من عدم استقرار منظومة الطاقة الكهربائية رغم صرف عشرات المليارات من الدولارات على الانتاج والتوزيع والنقل، إن كان ببناء محطات التوليد الحديثة أو بصيانة القديمة، والأمر ذاته ينسحب على شبكة التوزيع التي تعاني الأمّرين بسبب قدمها من
منذ عقود يعاني العراق من عدم استقرار منظومة الطاقة الكهربائية رغم صرف عشرات المليارات من الدولارات على الانتاج والتوزيع والنقل، إن كان ببناء محطات التوليد الحديثة أو بصيانة القديمة، والأمر ذاته ينسحب على شبكة التوزيع التي تعاني الأمّرين بسبب قدمها من ناحية وتعرضها من ناحية أخرى الى عمليات التخريب المتعمدة، الأمر الذي انعكس سلباً على تجهيز المواطنين بالطاقة.
وسعياً لوضع حلول جذرية، تعاقدت وزارة الكهرباء مؤخراً، مع شركة جنرال الكتريك الامريكية، من اجل زيادة انتاج الطاقة الكهربائية من خلال بناء محطتي توليد غازيتين في محافظتي ذي قار والمثنى، وبسعة اجمالية 1500 ميغاواط بمعدل 750 ميغاواط لكل محطة، وبكلفة اجمالية مقدارها مليار و49 مليوناً و400 الف دولار، بعد نجاح تجربتها في محطة بسماية العملاقة بسعة 3000 ميغاواط والتي ستخصص 90% منها لتجهيز العاصمة بالطاقة.
ولن يقتصر هذا التعاقد على إدامة وزيادة انتاج الكهرباء بنحو 700 ميغاواط في فترة الذروة في الصيف، بل سيضمن أيضاً حصول العراق على أعلى قدرة لتوليد الكهرباء المتوفرة في جميع أنحاء العالم، بحسب بيان للشركة.
ونصّت الاتفاقية أيضاً على إنشاء مركز المراقبة والتشخيص الأول من نوعه في العراق، ليقدم خدماته على مدار الساعة مستفيداً من الحلول الرقمية المتطورة لجنرال إلكتريك، اضافة الى توفير فرص عمل إضافية للمواطنين العراقيين وتطوير الموارد البشرية الوطنية من خلال برامج التدريب التقني ومشاركة المعارف والخبرات، وترتكز هذه الخطوة على الإمكانات الحالية للشركة في البلاد من حيث عدد الموظفين والمتاجر والخدمات وحلول التصليح التي توفرها.
عن هذا المركز يقول رئيس الصناعات الرقمية ونائب الرئيس للطاقة في شركة جنرال الكتريك، كانيش بيل، في لقاء خصَّ به (المدى): بدأنا هذه الرسالة قبل ستة أعوام في جنرال التكريك، إذ راينا أن كل الصناعات يجري فيها التحول الى الحلول الرقمية باستخدام الانترنت، وقد بدأنا العمل في هذه الشركة منذ ١٩٨٠ حيث وجدنا أن الكثير من الشركات في قطاعي الصحة والطاقة يتحولون الى شركات رقمية دخل في عملها لاحقاً الانترنت، ونحن أيضاً لدينا هذه الابتكارات في مجال الطاقة ونستطيع ان نساعد بهذه الحلول اذا ما قدمناها الى شركات. كما نستطيع أن نساعد بها دول، لذلك فإن محطة بسماية هي اوّل محطة في العراق تتحول الى محطة رقمية.
وعن الدول التي طبقت هذا المشروع الرقمي، غير العراق، قال (بيل): لقد طبّقت هذه الحلول في قطر والسعودية والإمارات قبل شهر تقريبا، لكن العراق سيكون من اكثر الدول التي ستستفيد من هذه التكنولوجيا المتطورة. وأضاف: كما أن العراق سيكون من ضمن الدول المتقدمة في هذا المحور، ونحن نحاول ليس فقط جلب التكنولوجيا بل أيضاً تدريب القدرات العراقية لأن العراق شريك أساس بالنسبة لنا لأكثر من خمسين عاماً، وقد تم تدريب ٣٠٠٠ موظف ساعدنا في توظيفهم وهم الآن يعملون من ضمن شركاتنا. وأردف (بيل) بالقول: نحاول الآن مع وزارة الكهرباء العراقية، أن ندخل هذه التقنية ليس فقط في محطة بسماية بل في كل المحطات العراقية، خاصة وأن بسماية لن تكون فقط لبغداد بل لكل الشبكة الوطنية، فعندما نقوم بربطها بالشبكة الوطنية سترتفع كفاءة عمل المحطة بشكل عام. وبخصوص مشاريعهم المقبلة في العراق، قال (بيل) انهم لا يحاولون جلب الحلول الرقمية فقط، بل يبنون المحطات الكهربائية أيضاً "ونحن نقوم بهذا العمل لأجل اتاحة الحلول الممكنة لتحسين عمل الكهرباء كي لا يعاني المواطن العراقي خلال الصيف من شحّتها".
من جهته يقول رئيس الصناعات الرقمية في شركة جنرال الكتريك في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بهانو شيكار، في حديث لـ(لمدى): اننا نحاول جلب افضل الحلول التكنولوجية للعراق في مجال الطاقة وتحديثها لرفع كفاءتها سواء أكانت من المعدات أم خدمة الانترنت الصناعية، كما نحاول أن نوسع كادرنا في العراق من خلال التوظيف في مجال علوم الحاسبات لتطوير مهاراتهم وتدريبهم، حيث استطعنا مضاعفة كادرنا في العراق الى ثلاثة أضعاف العدد، خلال السنوات الماضية.
واستطرد شيكار قائلاً: نحاول أيضاً أن نبدأ بداية صحيحة ولا يكون هناك هدرٌ بالأموال، لذلك نحن نربط كل أجهزة التحسّس للشركة بجميع انظمة الطاقة في العراق لنحصل من خلالها على معلومات كاملة نستطيع فيما بعد أن نحلل ونرى مكان الخلل في أية محطة لمعالجته. وأضاف: وهذا سيقلل أولاً الكلفة لأن وجود الخلل يجعل الحكومة تصرف مبالغ لإصلاحه، كما يسهم أيضاً في تقليل انقطاع الكهرباء. وفي عملنا ستكون هناك متابعة ومراقبة واصلاح لكل شيء عن بعد وفق المعلومات التي تردنا من المحطات.
وفيما يخصّ التجاوزات والعشوائيات، قال شيكار: بالنسبة لمسألة العشوائيات، فإن نظام المراقبة هذا عندما يدخل حيز التطبيق في المحطات الكهربائية، سنرى بالضبط اين يمكننا معالجة مشكلة الكهرباء وأين مكان الزائد وما يهدر من الطاقة، وما نعمل عليه الآن يسمّى "المدينة الحديثة"، وهي انك تراقب كل شيء من غرفة واحدة وتشخّص مكان الخلل وتعالجه، فنحن قبل أن يحدث أي خلل في أية محطة نحاول أن نعرفه قبل 24 ساعة من حدوثه، وخلال ثوانٍ يكون الاتصال مباشراً مع المحطة الرئيسة.
وختم شيكار بالقول، إنهم طبّقوا هذا النظام في العراق بداية في محطة بسماية: لكن خلال ستة أشهر سيكون للعراق محطة انترنت صناعية كاملة تغطي كل شبكات الكهرباء في البلاد، وخلال عامين يستطيع العراق استرجاع المبالغ التي تم استثمارها معنا لهذا المشروع وفق المقدار الذي سنوفّره لحماية الطاقة.