TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أحمد الصدر و "الازاحة الجيلية"

أحمد الصدر و "الازاحة الجيلية"

نشر في: 26 إبريل, 2017: 07:33 م

منذ عامين وتيار الصدر يمر بأزمة "وجودية" أفقدته الكثير من ثقله السياسي والاجتماعي، رغم استمراره بالتحشيد الجماهيري في أكثر من مناسبة، في استعراض وتحدٍ واضحين لخصومه وحلفائه على السواء.
وتعود أزمة التيار الى تبني زعيمه مشروعاً للاصلاح السياسي ومناهضة الفساد، كانت (كتلة الاحرار) أول وأبرز ضحاياه. فنزولا عند الانتقادات التي توجه للصدر لجهة مشاركته في البرلمان والعملية السياسية، قرر، في أول خطاب له في ساحة التحرير العام الماضي، "التبرؤ" من كتلته وجميع ممثليه في الحكومة والبرلمان الاتحاديين.
وما فاقم أزمة التيار، ان الاصلاحات التي اطلقها الصدر داخل تياره أدت الى انشقاق وابعاد العديد من قياداته المتقدمة والمتوسطة.
هذه التحولات والتطورات وضعت التيار عند أزمة قيادة حقيقية، الأمر الذي دفع زعيمه الى الاستعانة بنجل شقيقه الشاب، أحمد الصدر وتسليمه تدريجيا ملفات مهمة في قيادة التيار.
بعض المراقبين لاداء التيار الصدري، رأى ان التصفيات التي قام بها الصدر داخل تياره كانت تسعى لتنفيذ "إزاحة جيلية" داخل تياره، تمهد الطريق أمام قيادات شابة من بيت الصدر لا تثقلهم "العمامة" ولا إرث معاداة الغرب.
لكن هذه الرؤية لا تصمد أمام حقيقة، ان التيار الصدري يعدّ من أبرز الاطراف السياسية العراقية التي مارست "الازاحة الجيلية"، وقامت بالتخلي عن وجوه العديد من قياداتها السياسية والدينية. خصوصا وان التيار يتمتع بقيادة مركزية شديدة لا تسمح بالاجتهاد والتجديد في الخطاب والاداء.
عموماً، فإن صعود نجم أحمد الصدر، يبدو انه "ضرورة صدرية" للخروج من عنق الزجاجة التي يعاني منها التيار الصدري، وادخلت زعيمه في حالة احباط من تياره وحلفائه في الساحة السياسية.
فالصدر الشاب، بإمكانه تخطي بعض المتبنيات السياسية والدينية التي بات من المستحيل على عمه تجاوزها، كتبني ولاية الفقيه بنسختها الصدرية، والموقف من الغرب ودول الاحتلال.
واليوم أمام التيار، بقيادته الجديدة، فرصة متاحة لكي ينزع جلبابه الديني وينخرط بالعمل السياسي بعيداً عن المتبنيات التي أثقلت كاهل زعيمه مقتدى الصدر ومنعته من قطف ثمار ثقله وتأثيره في الساحة العراقية.
سيتاح لأحمد الصدر، لو نجح بالإزاحة الجيلية، الإفادة من عنصري الكفاءة والالتزام التي تتوفر بالعديد من قيادات التيار ونوابه البارزين.
اضف الى ذلك، فان الدفع بدماء جديدة وتحميلها مسؤوليات العمل السياسي بكل تعقيداته والتزاماته، سيمنح زعيم التيار الصدري فرصة للخروج من دائرة الاشتباك السياسي المباشر الذي استهلك الكثير من طاقته. فبإمكان مقتدى الصدر، من الان فصاعدا، التفرغ لترتيب أوراق جمهوره، والعمل على مسارين مختلفين لكنهما يلتقيان في نهاية المطاف، مسار ديني يركز على تنشئة الاتباع، ومسار سياسي يعبىء وينظم الاتباع في اطار مشروعه السياسي.
لكن نجاح هذا التحول الصدري يعتمد على عدة عوامل، على زعامة التيار العمل على توفيرها. الأول، منح القيادة الشابة هامشا من الحرية تساعدها على اخراج التيار من أزمته، وفتح الأبواب امام الجيل المتنور من الشباب الصدري.
كما تحتاج القيادة الصدرية الجديدة الى توسيع أطر إتخاذ القرار، والعمل على تشكيل تنظيم سياسي وعدم الاكتفاء بالحالة الهلامية التي اختارها التيار خلال الـ14 عاما الماضية.
سيقدم التيار الصدري خدمة كبيرة للعمل السياسي، إذا ما التزمت قيادته بتطبيق "الازاحة الجيلية" داخل مفاصله، لأنها ستؤدي للاصلاح الذي يطالب به زعيم التيار منذ أعوام من دون جدوى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram