اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تأملات في الشعر: الجميل والجليل

تأملات في الشعر: الجميل والجليل

نشر في: 28 إبريل, 2017: 09:01 م

(2-4)
الشعر ليس معطىً بديهياً وليس مَلَكَة غامضة المصدر. الشعر احساس مغاير جذرياً بالوجود، لعله الأعمق، لذا غير مفهوم، لغةَ واستعارةَ، بالنسبة لقواعد وأعراف الوجود المستتبّة ولغة الموجود المألوفة واستعاراتها.
أنت شاعر غنائيّ. أنت شاعر لستَ غنائياً. من أنت على وجه الدقة؟
هناك طريقتان لقراءة تعبير شعريّ مثل: حَجَرٌ مُهَلْوِس. قراءة عقلانية قد تعتبره تافهاً، وقراءة أخرى ستَرى الصلب والصلابة في حالةِ استثارةٍ من استثارات الحُمّى.
الشاعر ليس صانع استعارة، إنما صانع معنى مختلف ربما عبر الاستعارة… ربما..
الشاعر حطّاب الغابة كما قيل قبلنا.
يُعتقد أن شاعراً عربيّاً جديراً بلقب (شاعر)، لا بد أن يمرّ عبر مصفاةِ اعترافٍ أوربيةٍ به، أولاً. ألمْ ترَ الساعين لترجمة أعمالهم الشعرية بكل غالٍ ورخيص، من أجل هذا الهدف وليس سواه.
ها أنا أكتشف أن بعض قرّاء كتاباتكَ، يقرأون تصورّهم عنكَ، السالب أو الموجب، وليس فحوى كتاباتكَ الفعليّ. هذا أمر مثير حقاً. حقاً، في الذهن العربيّ.
النقد الأدبيّ العربيّ، أعني الشعريّ خاصةَ، لا يمكن أن يكون محليّاً، وطنيّاً مُغْلَقاً. عندما تنغلق بين جدران أربعة وتعتبرها شعر العالم، فقد أوهمتَ الشعر بما ليس من طبعه. الحقيقة أن نقد الشعر في العالم العربيّ محليّ، وطنيّ، منغلق على ما لا يمكن الانغلاق عليه
قارئ فخم، قارئ لا يلتقط الطُّعْم السهْل، قارئ حاذق، يَقْرَأ في الرمل، قارئ حُصْن، قارئ للشعر، يعرف الجميع أن لا وجود إلا لظلّه، اليوم، على الأرض. أرضنا.
كلمةٌ مثل (الشاعر) في العالم العربيّ، لا فحوىً محدّداً لها اليوم، في الغالب الأعمّ. وهو خطأ وجودي يرتكبه القاموس المحليّ المعاصر. الاعتراف بذلك يجنّبنا سجالات لا فائدة منها.
لا يتوجّب، في رأيي، على جميع الشعراء العرب، بمختلف (الطبقات) والمستويات والإمكانيات، القبول بدور (الكومبارس) في الندوات واللقاءات والمهرجانات الشعرية. لا مكافأة مثل مكافأة الذات، الخالصة. أعرف أن هذا الرأي لا قيمة له لدى بعض الشعراء في
بعض البلدان.
فيما يتعلق بالثقافة الشعرية العربية، السائدة، لا يتوفر حتى اللحظة، تَصَوُّر دقيق عن الجوهر (التأمليّ) الذي هو المسعى الأساسيّ للشعر الحديث والمعاصر. ثمة تصوُّر آخر، أقلّ تأمّلاً بكثير. لو توقف قارئٌ أمام مثل هذا المسعى عند شاعر (أجنبيّ)، فلا يتوقف أمام مثيله عند شاعر (عربيّ). هذا أمر يثير العجب.
الشعر، الثقافة ليست نزهة نهرية أو بحرية أو سفرة سياحية للآثار القديمة والبساتين الجميلة. ضعوا لي لايك وفكّروا بأنفسكم وأجيالكم.
شعرياً، "وافق شنّ طبقه" مبدأ دقيق جداً.
في الثقافة، في تقنيات العمل الفنيّ والشعريّ، تعلمتُ ألا أُصْغي فقط لنفسي، زاعماً أني أُصْغي للآخرين. أُصْغي حقاً للآخرين وبعمق. أصغي أولاً ثم أفعل ما يحلو لي.
الأحمق هو من عَرف بعض الاستعارة، ولم يرَ.
يتأملون قُرْصَ رغيف كتابتكَ، سيدي الشاعر، ويقضمون أطرافه على مَضَضٍ. أنتَ لا تفعل سوى مراقبة حناجرهم لحظة الابتلاع الصعْب، سيدي.
قارئ الشعر يقف في مستوى الشاعر نفسه، دائماً. مَنْ هُما، وما مستوى الكائنين؟ هنا لن يقبلنا لا هذا ولا ذاك، وفي عدم القبول ذلك، لو صحّ، بعضٌ من ملامح الأزمة.
نحن الآن في نهايات العالم الثقافيّ العربيّ الذي أنْتَجَ الخرائب الراهنة. شطرٌ كبيرٌ من هذه النهايات سيُكنس مع كتاباته، لكن الخرائب لم تُنتج، تاريخياً، الخرابَ الشعريّ بالضرورة. العكسُ صحيحٌ أيضاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram