كيف يجري تقييم الوقائع الراهنة في عالمنا المجنون ؟؟ ماهي المعايير التي يعتمدها الصحفي؟ وماهي المقاييس التي يعتمدها الكاتب والمؤرخ لتدوين الوقائع ؟ كيف سيكتب مدون حوليات الشعوب وقائع زمننا على حقيقتها؟ وماهي الحقيقة ؟ هل يتخذ الصحفي وجهة نظر شخصية أم أخرى نابعة من موقف ايديولوجي؟ أم تراه يدوّن وقائع الكارثة العالمية منطلقاً من انتماء قومي أو طائفي ؟؟ أم أنه يكتب ليرضي ولي نعمته ويديم قوت عياله مشيحاً عن تقصّي الحقيقة واعتناقها ؟؟ ولكن ماهي الحقيقة في هذا العالم الشبيه بلوحة مائية سالت ألوانها واختلطت مع بعضها، وصرنا نرى شواشاً من الألوان والخطوط التي لامعنى لها ؟؟ أين نعثر على الحقيقة والعالم منقسم الى قتلة ومقتولين ولصوص ومسروقين؟ كيف لنا أن نمسك طرف خيط الحقيقة ووسائل الإعلام تنطق بأهواء سادة الدول المهيمنة؟ أو تفبرك معلومات زائفة عن الواقعة والحدث؟؟ كيف نتوصل إلى الحقيقة وعالمنا مقسّم الى غزاة وطغاة وإلى منتفعين من الغزاة ومنتفعين من الطغاة ؟ كيف نبلغ كنه الحقيقة وهناك كتبة ومؤرخون يلوون عنقها ويزيفون تواريخ ملفقة لمن يدفع ولمن يهيمن؟ أين نعثرعلى أطياف الحقيقة والعالم مقسّم إلى جموع موالية للخديعة وإلى مناهضين للمظالم وحروب الساسة؟ ماهي الحقيقة إذن؟؟ هل هي مانقرأه في الصحف أم مانراه من أفلام وثائقية مكرّسة لترويج فكرة محددة عن شخوص ووقائع؟؟ هل هي مايتداوله العامة من شائعات يتضاعف حجمها بالتناقل والترويج ؟
أين الحقيقة ؟ هل نجدها فيما يتداوله مستخدمو وسائط التواصل الاجتماعي من صور معدلة ومزيفة عن أشخاص وحوادث وأقوال؟ أم أنها في نشرات أخبار الفضائيات التي تروّج لما يؤمن به مالكوها وما يشترطه ممول القنوات من تلفيقات وتزييف من أجل إيصال فكرة مناقضة لما يظنه ويراه الناس ؟؟
أين الحقيقة ياترى ؟؟ هل هناك أشدّ وضوحاً من حقيقة الدم البشري وشهقات النساء المغدورات وجثث الضحايا وخراب المدن وحرائق الأدلة ؟؟ أين نعثر على الحقيقة والأرض مقسّمة بين قتلة يملكون التصرف بمصائر البشر بناءً على أهواء شخصية وتلفيقات فكرية وادعاءات دينية، وبين ضحايا لايملكون في جنون هذا العالم سوى أن يموتوا ليحيا سادة الجنون..
أين الحقيقة في عالم تتحكم به حماقة قادة يعيدون تركيب قطع الدومينو كما تتطلب مصالحهم وزهوهم بسلطتهم وقدراتهم الخارقة ؟؟ أين الحقيقة فيما يصرح به حكام عالمنا الفاسدون عن انقاذ الشعوب من طغاتها وهم يشعلون حرائقهم بعدالة منقطعة النظير في أرواح الناس ومدنهم وأحلامهم ؟
كل شيء مختلط بكل شيء: سيولة فادحة جرفت القيم والمعايير وأنهت أزمنة عتيقة كانت البشرية فيها تمتلك – في الأقل - قدراً مقبولاً من مقومات حياة وقيم محددة واضحة في السلم والحرب، ولم يعد التاريخ لدى الدول الكبرى سوى ماضٍ مسكون بالعبث واللاجدوى ومثله المستقبل، على الضد من الحكومات البائسة التي تهيمن على مقادير الشعوب المغلوبة فهي تشتغل وتعتاش كالطفيليات على التاريخ المندثر والموروث لتخدع الجموع عن حاضرها وتحيا وحدها في مباهجه، لم تعد ثمّة حقائق صلبة سوى أرباح الشركات الكبرى وسلطة كبار المالكين في الدول العظمى، فقد أعلن هنري فورد، ملك صناعة السيارات الأمريكي ذات يوم، بأن (التاريخ هراء) وقال (نحن لانريد تراثاً لأننا نريد أن نحيا في الحاضر وحده، وأن التاريخ الجدير بالاهتمام هو التاريخ الذي نصنعه اليوم).
يتبع
عالمنا المجنون: أين الحقيقة؟؟
[post-views]
نشر في: 29 إبريل, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...