عندما يزول مفعول الصدمة في الذات البشرية تنشط الحكمة في العقل لتحدّد مسارات الانتقاد باتزان ووعي في محاولة لاستعادة الاعتبار للشخصية كي تغدو أكثر قبولاً لمزاج الأنفس لدى المجتمع بعد مرحلة النفور بفعل نتائج الأعمال وردّات الأفعال عن مرحلة سابقة كانت أشبه بالمغامرة الخاسرة منذ البداية.
ما أدلى به المدرب راضي شنيشل من حديث متشعِّب لقناة الرياضية العراقية كان محط إصغاء ليس للعقلاء فحسب، بل حتّى لأصحاب " الخطاب المسموم ممن لا يحبون الخير للعراق " كما وصفهم ولم يكشف عنهم، كان حديثاً متناهياً في الصراحة، وكأنه أَجّل كل الكلام المكبوت للساعة هذه، ولم يدع أيّ محور من اللقاء إلا وضمَّنه عتاباً قاسياً على الإعلام الرياضي، يستصرخ فيه المهنية والذمّة والشجاعة لشعوره مثلما بانَ على وجهه وحركة يديه وانفعاله أحياناً أنه – أي الإعلام – أخلى الساحة لأنفار ممن يعتقد أنهم وراء محاربته وتسقيطه وتأجيج الشارع ضدّه ونزع الثقة عنه في نهاية المصير.
من حق الكابتن راضي أن ينتهز أوّل أطلالة محلية له منذ انتهاء مؤتمر جدة الذي أعقب موت الأمل العراقي في تصفيات كأس العالم 2018، ليبدأ بالهجوم المضاد من أجل استعادة مكانته والتعبير عن سخطه لما جرى له بفعل بعض الزملاء، لكن ليس من حقّه أن يرسم صورة رمادية لواقع الإعلام ويختزل صورته في قناة أو صحيفة تتحمّل كل منها مسؤولية ما تبثّه من برامج حوارية أو ما تنشره من مقالات وتقارير يرى فيها إساءة قصدية له، هذا تجنٍ كبير وفاضح لا يمكن قبوله من مدرب يمتلك تجارب عدّة في الساحتين المحلية والدولية، ويوقن بثقة مطلقة أن هناك عشرات الإعلاميين ومنهم كاتب السطور، مهّدوا عن إيمان كبير لقدومه وتولي مهمته عبر لقاءات مباشرة معه ومقالات تشيد بكفاءته كمدرّب مجتهد بطموح متفائل يمكن أن يجد الطريق الآمن للأسود في رحلة المونديال استناداً إلى عمله في أمم آسيا 2015، لكن لا يمكن للإعلام أن يُخادع الرأي العام ويتبنّى طروحات غير منطقية للتمسّك بخياره بينما المنتخب يتراجع بخمس هزائم ولم يعرف الاستقرار في تشكيلاته وفقد نجوماً بارزين منذ تسنّمه المهمة لا يستحقون الإقصاء ؟!
نقف بأطوالنا وألسنتنا لندافع عن كرامتك وسمعتك ومكانتك كعراقي بذل العرق والدمع، وعشت حقب الخوف في زمن الاستبداد ولم ترتبك في واجبك ودافعت بضراوة عن عرين الأسود وخلعت فانيلتك في قمة العطاء، وحتى بامتهانك التدريب لم تتملّق أو تتودّد لطلب الفرصة بحسن النية أو التهديد، لكننا لن ندافع عنك عندما تقودك بعض الحلول الفكرية للهزيمة في مباراة لا تقبل غير فوزنا عنواناً لها، ولن نداهن تبريراتك اللامنطقية وأنت تحدّثنا عن بناء منتخب بأعمار لاعبين أغلبهم تجاوز الـ26 عاماً، ومن المستحيل أن نساير حكاية أملك الموعود بانتزاع بطاقة الملحق المونديالي وقبلك من رفع الراية البيضاء بالانسحاب من الواجب الوطني برغم حصوله على نقاط وترتيب أفضل في المجموعة نفسها لأن أمانة الوطن ثقيلة وودائع سمعته محفوظة في جميع قلوب العراقيين وأنت واحد منهم، فهل يرضيك ذُلها أكثر من ذلك ؟! من دون شك لا.
صراحة نترقّب اليوم وغداً أن يحدّثنا راضي شنيشل عن اسباب الأخطاء الفنية التي تناولها الخبراء والمنصفون أمثال د.جمال صالح ود.حارس محمد ومحمد جواد الصائغ وغيرهم، ولا يركن الأزمة في زاوية الإعلام ويغلق ملّفها بمديح رئيس لجنة المنتخبات فالح موسى، الذي تناقض في رأيه، مؤكداً عدم استقلالية لجنته وإلا كيف يفرّط بخدماته لو كان الحظ وحده من خذله!
لن يجد راضي شنيشل بديلاً للعراق ليُكمل مسيرته التدريبية ويعزز مقومات تحديه لمن يرى فيه شخصاً انهزامياً إلا بقبول مهمة محلية يواصل فيها منح خبرته ويضع مشروع بناء الكرة في النادي الجديد الذي يوفر له مستلزمات النجاح شريطة أن يستمع للمشورة الناجعة ولا ينطوي على قناعاته، أما إعلانه الامتناع عن التدريب في العراق عطفاً عمّا واجهه من حرب شرسة استهدفت إفشاله فهو قرار غير صائب ويعطي المبرر للآخرين بتقييمه كيفما تشاء أهواؤهم.
الإعلام الرياضي يبقى الداعم لجميع المدربين الوطنيين الأكفاء، ولا ننسى هناك حملة مفتعلة ربما يقودها اصحاب الغرض السيئ ضد أبرز قادة كرتنا وآخرهم المدرب القدير عدنان حمد الذي انتشر خبر تعرّضه للضرب من قبل جماهير الوحدات كالنار في الهشيم عبر عدد من المواقع الأردنية والعراقية غير الرسمية الثلاثاء الماضي، وعند اتصالنا به نفى ذلك مؤكداً أن نتائج الفريق هذا الموسم ممتازة حيث خاض 27 مباراة في ثلاث بطولات (الدوري والكأس والآسيوية) لم يخسر خلالها سوى مرة واحدة، ما يعني أن هناك نفوساً مريضة لا تحب الخير لنجاح المدرب العراقي سواء أكان عدنان حمد أم حكيم شاكر أم راضي شنيشل أم غيرهم لغايات تقف بالضد من مصلحة العراق وسعينا جميعاً لمعافاته في جميع ضروب الحياة.
شنيشل .. تحدّى ولا تنهزم
[post-views]
نشر في: 29 إبريل, 2017: 04:21 م
جميع التعليقات 2
أبو أثير
أود أن أضيف بعض الكلمات الى مقالة ألأستاذالصالحي ... لماذا يستكثر السيد شنيشل طلب الجماهير الرياضية وألأعلام الرياضي له بترك المنتخب وألأستقالة ... ويعتبرها مساس بشخصه وقدراته التي لم نراها على الواقع الكروي ... فهناك كانت سوابق لتنحي مدربين نجوم ومن كان
نااصر الببياتي
الاستاذ اياد ارجو منك ملاحظظة ما قاله البسيد راضي شنيشل بعد النتائج السيئة للمنتخب في التصفيات الاخيرة حيث بدء ههو وبعض مقدمي الببرامج الرياضية وبانانيته المعهودة بالتقليل من شان وصولنا لكاس العالم عام 1986 متذرعا بالقول ان العراق صعدلكاس العالم عند فصل ش