adnan.h@almadapaper.net
النتيجة التي انتهى إليها الاستجواب البرلماني لمجلس المفوضية العليا للانتخابات يُمكن، بل يبدو، أن يكون مدعاة للمزيد من الشقاق بين القوى المتنفّذة في السلطة. ولأننا في سنة انتخابية فليس من المستبعد أن ينطوي هذا الشقاق على عمليات ضرب تحت الحزام.
هذه الخشية لها كل ما يبرّرها، فالقوى المتنفذة لم تتعلم بعدُ قواعد اللعبة السياسية .. إنها في الغالب تتعامل في ما بينها ومع الأشياء على النحو الذي تتعامل به العصابات والمافيات التي تفتقد تعاملاتها الى الأخلاقيات، ومن آخر العلامات على هذا الحروب الإلكترونية، عبر شبكة الانترنت، التي أشعل فتيلها البعض من هذه القوى بعيداً جداً عن أي وازع أخلاقي أو رادع قانوني.
القوى المستفيدة من نظام المحاصصة الذي أقيم بديلاً عن النظام المُحدد في الدستور، لا تريد أن تمضي عملية الاستجواب الدستورية إلى منتهاها فتؤول إلى سحب الثقة من مجلس المفوضية، وتشكيل مجلس جديد، وإعادة هيكلة المفوضية لتتحوّل الى هيئة مستقلة تكون موضع ثقة الشعب، بوصفها أهم هيئة معوّل عليها في وضع وترسيخ النظام الديمقراطي الاتحادي الذي اختاره العراقيون منذ 12 سنة عندما صوّتوا لصالح الدستور المركونة جانباً معظم مواده منذ ذلك الوقت.
ما كان يُمكن لمفوضية الانتخابات أن تكون مشكلة لو أنها تأسست على نحو سليم خارجاً عن نظام المحاصصة .. المخالفات والخروقات ووقائع الفساد التي كشف عنها الاستجواب البرلماني قبل عشرة أيام، ما كان لها أن تحصل، أو كانت ستحصل بمستويات دنيا، لو أن مجلس المفوضين وسائر دوائر المفوضية، قد تشكّلت على وفق معايير الكفاءة والوطنية وليس استناداً إلى قواعد المحاصصة الطائفية والقومية المعتمدة أيضاً في سائر مؤسسات الدولة.
نظام المحاصصة انتهى مفعوله تماماً وأصبح منتهي الصلاحية وخارج نطاق التغطية. هذا ما يتعيّن على القوى السياسية المتنفذه في العملية السياسية أن تدركه. عدم الإدراك سيتسبّب في الكثير من الشقاق ومن الصراع الذي ستُسفك فيه دماء عراقية بريئة مثلما حصل على مدى الأربع عشرة سنة الماضية.
نظام المحاصصة أصبح الآن كائناً ميتاً، تحلّلت جثته وصار من الواجب دفنها، ففي الدفن إكرام للميت. التمسّك بالمفوضية الحالية هو كالتمسّك بجثة متحلّلة، ويمكن له أن يسمّم الحياة السياسية والاجتماعية أكثر مما هي عليه الآن.
الخطوة العاقلة الحصيفة المطلوبة الآن من القوى السياسية العاقلة، ليست فقط سحب الثقة بمفوضية الانتخابات وحدها وإنما أيضاً بكامل نظام المحاصصة الذي كانت المفوضية وسائر الهيئات "المستقلة" أبناء
شرعيين له.
خطوة كهذه هي ممّا يجعل اللعبة السياسية في العراق تمضي على وفق القواعد السليمة والأصول الصحيحة... وهي مما يساعد على تحقيق السلم الأهلي المُفتقد، وتوطيده.
جميع التعليقات 1
أبو أثير
سيدي الكريم ... مهما ناديت وطلبت من االكتل وألأحزاب السياسية المتصدرة للسلطة منذ 2003 ولحد ألآن ... بترك المحاصصة القومية والمذهبية والمناطقية والعشائرية ... فلن يستجيب لك أحد والسبب هو أنهم لو لا هذه الرموز والمصطلحات التي جاؤوا بها من عقولهم الفارغة ..