تتواصل معارضة مشروع الحكومة لخصخصة قطاع الكهرباء، الذي تتمسك به وزارة الكهرباء بوصفه اجراء للحد من الهدر في الطاقة الكهربائية والذي يكلف الدولة مبالغ طائلة، ولتخليص المواطن من التعامل مع المولدات الخاصة، وجعل تعامله مع الوزارة فقط عن طريق المستثمر، ف
تتواصل معارضة مشروع الحكومة لخصخصة قطاع الكهرباء، الذي تتمسك به وزارة الكهرباء بوصفه اجراء للحد من الهدر في الطاقة الكهربائية والذي يكلف الدولة مبالغ طائلة، ولتخليص المواطن من التعامل مع المولدات الخاصة، وجعل تعامله مع الوزارة فقط عن طريق المستثمر، فيما يرى خبير في الشأن الاقتصادي، أن تحقيق الجدوى الاقتصادية من هذا المشروع يكون بتقليص ما تنفقه الدولة من موازنتها على الكهرباء وما ينفقه المواطن للحصول على هذه الخدمة..
وزارة الكهرباء تؤكد على لسان المتحدث باسمها مصعب المدرس، أن عقود الخدمة والجباية التي تبرمها، هي في صالح الطبقات الفقيرة. ومع أنه لا توجد لدى الوزارة قاعدة بيانات لهذه الطبقات، فإنه يتم تحديد محدودي الدخل من خلال الاستهلاك. ويقول المدرس في تصريح لـ (المدى): إن تسعيرة الوزارة مدعومة حيث يصل مستوى الدعم الى ٩٤٪، الأمر الذي يعني أننا نريد تخليص المواطن من التعامل مع مولدات الأحياء حتى يكون التعامل فقط مع وزارة الكهرباء عن طريق المستثمر. ويوضح بأن: التعرفة المستحصلة هنا من جباية الكهرباء مدعومة بمعنى أن ما يسدده المواطن لمولدات الحي يمكن أن يسدد منه ٢٠٪، لوزارة الكهرباء مقابل كهرباء لمدة ٢٤ساعة، في حين يعود باقي المبلغ له.
المدرس، يرى أن الاصوات المرتفعة معارضة للمشروع تعود لمن "ضربت مصالحهم بعد توجه الوزارة للخصخصة، وهؤلاء هم من يروّجون بشكل سلبي ضد مشروع خصخصة الكهرباء من اجل إفشاله، لكن على الرغم من كل ذلك، فإن الوزارة ماضية في تحقيقه، كونها حققت قصص نجاح كثيرة في هذا المجال في مناطق متعددة في العاصمة، مثل زيونة واليرموك والعامرية والسيدية وحي الجامعة والمنصور، وهناك أيضاً عقود أبرمت في محافظات أخرى مثل البصرة، واسط، كركوك، ومدينة سامراء، ولدينا أيضاً محاولات لجميع محافظات الفرات الأوسط، فهدفنا خدمة المواطن والسيطرة على عملية توزيع الكهرباء".
يوضح المدرس أيضاً أن: موضوع تسديد أجور الطاقة الكهربائية التي ألزمتنا بها هذه العقود أيّ عقود الخصخصة ، هي بالأصل موجودة في موازنتي 2017 و2016 ، كون المادة ١٥ في قانون موازنة ٢٠١٦ والمادة ١٤ في قانون موازنة ٢٠١٧ أكدت أنه على وزارة الكهرباء أن تدخل في مجال ابرام عقود استثمارية وتشترك مع القطاع الخاص في الانتاج والتوزيع، وأن تقوم بجباية مبالغ الخدمة التي تقدمها، وفي حالة عدم جبايتها فإن وزارة المالية ملزمة بأن تستقطع هذه المبالغ من حصص وزارة الكهرباء من الموازنة، لكن هناك من ضربت مصالحهم وعلى رأسهم اصحاب المولدات الأهلية، مواصلاً، فنحن لدينا ١٨ ألف مولد في بغداد والمحافظات، بالإضافة الى قرابة ٦ آلاف مولد حكومي و١٧٠٠ مولد صناعي، وهذه المولدات كلها تأخذ مادة "الكاز أويل" وهي أغلى انواع الوقود لكن يتم بيعها بسعر مدعوم.
ويستطرد المدرس قائلاً، أن ٥٣ الف متر مكعب من مادة "الكاز أويل" يتم منحها للمولدات الأهلية فيما يتم منح ١٢ الف متر مكعب من هذه المادة للمولدات الحكومية، فيما يتم منح ٦ آلاف متر مكعب للمولدات الصناعية، ونحن نعلم أن ٧٠ ٪ من هذه الكميات لمادة "الكاز أويل" تباع في السوق السوداء، ناهيك عن مصالح تجار الزيوت وتجار قطع الغيار التي ستضرب في حال تجهيز المواطن بالكهرباء لمدة ٢٤ ساعة، لذلك فكل هؤلاء بدأوا يروّجون لتسعيرة كهرباء ليست حقيقية في حال خصخصة الكهرباء للتشويش على المواطن، لكننا ماضون بتنفيذ هذا الموضوع الذي هو أيضاً مشروع حكومي، وهو قانون ولا يمكن الغاءه إلا بقانون.
الخبير الاقتصادي احمد بريهي، يرى من جهته في حديث لـ(المدى): أن نجاح خصخصة الكهرباء يعتمد على الأسعار، وإذا ما وفرت هذه الخطوة للمواطن أسعاراً معقولة سيشعر بارتياح، واذا ما ساهمت في خفض نفقات الدولة على الكهرباء هذا يخدم الموازنة، لكنها اذا لم تخدم هذا ولا ذاك، فبالتأكيد هي اجراء غير موفق، مشيراً الى أن، هذه الخطوة نستطيع تقييمها وفق معيارين، هما ماذا تنفق الدولة على الكهرباء من الموازنة، وماذا ينفق المواطن للحصول على هذه الخدمة وليس هو فقط بل النشاط الإنتاجي أيضاً، والحصيلة في نهاية الأمر، هي مجموع ما ينفقه المجتمع من الدولة والقطاع الأسري وقطاع الأعمال على الكهرباء، حيث يجب في المنظور البعيد أن يكون محصول ما ينفقه هؤلاء على الكهرباء قليلاً نسبة ما موجود الآن.
ويضيف بريهي: أن التوليد هو" انتاج الكهرباء" وهو لغاية الآن بيد الدولة، ومسألة الخصخصة حتى الآن، لا تشمل التوليد، موضحاً أن الكهرباء توليد ونقل وتوزيع، واذا كان توليد الكهرباء بمقادير كافية تغطي الاستهلاك في القطاع الأسري والخدماتي والانتاجي، من زراعة وصناعة وغيرهما، فلم تعد هناك حاجة الى المولدات الخاصة وأصحابها، وبالتالي فإن وزارة الكهرباء تقصد بهذا الإجراء أن الكهرباء اذا ما اصبحت كافية من الشبكة الوطنية، فإن ما يدفعه المواطن وصاحب المعمل للكهرباء من الشبكة الوطنية ستكون الكلفة عليه أقل مما كان يعطيه للمولدات، وهنا نستطيع تحقيق الجدوى الاقتصادية المرجوّة من هذا التحول.
وقرار عرض قطاع الكهرباء على الاستثمار الخاص، أجيز من مجلس النواب العراقي، بعدما فشلت الكثير من المساعي التي بذلتها الحكومة لتحسين هذا القطاع خلال السنوات التسع الماضية، رغم صرف نحو 27 مليار دولار دون نتيجة تذكر، حيث صوّت لصالح القرار 199 نائباً، في حين رفضه 101 آخرون.
وتبيع وزارة الكهرباء حاليّاً المواطنين الكيلو واط/ ساعة من الكهرباء بسعر 10 دنانير عند استهلاك ألف كيلو واط، وعندما يرتفع الاستهلاك إلى 1500 كيلو واط يصبح السعر 20 ديناراً، ثمّ يرتفع إلى 40 ديناراً عند وصول الاستهلاك إلى ألفي وحدة.