TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبادي اذ يتحدّى ويصمت!

العبادي اذ يتحدّى ويصمت!

نشر في: 3 مايو, 2017: 06:39 م

خلال أقل من اسبوع، شهدت البلاد تطورين أمنيين دفعا رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة لإطلاق موقفين متناقضين، بحاجة الى مزيد من التحليل والتأمّل. الأول تحرير قضاء الحضر، والثاني يتمثل بعودة داعش الى غربي الانبار، بعد عام من التحرير.
فمنذ اسبوع يلتزم القائد العام للقوات المسلحة الصمت بشأن النصر العسكري الخاطف الذي تحقق بتحرير قضاء الحضر وآثاره التاريخية، على يد الحشد ومقاتلي عشائر نينوى.
لقد كسر النصر في الحضر حالة الجمود والاحباط التي تعاني منها قواتنا التي تخوض معارك شرسة منذ أسابيع في الموصل القديمة.
ونظراً للحساسيات الداخلية والاقليمية التي رافقت انطلاق عمليات تحرير الموصل، فقد تحولت هذه العملية الى مصدر لاستنزاف قطعاتنا بشريا ومعنويا. كما باتت العملية مصدرا لتخريب ما تبقى من البنى التحتية في المدينة. والأخطر من ذلك، ان التعقيدات الميدانية والجغرافية باتت تهدد ارواح عشرات الآلاف من الأهالي العالقين في مناطق القتال.
على الجانب الغربي، حيث تقع تلعفر، منع الفيتو التركية من فتح محور مهم ضمن عملية تحرير الساحل الأيمن. والنتيجة اننا امام معركة بلا سقف زمني، مفتوحة على سيناريوهات مؤلمة ومدمرة.
في مثل هكذا ظروف، جاءت عملية الحضر الخاطفة والناجحة، لجهة موقعها الستراتيجي الذي يربط الموصل بالانبار وصلاح الدين. كما ان هذه الخطوة قرّبت قواتنا خطوة من معاقل التنظيم في البعاج والقائم، وهي بذلك تمهد الطريق لاطلاق عملية مشابهة من غربي الانبار.
 لكن هذا النصر الناجز، لا يرى "القائد العام" انه يستحق التنويه والاشادة. فمنذ تحرير بيجي، بدأ رئيس الوزراء بالتمييز بين القوات المشتركة. وباتت زياراته واشاداته حكراّ على قوات مكافحة الارهاب، وهي تستحق ذلك بكل تأكيد.
لكن المراقبين لم يسمعوا ولم يشاهدوا رئيس الوزراء يولي نصف هذا الاهتمام لقطعات الجيش او الشرطة الاتحادية، او الحشد الشعبي ومقاتلي العشائر.
للأسف فإن مستشاري القائد العام يغفلون عن تنبيهه لمثل هكذا تفصيلة لها تأثير مباشر على روح المقاتل. اذ يتناسى المستشارون ان العبادي هو قائد لجميع القوات المسلحة بكل مفاصلها، وهو مسؤول عنها قانونيا، وسياسيا. لذا فإن لبقية القطعات حقاً في الرعاية والتفقد والإشادة. فالاعلام الحكومي يمارس ذات الازدواجية في تغطية العمليات والانتصارات.
وما يعزز ذلك، الإهمال الذي تعاني منه قطعات الجيش وحرس الحدود المنتشرة على طول الطريق الدولي بين الرمادي وطريبيل.
فبينما صعد الارهاب هجماته، منذ اسبوعين، ضد هذه القطعات المنسية في الصحراء، وأدت الى مقتل العشرات من جنودنا العزل اثناء تمتعهم باجازاتهم الشهرية، يطالعنا "القائد العام" بموقف غريب ومحيّر. اذ اكتفى العبادي، فخلال مؤتمره الاسبوعي بالاجابة على مقتل جنودنا بين الرطبة والرمادي، بالقول "اتحدى ان يسيطر داعش على مدينة لدقائق".
لم يخطر ببال رئيس الوزراء ان حرب الاستنزاف هي الأصل في نشاط الجماعات الارهابية، وان احتلال المدن والسيطرة عليها هي من الدروس المؤلمة التي بات داعش يعترف باقترافها. وهو يعود الآن بقوة الى تبني هذه الاستراتيجية في المدن المحررة.
ما بين صمت العبادي عن تحرير الحضر وتحديه في الرطبة، نستعيد حجم الفرص المهدورة جراء مناكفات السياسة، وتداعيات الأنا التي تريد تحويل الانجازات الى أصوات في صناديق الانتخابات القادمة. نستعيد شريط عمليات التحرير منذ 2014، لنكتشف اننا نبذل دماء غالية، يبددها الساسة في صفقاتهم الحزبية.
يحدث ذلك وطوابير الشهداء والجرحى مازالت تطعم مقابرنا ومشافينا بالجثث او بأنصافها. يحدث ذلك وأفواج النازحين تتدفق لتملأ العراء بمخيمات بائسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram