TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > متى ينفعنا دستورنا ؟

متى ينفعنا دستورنا ؟

نشر في: 8 مايو, 2017: 09:01 م

يقدر أحد الخبراء القانونيين عدد العراقيين الذين تم حجزهم خلال سنة واحدة باكثرمن مائة وخمسين الفاً ، كما يصرح بأن من يتم الحكم عليهم باحكام جزائية لايزيدون في مجمل الاحوال عن عشرة آلاف شخص مايعني سوء استخدام الحق العقابي ، واذا علمنا ان الدستور العراقي يعتبر حجز الحرية الشخصية من أشد العقوبات التي تطبق على الانسان بعد عقوبة انهاء الحياة بالتأكيد ، فسوف ندرك مما سبق ذكره ان القانون العراقي يوقع اقصى العقوبات بحق المواطن العراقي سواء كان متهما أو بريئا ، فقد ساد شعور لدى المواطنين منذ عقود طويلة بأن لاأحد يأمن على نفسه من خطر الاحتجاز بأية ذريعة ، ومايعقب ذلك هو الاسوأ فالبعض يقضي شهورا وربما سنوات في مراكز التوقيف قبل أن تعرض أوراقه على قاضي التحقيق ، وخلال تلك الفترة لايتكهن أحد بمدى القهروالأذى الذي يتعرض له الموقوف رغم ان اغلب الموقوفين يفرج عنهم فيما بعد لبراءتهم أما من تهم كيدية او لعدم وجود تهمة أصلا  اذ تحدث الاعتقالات أحيانا  ----بشكل عشوائي أو لوجود اشتباه في الاسماء على سبيل المثال ..
في كل الاحوال ، يدرك المواطن العراقي في قرارة نفسه ان الحجز والحبس يحصل غالبا في العراق لاسباب سلطوية بحتة ، فالسلطة القوية في مفهومنا تعني ارهاب الفرد وجعله متوجسا على الدوام من الوقوع في المحظور ودخول اقبيتها التي لايخرج منها بسهولة ويكون معرضاً فيها لتذوق اصناف التعذيب والاهانة أو الخضوع لمساومات وابتزازات يدفع فيها مبالغ كبيرة لشراء حريته التي اغتيلت فجأة رغم براءته من ارتكاب ذنب ما ..
ذنب آخر يمكن أن يحاسب عليه العراقي ويسجن ويضرب حتى الموت هو التسكع وعدم حمله هوية شخصية وهو ذنب كبير فعلا فيما لو كان سلوك المواطن يثير الشك ولم يتمكن من اثبات هويته لكن اثبات الهوية او حتى التشابه في الأسماء لم يعد صعبا في زمن التكنولوجيا فالحاسبات تختزن جميع المعلومات ، لكن السؤال والاستفسار والتحقق من المعلومات بطريقة حضارية وقانونية لا يلبي شغف رجال السلطة باخضاع المواطن لسلطتهم واخافته ، وإذن فلابد من ترك آثار على جسده او نفسيته لكي لاينساهم فيما لو خرج سالما من سجونهم ، لأجل هذا ربما خضع الصبي حسين مازن من اهالي الديوانية الى الحجز والحبس في محافظة كربلاء التي زارها مع اصدقائه ليصبح ضحية لبعض رجال شرطتها الذين لم يحتملوا كونه (يتسكع ) مع اصدقائه ولايحملون هويات شخصية رغم وصول معلومات أكيدة بحملهم تلك الهويات .. وهكذا تعرض حسين واصدقائه الى الضرب المبرح الذي أودى بحياة الصبي بعد عدة ركلات من ضابط التحقيق ب(البسطال ) على وجهه ...ومازالت القضية تتشعب وتحمل تبريرات عديدة وتدخلات من جهات مختلفة حكومية ودينية وقد يعاقب مرتكبو الجريمة بعد تحولها الى قضية رأي عام لكن النتيجة تبقى واحدة ...على المواطن العراقي أن يحسب ألف حساب لتلك اللحظة التي يقع فيها بين أيدي رجال السلطة حتى لو كان بريئا ، فلن ينفعه دستوره بشيء !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram