TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ثقافة (التأديب )

ثقافة (التأديب )

نشر في: 12 مايو, 2017: 09:01 م

لدى مناقشة مشروع العنف الأسري في مجلس النواب ، قال مسؤول حزب الفضيلة :" ومالضير في أن تضرب المرأة على سبيل التأديب ، وان تكرر ذلك ، يمكنها أن تشكو أمرها الى القانون ؟!" ..وهو يعرف جيدا ان أغلب النساء يخشين دخول المحاكم حياءً أوخوفا من انقلاب الامور ضدهن فالقانون العراقي ينصف الرجل أكثر من المرأة ...
في الآونة الاخيرة ، ظهرت ثقافة جديدة في الشارع العراقي تمارسها جهات متنفذة في الحكومة وماأكثرها وهي سياسة (التأديب )..وهذه السياسة لاتطال حتما إلا المستضعفين ، فكما يمكن للزوج أن يضرب زوجته لأنه أقوى منها وسلطته الشرعية والاجتماعية تمنحه ذلك ، منحت الجهات السلطوية نفسها الحق في تأديب كل من يخالف شرعها ويشكل تهديدا لهيبتها وتسلطها ..وهكذا ، اختفى العديد من الناشطين المسالمين كجلال الشحماني الذي نال النصيب الاكبر من التأديب كما يبدو ولحقت به أسماء عديدة منها الصحفية أفراح شوقي التي لن تجرؤ –كما اعتقد –بعد الآن على كتابة مايقض مضاجع المسؤولين ثم خضع سبعة ناشطين شباب الى (التأديب ) بالوسيلة المرعبة لكل مواطن مسالم وهي الاختطاف والاحتجاز في اماكن لايعلم بها إلا الله واصحاب السيارات الحكومية المظللة مجهولة الارقام ..
لقد نجحت هذه الثقافة في بث بذور الرعب في نفوس المواطنين الآمنين وبات كل منهم يراجع حساباته خوفا من ان يجد فيها مايزعج الجهات المسؤولة فالمواطن مستضعف والجهات المتنفذة قوة ولن تكون هناك وسيلة رادعة لحوادث الاختطاف التأديبية خاصة واننا بتنا نكتفي بعودة المخطوف الى اهله ونتبادل التهاني على وقفتنا معه بالانتقاد والتضامن فقط من دون أن نحظى بتفسير او اعتذار او وعود حكومية بزرع بذور الأمان والثقة في الشارع العراقي ..
واذا كانت الزوجة التي تتلقى الضرب من زوجها وتقرر الاعتراض على سياسته يمكنها أن تطلب الطلاق منه وتنهي صفحتها معه فكيف يمكن للمواطن البسيط ان يتصرف أمام سياسة التأديب؟ ..هل يطلق الحكومة ويكف عن تلويث اصبعه بالحبر البنفسجي في كل مرة لمساعدتها على الاحتفاظ بمناصبها وهيبتها أم يطلب منها العفو والمغفرة على ذنوب لم يقترفها لمجرد المحافظة على أمانه ؟...المشكلة ان بعض المحاكم الشرعية لاتجد الزوجة المعنفة ضحية ولاالزوج مذنبا وقد تعيدها اليه بحكم الطاعة وهو مايحدث معنا في كل مرة فحتى لو فكرنا ب(النشوز) وحاولنا أن نطلب الطلاق من واقعنا المزري ، فهناك سلطات أعلى منا تسخر من تمردنا وتواصل تحكمها فينا وتعيدنا الى بيت الطاعة سواء انتخبنا أم لم ننتخب ، فهم الباقون ونحن من سيمضي اذا ماحاولنا الخروج من الحظيرة ..هناك من  سيسأم من كل شيء ويغادر البلد وهناك من سيكتفي بالصمت والرضى على مضض ، ومن تسول له نفسه أن يعترض فسيخضع ربما لثقافة (التأديب ) الجديدة ويعود بالتالي صاغرا الى بيت الطاعة !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو أثير

    سيدتي الفاضلة ..... هذه العينة من أعضاء مجلس النواب والذين يمثلون ألأحزاب ألأسلاموية هي التي جلبت للعراق الخراب وألأفلاس وألأحتلال من داعش التكفيرية ... وسأسيق لك مثالان فقط لا أكثر ....!!! الم يهرب أكثر من 1200 سجين من عصابات داعش من سجن ابو غريب قبيل ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram