TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > كونداليزا رايس حول ترسيخ الديموقراطية فـي العالم

كونداليزا رايس حول ترسيخ الديموقراطية فـي العالم

نشر في: 14 مايو, 2017: 12:01 ص

كتبت  كوندوليزا رايس في مفتتح كتابها الجديد والهام تقول : "لقد شهدت"، كيف أصر الناس في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية على نيل الحرية. ... كنت طفلة،و كنت جزءا من صحوة كبيرة:كانتب مثابة التأسيس الثاني لأميركا، حين انتشرت حركة الحقوق المدنية في مس

كتبت  كوندوليزا رايس في مفتتح كتابها الجديد والهام تقول : "لقد شهدت"، كيف أصر الناس في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية على نيل الحرية. ... كنت طفلة،و كنت جزءا من صحوة كبيرة:كانتب مثابة التأسيس الثاني لأميركا، حين انتشرت حركة الحقوق المدنية في مسقط رأسي في مدينة برمنغهام،. فقد توسع تعبير  "نحن الشعب" اخيرا  ليشمل اناس مثلي أنا. ... لا توجد لحظة أكثر إثارة من لحظة حصول الناس على حريتهم وحقوقهم ".

و هذه الرؤية التي تتحدث عنها  رايس في كتابها " الديمقراطية: قصص من الطريق الطويل إلى الحرية "هي التي ينبغي أن تشكل هدف السياسة الخارجية الأميركية في القرن الحادي والعشرين. وهذا الرأي، الذي ينتشر على نطاق واسع في الحزب الديمقراطي أكثر منه في الحزب الجمهوري، قد خبا بريقه  في السنوات الأخيرة جراء خيبة الأمل من تطورات الاحداث في مجموعة من البلدان تمتد من أوكرانيا ورواندا حتى مصر وتركيا، ولكن رايس ما زالت متقدة الحماس  و إيمانها بالفوائد والأهمية الستراتيجية لترسيخ الديمقراطية يتعزز بل هو أقوى مما كان عليه عندما انضمت إلى إدارة جورج بوش في عام 2001.
إن دفاع رايس المتواصل عن وجوب تعزيز الديمقراطية يلفت الانتباه اليه وسط سعي  الجمهوريون إلى التمسك بنهج "أميركا أولا" الذي يتبناه الرئيس ترامب تجاه القضايا العالمية. وهي واحدة من الدبلوماسيين الأكثر تميزا واحتراما على نطاق واسع في البلاد. وحين تضاءل نفوذ المستشارين المتشددين مثل نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد لدى الرئيس بوش في السنوات التي أعقبت غزو العراق عام 2003، برزت رايس وزيرة الخارجية في فترة بوش الثانية بكونها ذات الصوت الوحيد ذو النفوذ الذي يرسم السياسة الخارجية. و كونها متخصصة في الشؤون الروسية ، حصلت على أول تجربة حقيقية لها في الحكومة كجزء من فريق الرئيس جورج دبليو بوش، الذي ساعد على إنهاء الحرب الباردة.
إن القرارات التي اتخذت في تلك السنوات شكلت السياسة الأميركية لجيل قادم. وفي غياب الاتحاد السوفييتي ، لم تنسحب الولايات المتحدة من العالم. بل  وسعت من سياسة التزامها بالقضايا العالمية، التي تسعى إلى بناء ما أطلق عليه البعض في إدارة بوش الأولى "نظاما عالميا جديدا" يقوم على نشر الديمقراطية والرأسمالية الليبرالية على اوسع نطاق في العالم. وعلى الرغم من خلافاتهم، فإن الرؤساء الثلاثة على التوالي، وهم بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش وباراك أوباما، عملوا في هذا الإطار العام؛ ولكن  مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا اصبح للولايات المتحدة رئيسا لا يتبنى هذه الرؤية التي يؤيدها كلا الحزبين.
لا يمكننا أن نتنبأ في وقت مبكر من إدارة ترامب ما إذا كان الرئيس سيحول خطاب حملته الانتخابية حول "أميركا أولا" إلى سياسة خارجية تواجه أو تعيد تشكيل السياسة الخارجية الأميركية في فترة ما بعد الحرب الباردة. لكن ما نعلمه هو أن الأهداف الطموحة والواسعة النطاق لمشروع النظام العالمي لم يكن يمتلك شعبية على الإطلاق لدى الناخبين وكذلك عند النخب السياسية والاعلامية. منذ عام 1992، عندما رفض الناخبون التصويت لجورج بوش واختاروا  كلينتون بدلاً عنه، وهو الذي كان ينتقد اتفاقيات التجارة مع اميركا الشمالية  والتجارة الحرة مع الصين خلال حملته الانتخابية ، وفي عام 2016، عندما انتصر ترامب على هيلاري كلينتون،اعتبر ترامب المرشح الأقل شهرة عالميا الذي يفوز في الانتخابات الرئاسية. وكان جورج دبليو بوش يؤيد سياسة خارجية "متواضعة" وتمسك  "ببناء الامة" في مقابل الاجندة الدولية لنائب الرئيس آل جور. وكان ينظر إلى أوباما على أنه يروج لسياسة خارجية أقل حزما وأقل كلفة في عام 2008 من المرشح جون ماكين، وفي عام 2012، سخر فريق أوباما من تحذيرات ميت رومني بأن فلاديمير بوتين هو عدو جيوبوليتيكي بارز لأميركا.
إن نتائج انتخابات عام 2016 ربما تجعل من تعزيز الديمقراطية من  أكثر العناصر المهددة بالانقراض في جدول أعمال "النظام العالمي الجديد". التجارة الحرة لديها المدافعين الاقوياء عليها في عالم الشركات. في حين ان  مبدأ تعزيز  الديمقراطية تدعمه بقوة منظمات غير حكومية - وبعضها، مثل الصندوق الوطني للديمقراطية، يتلقى أموال حكومية يمكن أن تكون معرضة للخطر. كتاب "الديمقراطية" هو محاولة من كونداليزا رايس لجعل فكرة تعزيز الديمقراطية هدفا رئيسيا للسياسة الخارجية الأميركية. ويظهر هذا الكتاب الصريح والصادق، وفي بعض الأحيان الجذاب جدا، أن مؤيدي الديمقراطية ملتزمون بعملهم، ولكنه يشير أيضا إلى السبب وراء تشكك العديد من الناس
بهذه الفكرة.
رايس قبل كل شيء كاتبة صادقة وصريحة. وهي لا تفبرك المواضيع أو تتلاعب في بياناتها. وهي ايضا صريحة عند حديثها عن  الحالات التي أدى فيها تعزيز الديمقراطية إلى أخطاء باهظة التكلفة، عند الإشارة إلى الانتخابات الفلسطينية في عام   2006 حين ضغطت هي وفريقها على الفلسطينيين إلى إجرائها و على الإسرائيليين لدعمها، واثقين من أن حماس ستخسر. ولكن حماس فازت ، وما زال الطريق المسدود في العلاقة بين الاطراف الفلسطينية  والاقتتال الذي حدث  لاحقا بينها يعقّدان مهمة صنع السلام في الشرق الأوسط حتى يومنا هذا. كما انها صريحة في الكشف عن الاخطاء التي ارتكبت في العراق، وبينت أن كوارث مثل سوء معاملة السجناء في أبو غريب وعثرات الأميركيين في مرحلة ما بعد غزو العراق أدت الى تعقيد أهداف إدارة بوش لتعزيز الديمقراطية في أماكن أخرى. وهي في كتابها عبرت   بصدق ايضا عن فشل الثورة البرتقالية في أوكرانيا، وعن الاقتتال الداخلي والفساد الذي أدى في نهاية المطاف إلى اندلاع ثورة أوكرانية أخرى في عام 2014. واشارت  ايضا الى الانتكاسات في مصر وتركيا، والفشل في ليبيا  في بناء أي نوع من الحكومة بعد الإطاحة بالقذافي.
ولكن بالنسبة لكونداليزا رايس ، ان سبب هذا الفشل  يعود بشكل كبير  الى  كون عملية  ترسيخ الديمقراطية "صعبة - حقا، بل بالغة  الصعوبة فعلا"، ولكن هذا  يعني أنها ليست مهمة أو مستحيلة. وهي ما تزال تصر على ان تعزيز الديموقراطية هي مسؤولية أخلاقية لا مفر منها بالنسبة للولايات المتحدة الى جانب انها السياسة الوحيدة القادرة  على حماية الأمن الأميركي على المدى الطويل. وأشارت إلى أن عملية تعزيز الديموقراطية قد شهدت نجاحات واخفاقات. ومن تلك النجاحات كما تذكر: "ان الانتخابات،" ما تزال تجتذب طوابير طويلة من الناخبين لأول مرة، حتى بين أفقر السكان وأقلهم تعليما في أفريقيا ". وهي توازن تقاريرها عن الأماكن التي فشلت فيها الديمقراطية، على الأقل في الوقت الراهن، مع قصص من الانتصارات الصعبة، بالرغم من انها في كثير من الأحيان كانت محدودة، ولكنها مهمة تاريخيا حيث أن الديمقراطية ما تزال تحرز النجاحات. ونجد علامات أمل لذلك في كولومبيا وكينيا وتونس وغانا
وتقول رايس إن قوة المؤسسات المحلية يمكن أن تحدث فرقا في بناء الديمقراطية.مثل الشرطة، والقضاء، والصحافة الحرة، والأحزاب السياسية: عندما تكون هذه المؤسسات قوية، يمكن للديمقراطيات الناشئة أن ترسخ جذورها وتنمو.
ولكن الدعم الأجنبي يمكن أن يساعد أيضا. وتستشهد رايس باتفاقيات مؤسسة تحدي الألفية التي طرحتها إدارة بوش الثانية، وقدمت دعما كبيرا للبلدان التي تلتزم بإصلاحات واضحة في مجال الحكم. مثل ليبيريا، حيث ساعدت الحكومة الديمقراطية فيها على إدخال تحسينات كبيرة، وأثبتت قدرة جديدة ومفيدة في مكافحة تفشي الإيبولا في عام 2014.
، ولكن يبقى هناك سؤال سياسي: هل هناك دعم كاف في السياسة الأميركية لوضع أجندة لبناء الديمقراطية لضمان  ان تبقى إدارة ترامب ومن يخلفها في البيت الابيض في قلب المعركة؟
يجب أن تكون الإجابة مزدوجة. هناك مجالات يمكن  لجهود تعزيز الديمقراطية ان تصب مباشرة في خدمة  المصالح الأميركية الهامة الى الحد الذي  يمكن لانصار مبدأ (اميركا اولا)  الأكثر تشددا " أن يحققوا منافع. ففي نيجيريا، على سبيل المثال، ترتبط قدرة الدولة على مكافحة الإرهاب ارتباطا وثيقا بقدرتها على ادارة شؤون البلاد. ولكن عندما تكون هناك صلة واضحة ومباشرة بتحدي أمن وطني واضح، قد يكون من الصعب الدفاع عن هذه السياسات عندما يعيد الناخبون الأميركيون تقييم التزامهم بالأجندة العالمية التي وضعها الرئيس الأول بوش منذ سنوات عديدة. يجب على المرء أن يأمل في أن أولئك الذين يشاركون في المناقشات سيفكرون  مليا في الأفكار والأمثلة التي قدمتها كونداليزا رايس. وبالتأكيد سوف يكون كل من المؤيدين والمتشككين بترسيخ  الديمقراطية بعد قراءة  الكتاب أكثر حكمة وأفضل معرفة.
 عن النيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

"رد قوي" من الدنمارك على رغبة ترامب في شراء غرينلاند

متابعة المدىقالت رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن، أمس الإثنين، إن غرينلاند ليست للبيع، بعد أن قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأسبوع الماضي إن اهتمام الرئيس دونالد ترامب بشراء الجزيرة "ليس مزحة".وتابعت قائلة قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram