اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هذه الحملة لها ما يُبرِّرها

هذه الحملة لها ما يُبرِّرها

نشر في: 14 مايو, 2017: 06:15 م

adnan.h@almadapaper.net

ما قاله رئيس ديوان الوقف الشيعي في مقطع الفيديو المتداول على نطاق واسع عبر شبكة الإنترنت في الأيام الأخيرة بشأن "الجهاد"، حتى لو كان مجرد درس في حلقة حوزوية، وحتى لم عاد بتاريخه ثلاثاً من السنين، فإن الحملة القوية المناهضة لفحواه مبرَّرة كل التبرير.
الحملة مبرّرة لأنه ما كان لزاماً أن يظهر كلام كهذا إلى العلن الآن خاصةً، وفي أي وقت آخر .. الذين سرّبوه كانت لهم غاية .. لم تكن غاية بريئة ولا شكّ. وهؤلاء المسرِّبون ليسوا من عامة الناس من أمثالي ممَّنْ لا سبيل لهم إلى الحوزات الدينية. لابدّ أنهم من خاصّة رئيس الوقف الشيعي، بمَنْ فيهم طلابه. ومما يبرّر الحملة المضادة أنها تهدف إلى الحؤول دون تحقيق الغاية المُفترضة لمسرّبي مقطع الفيديو.
والحملة مبرَّرة لأنّ كلام رئيس الوقف الشيعي لم  يكن فريداً من نوعه.. يوتيوب وسائر منصّات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن العديد من القنوات التلفزيونية والإذاعية "الإسلامية"، تحفل بالكلام المماثل لرجال دين شيعة وسُنّة على السواء لا يكلّون من التحريض ضد مذاهب ورموز بعضهم البعض وضدّ المسيحيين واليهود وسائر "الكفّار".
والحملة مبرَّرة ،لأنها تمثّل دفاعاً مشروعاً عن النفس .. دفاعاً عن تطلّع العراقين، بأغلبيتهم الساحقة، إلى استعادة الوحدة الاجتماعية – الوطنية التي دمّرتها سياسات نظام صدام حسين وأجهزت على ما تبقّى منها سياسات الإسلام السياسي (الشيعي والسنّي) الحاكم منذ 2003 وغير الحاكم ( القاعدة وداعش وسواهما). وكلام رئيس الوقف الشيعي جاء، أو بُثّ، في لحظة عراقية فارقة وحاسمة، فالدولة توشك على القضاء على أكثر تنظيمات الإسلام السياسي تطرّفاً وإرهاباً (داعش)، والمجتمع يجمع قواه لإرغام الطبقة السياسية الحاكمة (الإسلامية في المجمل) على التخلّي عن نظام المحاصصة الطائفية ودولته القائمة، أساس الخراب الشامل الراهن، والانتقال إلى دولة المواطنة.
والحملة مبرَّرة ،لأنّ رئيس الوقف الشيعي لم يظهر إلى الناس لـ "يُوضّح" الظروف التي قال فيها ما قال - دعك من الاعتذار- فهو ترك الأمر إلى مكتبه ليُصدر بياناً غير مقنع، ما ينمّ عن عدم إدراك للعواقب المحتملة لكلام كهذا في ظرف تاريخي كهذا، سواء قيل اليوم أو قبل ثلاث سنوات، وقد ترك ما قاله آثاراً باعثة على الخوف والإحباط لدى المسيحيين والصابئة والإيزيديين، فالكلام صادر عن رئيس مؤسسة كبيرة في الدولة لها اعتبارها وتأثيرها، وليس عن روزخون من درجة متدنّية.
والحملة مبرَّرة كذلك، لأنها تدعم الدعوات المتصاعدة نبرتها الآن في طول البلاد الإسلامية وعرضها بإعادة النظر في الدرس الديني، العام في مدارس الدولة وما يماثلها والخاص في الحوزات والمدارس الدينية.
 ثمّة إجماع تقريباً على أنّ الدرس الديني التقليدي، فضلاً عن المنبر، يُستغلّ لبثّ أشدّ الأفكار تطرّفاً، دينيّاً ومذهبيّاً، ولترسيخها في أذهان الشبّان اليافعين الذين يجد الكثير منهم في أوضاع البؤس التي يعيشونها ما يُحرِّضهم ويحمِّسهم أكثر لانتهاج سبيل التشدُّد والتطرُّف... والعلاج يبدأ من هنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين ما قاله رئيس ديوان الوقف الشيعي وهو زعيم لهذا المنصب ونحن في عام ٢٠١٧ انا نفسي شاهدته شئ محزن ومؤسف ونحن في قرن الواحد والعشرين وشخص مثل هذا الديناصور لازال باقي في هذا العصر يا العيب والعار العراق تسلطت عليه الفاشية المذهبية العزيزة كل ا

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram