منذ أكثر من ثلاثة أعوام تتحدث وزارة النفط عن خططها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بكل أصنافه، وبينما كانت قد توقعت الوزارة في منتصف العام 2015 تحقيق الاكتفاء الذاتي منه في مطلع العام 2018، عادت اليوم لتعرب عن أملها بتحقق ذلك بعد العام 2018!.. ويرجع
منذ أكثر من ثلاثة أعوام تتحدث وزارة النفط عن خططها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بكل أصنافه، وبينما كانت قد توقعت الوزارة في منتصف العام 2015 تحقيق الاكتفاء الذاتي منه في مطلع العام 2018، عادت اليوم لتعرب عن أملها بتحقق ذلك بعد العام 2018!.. ويرجع خبير في الشأن النفطي، أن اسباب استمرار حاجتنا للاستيراد تكمن في حرق الغاز المصاحب وعدم اكتمال مشاريع الغاز وعدم استثمار الحقول الغازية حتّى الآن.
عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط، يؤكد في حديث لـ(المدى)، أن الوزارة قامت بوضع الخطط اللازمة لاستثمار الغاز المصاحب للعمليات الاستثمارية النفطية، وللغاز الموجود في الأرض، وفيما يخص الاستيراد، فالعراق يستورد الغاز الجاف من ايران لتزويد المحطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بوقود الغاز، حيث استوردت وزارة الكهرباء في وقت سابق عدّة محطات، ولم يكن يملك العراق الاكتفاء الذاتي بهذا المجال لتزويد هذه المحطات مما اضطر الحكومة، الى استيراد كميات من الغاز من الدول المجاورة بالإضافة الى الانتاج الوطني، مما تسبب في حدوث عجز في مادة الغاز، لكن من المؤمل، أن نصل بعد عام 2018 الى مرحلة توفر الغاز لجميع المحطات الكهربائية، خاصة وأن وزارة النفط تزوّد المحطات بالطاقة الكهربائية بكميات جيّدة من الغاز.
ويؤكد جهاد، أن الانتاج الوطني من الغاز الآن بدأ بالتصاعد، وقد حققنا خطوات مهمة من خلال استطاعتنا توفير الاكتفاء الذاتي من الغاز السائل، حيث وصل انتاجنا الى نحو 6 آلاف طن باليوم، في حين قمنا نصدر الفائض من المكثفات، أما في مسألة الغاز السائل، فهناك تصاعد في انتاجه ومن المؤمل أن نحصل على كميات جيدة ونصل الى الاكتفاء الذاتي من الغاز السائل بعد 2018، ونتوقف عن الاستيراد.
من جانبه يرى عضو لجنة الطاقة البرلمانية ابراهيم بحر العلوم في حديث لـ(المدى)، أن ما يملكه العراق من احتياطات غازية مثبتة معظمه غاز مصاحب، ومع أن العراق ينتج نحو 3000 مليون قدم مكعب يومياً منه ويستثمر ما معدله الثلث، فهو قد يصل الى معدلات استثمار بحدود الـ"2000 مليون قدم مكعب في نهاية العقد الحالي"، مشيراً: الى أن مشروع غاز البصرة بمشاركة شركة شل وميسيوبيشي كان ابتدأ قبل نحو العام والنصف العام لاستثمار الغاز المصاحب من الحقول الجنوبية، وقد تمت بالفعل معالجة الغاز للحصول على الغاز الجاف والغاز السائل والمكثفات، الأمر جعل العراق ينجح في إيقاف استيراد الغاز السائل بل بدأ منذ فترة بتصدير الغاز السائل والمكثفات، لكن على كل حال مازالت الحاجة قائمة لتلبية احتياجات محطات توليد الكهرباء من الغاز الجاف، وهناك ضرورة لاستيراد هذه المادة من دول الجوار خاصة وأن العراق اعتمد في توليد الطاقة الكهربائية لديه على المحطات الغازية.
الى ذلك يؤكد الخبير في الشأن النفطي ضرغام محمد علي، أن العراق حتى الآن لا يمتلك كفايته من الغاز الجاف مقارنة بالغاز السائل، وذلك بسبب حرق الغاز المصاحب وعدم اكتمال مشاريع الغاز وعدم استثمار الحقول الغازية ومنها حقل عكاز في الأنبار والمنصورية والسيبة في البصرة، وهذا يؤكد على أن العراق يفتقد للكميات الكافية من الغاز الجاف لمواكبة زيادة محطات توليد الطاقة الكهربائية، وزيادة الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية في العراق، بالتالي نحن نحتاج الى مصادر لاستيراد الغاز كإيران وغيرها، وهي عملية ستستمر لحين اكتمال استثمار الغاز المصاحب لشريكتي "شيل " ومسيوبيشي اللتين تستثمران الآن في اكبر ثلاثة حقول في العراق.
ويبيّن علي في حديث لـ(المدى)، أنه اضافة الى ما سلف في حديثه، فإن الحقول التي ضمن عقود جولات التراخيص الثانية كانت ضمن العقد أن يتم استثمار الغاز المصاحب بنفس المشروع، مما يعني أن هذه العملية ستوفر أيضاً كميات من الغاز، أما في حال استثمار الحقول الغازية المتبقية في العراق مثل حقل السيبة في البصرة كون المنطقة آمنة، مقارنة بحقلي المنصورية وحقل عكاز في الأنبار، وكونه يعد اقرب حقل للاستثمار، فهو سيوفر كميات من الغاز كونه يمتلك احتياطيات جيدة ويمكن له أن يغنينا عن الاستيراد من دول الجوار.
ووقع العراق اتفاقيتين مع ايران في 17-أيار-2017 لاستيراد الغاز يتم بموجبهما تصدير الغاز الايراني الى منطقتي بغداد والبصرة.
ويرى مختصون أن الخلل المخيف يكمن، في أن كل جولات التراخيص وكمية الانتاج المتوقعة سواء المخطط لها أو الفعلية لم تعالج موضوع الغاز المنبعث وكيفية التعامل معه، فهل يبقى العراق يحرق هذه الثروة أم يحوّلها الى أموال تنهض بقدرات البلد وتنعش اقتصاده، وهنا يتساءل المرء، ترى لماذا لم يتم منح التراخيص لأستثمار الغاز بدل النفط، ودعوة شركات متخصصة لاستثماره لنكون قد وضعنا اللبنة الأولى لقطاع بإمكانه تشغيل شريحة واسعة من العمالة وتعظيم للموارد ودعم موازنة الدولة ويغنينا عن الاستيراد من دول الجوار.