تكلمت في حلقة سابقة العام الماضي، عن بعض العوائل الموسيقية وذكرت عوائل مثل بندا وشتراوس وكوبران. أعود اليوم للحديث عن عم وابن أخيه عملا في فترة عصر النهضة والانتقال إلى عصر الباروك، وهما من عائلة غابرِيَلْي من فينيسيا. أندريا غابريلي هو أول أ
تكلمت في حلقة سابقة العام الماضي، عن بعض العوائل الموسيقية وذكرت عوائل مثل بندا وشتراوس وكوبران. أعود اليوم للحديث عن عم وابن أخيه عملا في فترة عصر النهضة والانتقال إلى عصر الباروك، وهما من عائلة غابرِيَلْي من فينيسيا.
أندريا غابريلي هو أول أفراد هذه العائلة المشهورين، ولد نحو 1533 وتوفي في 1585، أي أنه يحسب بالكامل على عصر النهضة، إذ يعتبر العام 1600 هو بداية عصر الباروك كاتفاق افتراضي. كان عازف اورغن ومؤلف مادريغالات معروفاً، والمادريغال هو أغاني دنيوية لعدّة أصوات تتراوح بين 3 الى 6 عادة، كتبت بنسيج موسيقي معقد متعدد الأصوات (بوليفوني) ويُؤدى دون مصاحبة الأدوات على الغالب. نشأ المادريغال في ايطاليا نحو سنة 1520 بتأثير مباشر من الشانسون الفرنسي وشكل غنائي شعبي ايطالي يسمى فروتّولا، واستمر حتى فترات لاحقة في عصر الباروك قبل أن يتطور إلى أشكال غنائية أخرى. يعد أندريا أول الأساطين المهمين في فينيسيا وساهم في نشوء وانتشار اسلوب المدرسة الفينيسية في أوروبا وعلى الخصوص في ألمانيا، حيث عمل في فرانكفورت وميونيخ حيث التقى بمجايله الموسيقار العظيم اورلاندو دي لاسّو (أعظم ممثلي المدرسة الفرانكو – فلمندية المتأخرين، عاش بين 1532 – 1594) وتبادل الموسيقيان الكبيران الخبرة وتعلم أحدهما من الآخر الكثير. حصل على منصب أول عازف اورغن في كاتدرائية سان ماركو عند عودته إلى فينيسيا وشغل المنصب حتى وفاته. لكن شهرة أندريا لم تكن بمثل شهرة ابن أخيه جوفانّي غابريلي (1554/1557 – 1612). بدأ جوفاني حياته الفنية تلميذاً عند عمه، وذهب هو الآخر الى ميونيخ حيث عمل دي لاسّو صديق عمه وتعلم عنده فترة. سرعان ما ذاعت شهرته خاصة بعد وفاة عمه في 1585 حيث عين بعده عازف الأورغن في الكاتدرائية حتى وفاته. عندها أخذ على عاتقه الاهتمام بإرث عمه الموسيقي ونشره، ولولاه لضاعت أعمال أندريا غابريلي بالتأكيد. ركز جوفاني على تأليف الموسيقى الدينية بشقيها الغنائي والأداتي، وأدخل أو رسخ بعض الأساليب الموسيقية التي تلقاها لاحقاً موسيقيو عصر الباروك، مثل استعمال ديناميكيات الصوت (التغيير من شدة الصوت) وتقسيم الأوركسترا إلى مجاميع بينها مسافات للحصول على تأثير صوتي متميز (وهذا استعمله كلاوديو مونتفردي مثلاً في عمله تسابيح مريم العذراء بوضع عازف النحاسيات في شرفة الكنيسة فيأتي الصوت من خلف المستمعين).