وصفها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بالطاعون ، ويصفها البعض بـ(الخنزير ) فهي تفتك بالبشر وتعيث بالارض فسادا ، لكنها تختلف عن الطاعون والخنزير بأنها تعشق الظهور بمظهر (المصلح) أحيانا فتعمل على ترتيب ما أفسدته بيديها ليس حباً في الترتيب بل لجني ثمار الخراب الذي تحدثه في العالم ..
أمريكا أطلقت شرارة (تنظيم القاعدة) وعاشت دور الضحية لتنشرثقافة التطرف في العالم ، ثم سعت الى تأليف وإخراج مسرحية (الربيع العربي) وجسدت دور (راعي الديمقراطية) في الشرق الأوسط ،ومن ثم انجبت طفلها المشوه (داعش) لتنشر الإرهاب في العالم وتنبري بعد ذلك لمحاربة الإرهاب ومناهضة التطرف ...
أمريكا لم تعتد على الاحلام ..إنها تسعى الى تحقيق احلامها وتحصيل مصالحها وتجيد استخدام أدواتها في الاماكن التي تنصب شباكها فيها ، والطريف في الأمرانها تلقي بتهم جرائمها على من يسهل تنفيذ اهدافها ثم تعود لتبرئته منها بعد ان تبرّئ نفسها ويتحالف الاثنان لتنظيف المنطقة من الارهاب والتطرف ،وهكذا ، تكمل أمريكا نسج فصول مسرحيتها الهزلية ولايضيرها ان تؤدي ادوارا تهريجية فيها، فالامر يستحق :نفط وقواعد امريكية ثابتة وثروات مباحة واراض مهيأة للاستثمار وانعاش الاقتصاد الامريكي مقابل ان تنظف امريكا المنطقة من آثار قذارات كانت قد ألقتها فيها وتزيل آثاردمار كانت من اهم أسبابه ..لم يعد غريبا ان يشاهد المتفرجون العرب الرئيس الامريكي وهو يحضر قمة إسلامية رغم انتقاده الدائم للمسلمين من قبل وان يمارس طقوسا سعودية فيؤدي مع ملكها وامرائها رقصة (العرضة) ثم يصف الارهاب بأنه معركة بين الخير والشر وان مادفعه الى مناهضة الارهاب هو حرصه على دماء الابرياء ....ولم يعد امام الممثلين الآخرين في المسرحية إلا أن يتقنوا الدور ويعيشوه ليساعدوا على نجاح المسرحية مادامت هي الأمل الذي سيحقق التوازن في المنطقة ويعيد إليها استقرارها وينشر السلام بعد حزمة من الحروب الخاسرة ...ملك الاردن –على سبيل المثال- يطالب بمعرفة العدو من الصديق في معركة القضاء على الارهاب وكأن العالم العربي لايعرف انه يجالس عدوه ، بينما يطالب الرئيس المصري بمحاربة كل من كان عونا وداعما للارهاب سواء بتدريب مقاتليه على ارضه او علاج جرحاه على ارضه او التبادل التجاري معه او التبرع له بالمال وكأنه يجهل من يقف وراء ذلك....من جهتها ، سارعت السعودية الى إنشاء مركز لمكافحة الفكر المتطرف لتعلن عن سلامة نيتها وستجتهد في ملاحقة لهجات المتطرفين وافكارهم ومنشوراتهم على النت لتصطادهم ،في الوقت الذي استمع كل العالم العربي الى تلك الافكار المتطرفة علانية عبر قنوات فضائية ومواقع سعودية معروفة .....
مطلوب منا الآن ان نصدق احداث المسرحية وان نصفق لها اعجابا فهدفنا جميعا اصبح واحدا وهو سيادة السلام وبدء مرحلة التنمية والنهوض الحضاري لشعوبنا التي انهكتها الحروب وشرذمتها المؤامرات الخارجية والخلافات الداخلية ..مطلوب منا ان نمحو من ذاكرتنا كل مافعلته امريكا وقريناتها لنصنع معها المستقبل ولايهمنا ان يكون الثمن دماءنا وكرامتنا وثرواتنا فنحن في بداية الامر ونهايته مجرد (كومبارس) صامت في مسرحية كبيرة !
كومبارس (صامت)
[post-views]
نشر في: 22 مايو, 2017: 09:01 م