يعد مارش راكوتسي أحد أشهر المارشات المجريّة بفضل النسخة التي وزّعها الموسيقار الفرنسي الرومانتيكي أكتور برليوز (1803 - 1869) وقدمها في شباط سنة 1846 في بشت – بودا (لم يتوحد صوبا المدينة ليكونا بودابشت إلا في العام 1873)، ثم أدخلها في أوبراه "لع
يعد مارش راكوتسي أحد أشهر المارشات المجريّة بفضل النسخة التي وزّعها الموسيقار الفرنسي الرومانتيكي أكتور برليوز (1803 - 1869) وقدمها في شباط سنة 1846 في بشت – بودا (لم يتوحد صوبا المدينة ليكونا بودابشت إلا في العام 1873)، ثم أدخلها في أوبراه "لعنة فاوست" التي قدمها في نهاية نفس العام دونما أيّ نجاح.
ويعتقد الباحثون الموسيقيون، أن برليوز كتبه في بشت استناداً إلى مدونة موسيقية حصل عليها في فيينا قبل مجيئه إلى المجر. وقدم برليوز نسخة من المارش بعد أن أضاف بعض التعديلات عليه إلى الموسيقي المجري المعروف ومؤلف النشيد الوطني المجري فرنس أركل (1810 - 1893). ومنذ ذلك الحين أصبح لهذا المارش بصيغته الأوركسترالية هذه شهرة عالمية. كما وضع أركل نسخته الخاصة بالمارش، أما فرنس ليست (1811 - 1886) فقد كتب توزيعاً له للبيانو وهذ العمل هو الرابسوديا المجرية رقم 15.
يقول الباحث والموسيقار المجري الكبير بيلا بارتوك أن جذور لحن المارش تشبه عدداً من الألحان التركية والروتينية (الروسينية وهي أقلية سلافية شرقية تعيش في مناطق شرق سلوفاكيا والمجر وغرب اوكراينا) والرومانية. وكان بارتوك قد أشار في أبحاثه الى أن الموسيقى الشعبية في حوض الكاربات لها جذور مشتركة وأن نسبة كبيرة من الألحان الشعبية المجرية مقتبسة من ألحان الشعوب القاطنة في حوض الكاربات. وكان المارش معروفاً في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وكان من القطع المفضلة لفرق الموسيقى الغجرية التي اشتهرت في ذلك الوقت، والتي تعرف بواسطتها هايدن وموتسارت وبيتهوفن وشوبرت على الموسيقى المجرية ونهلوا من ألحانها وإيقاعاتها المتميزة.
يرتبط المارش بفرنس راكوتسي الثاني (1676 - 1735) الذي حكم ترانسلفانيا من 1704 وأطلق حرباً تحررية للتخلص من احتلال آل هابسبورغ النمساويين للمجر بين 1703 -1711 حتى هزمه النمساويون فأصبح لاجئاً سياسياً استقبلته الامبراطورية العثمانية مثلما استقبلت من بعده قادة ثورة 1848 – 1849 التحررية الفاشلة. وكانت النمسا قد وضعت يدها على الأراضي المجرية خلال وبعد الاحتلال العثماني لمساحات كبيرة من المملكة المجرية وترانسلفانيا الذي دام نحو قرن ونصف القرن، وانتهى رمزياً بتحرير بودا عاصمة المملكة المجرية سنة 1686 من العثمانيين، لكن التحرير جلب احتلالاً آخر هو الاحتلال النمساوي. بذلك يحمل المارش الكثير من المعاني بالنسبة للمجريين ويذكرهم بنزعتهم التحررية وكان يؤدى في مختلف المناسبات وحتى في الحانات.