TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صوم.. وصيام

صوم.. وصيام

نشر في: 26 مايو, 2017: 09:01 م

اعتدنا أن نستخدم بعض الكلمات دون معرفة المعنى اللغوي الدقيق لها ، فنحن لانفرق بين كلمتي (الصوم ) و(الصيام) ونستخدمهما معا للدلالة على صيام شهر رمضان بينما يقول علماء اللغة ان كلمة (الصيام ) فقط هي التي تعني الامتناع عن تناول الطعام والشراب وباقي المفطرات ، أما كلمة (الصوم) فتعني الامتناع عما يبطل الصيام من سوء الكلام والفعل ..
ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك ، سيتبارى المسؤولون حتما لتبييض وجوههم أمام الشعب بادعاء الورع والتقوى والالتزام بفرائض الشهر الفضيل ..سيصوم العديد منهم عن الطعام والشراب ، ولكن هل هناك من سيصوم عما يبطل الصوم ؟...عن الكلام المنمق والتصريحات المحرضة على الكراهية والوعود الكاذبة ؟..هل هناك من سيكشف المستور من صفقات الفساد ويسمي الفاسدين بأسمائهم حتى لو كان الثمن تخليه عن المنفعة الشخصية أم ان حلاوة الكسب اللامشروع تغري الجيوب بالمزيد والمزيد ؟...هل هناك من سيؤشر مكامن الخطأ في مواقع السلطة ويطالب بتغييرها وإصلاح مايمكن إصلاحه وهل سنجد مؤسسة حكومية تنتفض على نفسها ويسعى مسؤولوها الى نبذ المحاصصة والطائفية وإعادة هيكلتها على أسس صحيحة ؟..من الواضح لنا جميعا ان هذا لن يحدث فمنذ ان اعتلى عشرات المسؤولين مقاعد السلطة وهم يصومون شهر رمضان صياما ولايصومونه صوما فهم يواصلون ادعاء الصدق والشرف بينما تفضح افعالهم نواياهم الخفية وتكشف زيفهم لدرجة أن اقنعتهم تواصل التساقط يوميا مع كل حدث سياسي جديد ..إنهم ينطلقون كالمسعورين خلف كل مايضمن لهم البقاء في السلطة ويسلكون كل السبل التي تسهل لهم ذلك ولن يهمهم أن يدوسوا في طريقهم على أحلام وآمال المواطن العادي ، فهم موقنون من حقيقة واحدة وهي ان المواطن اعتاد على القبول بأي شيء واحتمال كل الظروف حتى لو جرى قطع راتب الموظف مع قدوم الشهر الفضيل وعجز المواطن عن شراء المستلزمات الضرورية له من المواد الغذائية ولم يجد حاجاته الاساسية منها في مواد الحصة التموينية التي لم يتم توزيعها بعد ...
في أيام رمضان ، كان الناس يتسابقون لفعل الخير ومساعدة المحتاج وتبادل الاطباق قبل الافطار والتزاور ، واليوم يغرقون في عرقهم وهم يجلسون لساعات طويلة في مركبات النقل الخاص التي تحولت الى اقفاص بشرية في انتظار الخلاص من الزحامات والحواجز الكونكريتية ، ويواظب اصحاب الدخل المحدود على شراء مايذكرهم بطعم اللحم من (أفخاذ دجاج ) مجمدة وقد يستبدلونه بالعدس فقط حين يقترب الشهر من نهايته ويصبح الإنفاق على منوعات الافطار مرهقا للجيب العادي ..وهناك ايضا القابعون تحت خط الفقر وهؤلاء يكفيهم مايتصدق عليهم به أهل الخير ويمكن أن يملأ معدتهم طبق واحد فقط لأن عيونهم اعتادت  على أن تشتهي كل معروضات السوق المغرية دون أمل بشرائها ..إنهم يصومون عن الأكل والشرب والطمع بما لايمكنهم اقتناءه بينما لايتقن المسؤول بكل مايمتلكه  من مقدرة مالية (الصوم) عن الجشع والفساد ويجرؤ على الظهور في برامج رمضانية حوارية لينتقد الفساد ويهاجم المفسدين ويعد بالخير المقبل على يديه ..
 رمضاننا بات فرصة لاستعراض عضلات ( مدّعي الخير ) والناقمين على الوضع المائل ومخربي الطقوس البريئة ..أما المواطن البسيط - الصائم او العاجزعن الصيام لعمله تحت سياط الحر اللاذعة فهو اول من يحرم من الامان والطقوس الجميلة وآخر من يتلقى الخير في شهر البركات ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

بحث في إشكالية الزواج من ذوات التاسعة

العمودالثامن: ماذا حدث للمثقفين؟

العمودالثامن: داعية البسمة

 علي حسين قبل ما يقارب السبعين عاماً تقدم الفتى النحيل لدخول معهد الفنون ، لم يكن يرغب أن يصبح ممثلاً ، فقد جرب ذات يوم أن يمثل دور عنترة في إحدى المسرحيات المدرسية...
علي حسين

باليت المدى: جمال من نوع خاص

 ستار كاووش كان عليَّ الذهاب الى متحف لام الذي يقع على أطراف مدينة ليل، خرجتُ مبكراً في الصباح كي أستثمر كل وقتي، وركبت المترو الذي كان عليَّ أن أغيره بعد ست محطات، لأكمل...
ستار كاووش

تهميشُ القضاء وتفكيكُ العقل الحقوقي للدولة وتقويضُ الهوية الجامعة

فارس كمال نظمي بدءاً، ولكي نبتعد عن الفهم الطوباوي لكيفية انبثاق القوانين، فإن تشريع أي قانون أساسي (أي مكمّل للدستور لكونه يتعلق بممارسة السلطة بنطاقها الواسع، كقوانين: الأحوال الشخصية، والانتخابات، والأحزاب، وتنظيم الحريات، والموازنات...
فارس كمال نظمي

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 2)التجربة الصينية عرضت مؤخرا التجربة البريطانية في التعليم، والتي يتميز نظامها بتعليم الطلاب المهارات الأساسية والتركيز على التفكير النقدي وحل المشكلات والتعلم التعاوني والتقييم المستمر وخلق بيئة محفزة للعمل (مصدر 1)....
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram