اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إسلام السلام .. أينه؟

إسلام السلام .. أينه؟

نشر في: 27 مايو, 2017: 06:12 م

adnan.h@almadapaper.net

لا تقولوا إنه ليس بالإسلام هذا الذي يقتل بدم بارد في لحظة واحدة العشرات من الاطفال الأقباط في مصر ومثل عديدهم من الشبان في بريطانيا، ويُزهق الأرواح بالجملة تفجيراً وحرقاً وغرقاً وقطعاً للرقاب بالسكاكين، ويدمّر الممتلكات والأوابد التاريخية، ويعرّض المدن الآمنة وسكانها إلى الموت والدمار في العراق وسوريا وليبيا وسائر بلاد المسلمين وغير المسلمين.
لا تقولوا .. فكلّ ما يجري إنما يجري باسم الإسلام تحت راية "لا إله إلّا الله، محمد رسول الله"، واستناداً إلى نصوص في القرآن والحديث والسنّة ولأئمة المذاهب المختلفة وفقهائها ومراجعها.
لا تقولوا إنه ليس بالإسلام .. فنحن لم نعرف غير هذا الإسلام .. إسلام السلام والوئام والرحمة والمحبة والرأفة والمغفرة والتسامح لم نعرفه .. أبقيَ غريباً علينا .. في المدرسة درّسونا الإسلام بوصفه ديناً شرساً غير رحيم مع الآخرين، يقوم على إعمال السيف في من لا يُسلِم وعلى قطع الرقاب والأيدي .. شددوا في تعليمنا وفي تحفيظنا الآيات التي تُظهِر صاحب هذا الدين، الله، لا شغل له في الآخرة غير إصدار الأمر للملائكة بأن يغلّوا الآخرين وحتى الخطّائين من المسلمين ويصلوهم الجحيم بكرة وأصيلاً، وكلما فنوا حرقاً في نار جهنم أعادهم الى الحياة ليُغلّوا ويُصلَوا الجحيم من جديد.
ومن على منابر الجوامع والحسينيات وحتى عبر الراديو والتلفزيون لم يكن الخطاب الديني ليختلف عن الدرس الديني في شيء، بل الأكثر حماسة في إسلام العنف والقسوة.
الذين قتلوا للتوّ الأطفال الأقباط في المنيا المصرية والشبان المسيحيين في مانتشستر البريطانية، وقبلهما في باريس وبرلين وسواهما، والذين قتلوا في ساعة واحدة أكثر من ثلاثة آلاف مسلم ومسيحي ويهودي وسواهم في نيويورك (11 سبتمبر 2001)، والذين يواصلون القتل الجماعي والتدمير الشامل في العراق وسائر البلدان الإسلامية، إنما جرت تعبئتهم بـ "الجهاد" وتحريضهم عليه والوعد لهم بالجنّة والحور العين والغلمان المخلّدين، في مدارسنا وجوامعنا وعبر محطات إذاعتنا وتلفزيوناتنا التي تبثّ سور القرآن والأحاديث النبوية وتفاسير الأئمة والفقهاء وخطب الجمعة وغير الجمعة.
الإسلام الذي تقولون إنه بريء من كل هذا الإرهاب المتوحش، نحن لا نعرفه .. إسلام السلام والوئام والرحمة والمحبة والرأفة والمغفرة والتسامح لم نره يوماً...  حجبته عنّا المدرسة والجامع والحسينية والتفاسير والفتاوى وبرامج الإذاعة والتلفزيون والكتب الدينية التي تتدفق كفايروسات الأوبئة بأسعار لا توازي كلفة أغلفتها وحدها.
هذا "الاسلام" المتوحش السائد في بقاع العالم وأمصاره الآن لن تتبدّل صورته ولن تتغيّر، وهذا التجييش الإرهابي الجاري باسم الإسلام وربّه ونبيّه لن يتوقف إن لم تُعدّلوا وتبدّلوا في منهاج الدرس الديني المدرسي وإن لم تشذّبوا وتهذّبوا الخطاب الديني المنبري والإذاعي والتلفزيوني، ليحلّ إسلام السلام والوئام والرحمة والمحبة والرأفة والمغفرة والتسامح محلّ "الإسلام" الإرهابي المتداول الآن. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. إنعام كجه جي

    لا يا صديقي عدنان، لقد عرفنا إسلام المحبة والحيرة والتراحم والسلام والتسامح وعشنا في فيئه عمرنا. أنت شاهد وأنا شاهدة. تربينا على الاحترام بين الأديان في البيت والمدرسة والمحلة والجامعة. ثم حدث الزلزال وانفلتت الغرائز.

  2. عدنان حسين

    انعام العزيزة. . سعدت بتعليقك ... نعم الأمر كما تقولين، لكنّ ذلك كان إسلام الدولة المدنية والمجتمع المدني اللذين عشنا في كنفهما، أنت وأنا وسائر أبناء جيلنا والجيل الذي سبقنا، أما اسلام المدرسة والجامع والاذاعة فكان مختلفاً.. في درس الدين كانوا يعلموننا بأ

  3. Basil Sabah

    تحية للأستاذ عدنان حسين على جرأته في كتابة هذا المقال . لقد عشنا في العراق منذ ستينيات القرن العشرين وحتى يومنا هذا وتعايشنا معا مسلمين ومسيحيين على المودة والجيرة مع بعض التحفظات بين الاديان نظرا لعدم وجود الثقافة بين والأديان حيث كان المسلمون يقولون للم

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram