TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مسرح الشارع ظاهرة ثقافية يمكن تطويرها

مسرح الشارع ظاهرة ثقافية يمكن تطويرها

نشر في: 29 مايو, 2017: 09:01 م

بمبادرة من (تجمع فنانو العراق) وبتنظيم من كريم جنجر، أقيم مهرجان مسرح الشارع في المركز الثقافي البغدادي يوم 31/3/2017 وشاركت في المهرجان مجاميع شبابية من مختلف محافظات العراق وبرغم بدائية تلك العروض وخلوها من الحرفية العالية وتواضع طروحاتها الفكرية، إلا انها مثلت بدايات طموحة يمكن أن تتطور في المستقبل. ومما يؤخذ على منظمي هذه التظاهرة الفنية، انهم اكتفوا بمكان واحد لتقديم العروض وابتعدوا عن بيئة مسرح الشارع، وهي بيئة متنقلة بمعنى أن العروض تقدم في اماكن مختلفة غير المباني التقليدية للفن المسرحي، وأن تتحول العروض بين الشوارع والساحات العامة. لقد كانت بيئة المركز الثقافي البغدادي غير مناسبة لتقديم عروض مسرح الشارع، وذلك بسبب تداخل اصوات أخرى مع أحداث الممثلين العارضين مما ضيّع على الجمهور الملتقي حول منصة التمثيل، الكثير من الحوارات والجمل، ومن تلك الأحداث المتداخلة ضجيج الموجودين في باحة المركز من غير جمهور المسرح، وكذلك اصوات الاغاني الصادرة من إحدى القاعات القريبة من مكان العرض.
ولعلَّ من المفيد أن نطلع القارئ الكريم على نبذة مختصرة عن تاريخ مسرح الشارع في العالم العربي والشرقي وطبيعة عروضه المسرحية وفنون الأداء.
الكثير من تسليات الشارع أصولها على أكثر من احتمال في مهارات ألعاب الشعوذة والألعاب السحرية أو الاكروبات، والتي تبعد الجمهور عن مشاغل الحياة اليومية بوسائل بسيطة، ومسرح الشارع قديم، قدم مفترق الطرق القديمة. ويرتبط مسرح الشارع بالمهرجانات والكرنفالات والمرح الصاخب ومجاميع الشغب والاجتماعات الشعبية التي تربك الروتين بالأفعال غير المهذبة والوحشية. وإدخال ما هو خارق في ماهو دنيوي وتحدي السلطة بالنكسات الرخيصة وتقوية الطعن بالبصر.
كان التمثيل الصامت وما سمّي (المنسترل) في اميركا، والحكواتي، والذي قالوا شعبية في المعارض والأسواق في اوروبا في القرون الوسطى جانباً واحداً من شبكة واسعة من الثقافة الانتقالية والتي تبحث المسرة في نفوس الملايين من البشر الموجودين في الشوارع، ويمكن أن يكون مسرح الشارع مضحكاً ومتسامياً في آن واحد وأن يكون متكلفاً ومصقولاً ومحرضاً أحياناً.
أمنت الحضرية المتعجلة في المجتمعات القريبة في القرنين الأخيرين للألفية الماضية، بأن مسرح الشارع مهنة اعتيادية واسعة الانتشار، ولها ابعاد مخيفة في الإعدامات أمام العامة والاعمال العنيفة في كل مكان، وانعكست في انكلترا خلال القرن التاسع عشر في (القروتسك البشاعة المضحكة) وفي عروض الدمى لما سمي (بنج وجودي) وفي اميركا في الخدع التي تقدمها فرق (المنسترل) الزنجية. وفي أواسط القرن العشرين كان لها اغراض متسعة ومتعددة ابتداءً من التسلية والتي تدّعي البراءة البدائية في عروض التهريج الايماني في المدن الساحلية الانكليزية ومشاركة مكثفة للصراع السياسي والتمرد في مجاميع التمريض للثلاثينيات والحركات التحريضية المتحررة خلال الستينيات لأجل الحقوق المدنية في اميركا والاحتجاجات ضد الحرب الفيتنامية، وهنا اتذكر مسرحية الكاتبة (ميغان تيدي) الموسومة (فيت روك) والتي قدمها في العراق الراحل (جعفر علي) وتشير إلى عروض فرقة مسرح الخبز والدمى لبيتر شومان وهي الفرقة الاميركية التي كانت تتحول بعروضها المسرحية بين اماكن مختلفة، حيث التجمعات السكانية ويعبر عن احتجاجها على الظروف الاقتصادية والسياسية السيئة في بلادها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram