اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الخيار المنبوذ

الخيار المنبوذ

نشر في: 29 مايو, 2017: 05:41 م

adnan.h@almadapaper.net

ما عدا الانتصارات المتواصلة على داعش، ليس ثمة ما تتباهى به الطبقة السياسية المتنفّذة في العراق.. نحن في محنة ونظامنا السياسي يواجه مأزقاً، ولم يعد أحد من هذه الطبقة ومن سواها يتردّد في القول بهذا.
زيادة على هذا أن كثيرين منّا صاروا يحذرون الآن من عواقب غير حميدة محتملة بعد إنجاز القضاء على داعش وتحرير مناطقنا المحتلة، ما لم نعمل شيئاً: تسوية تاريخية أو مصالحة وطنية.
المحنة التي نحن فيها، والمأزق الذي يواجهه نظامنا السياسي هما بالطبع نتيجة وليسا سبباً. السبب يكمن في العملية السياسية التي فُرِضت علينا. هي عملية غير صحيحة، غير سليمة، وغير مناسبة لنا، ولا حتى لغيرنا على الأرجح. الدليل أننا بعد أربع عشرة سنة من إطلاق هذه العملية نعيش محنة متفاقمة ومأزقاً مشتدّاً.
المنطق يقول إن الخروج من هذه المحنة وهذا المأزق يتطلب الخروج من العملية السياسية بصيغتها العائبة ووضع صيغة جديدة تقودنا إلى طريق مفتوحة بعيداً عن الطريق المغلقة الحالية.   
هذه الصيغة لابدّ أن تبدأ بإعادة النظر في الدستور، فثمة ما يُشبه الإجماع على أنّ في الدستور نواقص كثيرة وأحكاماً أظهرت التجربة العملية أنها متعسفة في حقّ الناس، بل إنّ فيه ألغاماً فتّاكة. وتعديل الدستور استحقاق دستوري نصّ الدستور نفسه على وجوب الوفاء به في غضون سنة من وضع الدستور موضع التطبيق، أي بنهاية العام 2006. وقد شكّل مجلس النواب وقتها لجنة لاقتراح التعديلات، لكنّ الطبقة السياسية المتنفّذة اختارت، كعادتها، أسهل الحلول، فركنت نتائج عمل اللجنة البرلمانية وظلّت تطلّ من منطقتها الخضراء (أو الغبراء بالتعبير الشعبي) على انفجارات الألغام الدستورية وعلى مشاهد سفك الدماء وإزهاق الأرواح ودمار الممتلكات العامة والخاصة.
والمنطق يقول أيضاً إنّ الخروج من العملية السياسية العائبة يتطلب كذلك التخلّي عن العمل بنظام المحاصصة الطائفية والإثنية الذي تحوّل في الواقع إلى نظام للمحاصصة الحزبية والعشائرية والشخصية وبيئة مناسبة لتفشّي ظاهرة الفساد الإداري والمالي. هذا النظام قال الذين تبنّوه وفرضوه إنه سيكون لدورة برلمانية – حكومية واحدة (أربع سنوات)  بقصد تطمين الجميع إلى أنّ حقوقهم محفوظة بالكامل!، لكنّه تحوّل إلى نظام حكم وحياة وَجَد مَنْ يدافع بضراوة عن الاستمرار به إلى الأبد، فلم يتردّد بعض الأقطاب السياسيين في القول بصلافة وبتجاوز سافر على إرادة الشعب، بأنه نظام "وُجِد ليبقى" وأنه "أصبح أمراً واقعاً".!
باقٍ من زمن الانتخابات العامة والمحلية التالية سنة كاملة .. في الوسع في غضون هذه السنة تحقيق الكثير من الأشياء التي من شأنها إخراجنا من المحنة ونظامنا السياسي من المأزق.. من إلغاء نظام المحاصصة إلى تعديل قانون الانتخابات، إلى تشكيل مفوضية جديدة للانتخابات تكون مستقلة، الى إجراء انتخابات نزيهة وليست مزوّرة كالسابقات... وإلى تعديل الدستور حتى.
المشكلة أنّ الطبقة السياسية المتنفّذة، شيعيّة كانت أم سنيّة أم كرديّة لا تريد هذا الخيار.. ببساطة لأنه يعني خسارتها فسادها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ناظر لطيف

    كلام رائع وهذا هو الحل واما البقاء على نفس النظام فهو كارثة بكل المقاييس فلم يسلم من تبعات هذا النظام الفاسد لا انسان ولا حيوان ولا نبات ولا بيئة انه فوضى تخريبة بهيئة نظام لكن السؤال الاهم اليوم من سيقوم بهذه المهمة في اعتقادي اذا شارك 5 بالمئة من الطبق

  2. أبو أثير

    الخيار الوحيد للشعب العراقي ... هو في مقاطعة ألأنتخابات بكل أشكالها النيابية ومجالس المحافظات ... لأن في ظل مفوضية ألأنتخابات الحالية وقانون ألأنتخابات الذي فصل على مقاس الطبقة السياسية الحاكمة لا يلبي طموح العراقيين ولا يجعل خياراتهم في أنتخاب نواب صالحي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram