الاحزاب والقوى السياسية العراقية جميعها - بلا استثناء - المشاركة في الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 ، لم تستطع تحسين صورتها البشعة المنطبعة في اذهان العراقيين المصابين بخيبة امل كبيرة من الأداء السياسي والحكومي طيلة السنوات الماضية. مفوضية الانتخابات تعلن يوميا موافقتها على تشكيل تنظيمات جديدة ، تندرج ضمن فئة" الحزبخانة " بزعامة احد أعضاء مجلس النواب ، أو شخصية سياسية رفعت شعار تصحيح الأخطاء السابقة ثم الانتقال الى مرحلة بناء دولة المؤسسات .
الأحزاب الكبيرة المتنفذة وفرت لاتباعها فرص عمل في الوزارات الخاضعة لسيطرتها ، جعلت عناصر ميليشياتها يحملون رتبا عسكرية عالية ، تقديرا لخدمتهم الجهادية في مرحلة مقارعة النظام الديكتاتوري ، اما القياديون فتمتعوا بامتيازات لم تخطر في الاحلام ، مناصب عليا في الحكومة مع جوازات سفر دبلوماسية ، اولوية في اداء فريضة الحج لأكثر من مرة ، هويات دخول المنطقة الخضراء بموكب مدرع من سيارات الدفع الرباعي مزودة بمنظومة اطلاق اصوات التنبيه اثناء مرورها في الشوارع العامة ، رقم تلفون فاتورة ، دفع نفقات العلاج في الخارج حتى الدرجة الثالثة من الاقارب. كل هذه الامتيازات شجعت الرفاق الجدد على اجراء تحسينات على المستوى الشخصي باختيار زوجة ثانية او ثالثة مع ضمان حقوق الاولى ام العيال واقامتها في شقة فاخرة في دولة اوروبية.
تداعيات الأزمة المالية ألقت بظلالها القاتمة على الاحزاب والقوى العاملة في الساحة العراقية. الشلل أصاب نشاط لجانها الاقتصادية ، ففقدت القيادة الحكيمة امكانية الحصول على عقود لتنفيذ مشاريع استثمارية ، تمنحها إمكانية التحرك على القواعد الشعبية لضمان تصويتها بتقديم الهدايا والهبات المادية والعينية. هناك أحزاب تحولت الى دكاكين تشغل عقارات الدولة ، ستكون عاجزة عن تغطية نفقات حملتها الدعائية خلال الانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة ، لا خيار امامها الا بيع مقراتها بالباطن لعلها تستطيع ان تحقق استحقاقا انتخابيا يؤهلها لشغل حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة .
القوى السياسية العراقية تصنف بحسب اوزانها الثقيلة منها تمتلك وسائل اعلام من فضائيات وصحف ومواقع الكترونية ، لا تواجه مشكلة في الترويج لزعمائها ، وامينها العام ، تغطي نشاطاته اليومية في الأوساط العشائرية ، لتبعث برسالة الى الجمهور بانها مازالت على العهد تكافح وتناضل من اجل تحقيق الرفاهية للعراقيين بالتصويت لصالح القائمة الفلانية .
التنظيمات السياسية المشكلة حديثا لأغراض خوض الانتخابات من فئة "الحزبخانة " امامها شوط طويل لاستقطاب الرفاق الجدد وتوسيع قاعدتها الشعبية ، الخيار الوحيد المتاح امام زعمائها التحرك على الفضائيات لأجراء مقابلات لطرح برامجهم ، بمعنى اخر البحث عن بوق مناسب لأغراض الترويج .
تحتفظ ذاكرة الجيل السابق من ابناء محافظة البصرة بصورة الرجل "تومان " كان يجيد العزف على آلة المزمار حتى عن طريق الأنف ، للاعلان عن وصول افلام جديدة الى دور العرض ، الساحة العراقية فقدت منذ زمن بعيد خدمات المرحوم تومان ، بوصفه خير من يجيد الترويج ، هناك من يحاول تقليد تومان ، لكنه فشل في الترويج لزعماء "الحزبخانة" .
زعماء "الحزبخانة "
[post-views]
نشر في: 29 مايو, 2017: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ناظر لطيف
مقال ساخر يصف الوضع المتردي التي وصلت لها القوى السياسية الموجودة على ارض مجلس النواب والحكومة والهيئات التي تدعي انها مسقلة. السؤال اليوم هل ممكن تسويق اي من القوى السياسية لنفسها ولو بتزوير الحقائق والانتخابات؟ وما قدرة العراقيين على تحمل اربع سنين عجاف