مرت قبل أسابيع قليلة، الذكرى الـ 450 لولادة أحد أهمِّ الموسيقيين الذين دخلوا التاريخ – فإليه ينسب تأليف أوّل أوبرا في التاريخ وهي اوبرا اورفيو (1607). هنا نتوقف لنذكر أن هذا الأمر غير صحيح مئة بالمئة، فقد كان جاكوبو بري (1561 – 1633) هو أ
مرت قبل أسابيع قليلة، الذكرى الـ 450 لولادة أحد أهمِّ الموسيقيين الذين دخلوا التاريخ – فإليه ينسب تأليف أوّل أوبرا في التاريخ وهي اوبرا اورفيو (1607). هنا نتوقف لنذكر أن هذا الأمر غير صحيح مئة بالمئة، فقد كان جاكوبو بري (1561 – 1633) هو أول من ألف في هذا الشكل (ويسمى كذلك دراما موسيقية)، وكانت دافني (1597) هي أوّل أوبرا، لكنها فقدت. لحقها بأوبرا يوروديكه (1600). لكن أوّل اوبرا بالمعنى الحقيقي كانت بالفعل اوبرا مونتفردي اورفيو، التي نستمتع بالاستماع اليها اليوم أيضاً.
اشتهر مونتفردي بكتابة المادريغالات بالدرجة الأولى وألّف منه ثماني مجاميع. والمادريغال هو شكل غنائي دنيوي لعدّة أصوات يقدم دون مصاحبة موسيقية غالباً، وهو يقابل الشكل الموسيقي الديني الكنسي المعروف باسم موتيت. اشتهر الشكل في عصر النهضة، واستمر استعماله حتى بدايات عصر الباروك الذي تحسب بدايته في العام 1600 افتراضاً. ولد في كريمونا في 1567، ونشر أوّل أعماله الغنائية في 1582 و 1583 وهو في الخامسة عشرة من العمر. عمل لدى غونزاغا أمير مانتوا كعازف فيول ثم أصبح قائداً لجوقته الموسيقية سنة 1602. لكنه فقد عمله بعد وفاة الأمير في 1612، فانتقل للعمل في جمهورية فينيسيا سنة 1617 عازفاً للأورغن. تزوج في 1599 لكن زوجته توفيت في 1607، فأثر فقدها على حياته اللاحقة، إذ نلمس ثقلاً أكبر لعناصر الموسيقى الحزينة في أعماله. دخل لاحقاً سلك الكهنوت سنة 1632 بعد انحسار وباء الطاعون الذي ضرب ايطاليا بين 1629 - 1632. من أشهر أعماله إلى جانب مادريغالاته وموتيتاته الرائعة واوبراه الأولى اورفيو، اوبراه عودة اوليس (1640) وتتويج بوبيا (1641) التي تعد أوّل اوبرا ذات موضوع تاريخي، هو زواج يوليوس قيصر وبوبيا، إذ كانت مواضيع كل الأوبرات التي كتبت حتى ذلك الحين مستوحاة من الدراما الاغريقية كما نستدل من عناوينها. ألف كذلك عملاً رائعاً هو تسابيح مريم (1610)، لا يزال ضمن التراث المسموع كثيراً. توفي في فينيسيا سنة 1643.
نُسي مونتفردي بعد وفاته وضاع الكثير من أعماله، إذ لم يبق من الأوبرات العشرين التي كتبها سوى ستة. كان مجدداً بالمعنى الحقيقي، وإليه يعود الفضل في استعمال الكثير من الابتكارات الموسيقية التي اشتهرت في عصر الباروك. فكان يستعمل ديناميكية الصوت بمهارة، واستغل الانتقالات "المقامية" وعناصر الهارموني والتنافر الصوتي للتعبير عن العواطف ولزيادة التأثير على المستمع. ادخل بشكل وظيفي مقصود استعمال تقنية البتزكاتو، أي نقر أوتار الأدوات الوترية بالأصبع.