adnan.h@almadapaper.net
وفي هذه القضية أيضاً ليس ثمة ما يُدهِش أو يبعث على الاستغراب .. تلاميذ يتجاوزون على معلميهم حدّ طعنهم بالسكاكين ، لأن المعلمين قد عاقبوا التلاميذ الغشاشين في الامتحانات بما يستحقون، وأولياء أمور يفعلون الشيء نفسه وأسوأ منه للأسباب ذاتها أو ما يماثلها.
ثمة بيئة مناسبة لازدهار هذه الظاهرة وسواها من الممارسات الاجتماعية المتخلفة والمناهضة للقانون والنظام العام .. إذ تغيب الدولة تغيب سلطة القانون والنظام العام، وإذ تضعف الدولة تضعف سلطة القانون والنظام العام. نحن في دولة لم تستطع بعد تجاوز ضعفها، بل هي تصارع لإثبات نفسها وحضورها.
ما لدينا هو مجموعة دول أو دويلات داخل الدولة .. كل حزب متنفذ في السلطة وكل ميليشيا تابعة لهذه الاحزاب يتصرف عناصرها بوصفهم فوق القانون وخارج النظام العام. يريدون لأبنائهم أن ينجحوا في الامتحانات وإن بالغش، ويريدون لهم الحصول على مقاعد دراسية في الجامعات، بل أفضل الجامعات وأفضل الكليات، من دون اعتبار لقواعد القبول في الدراسة الجامعية الأولية أو العليا، مرّة بدعوى أنّ الوالد أو العم أو الخال من معارضي النظام السابق أو من المهجرين أو من الشهداء والمصابين في الأعمال الإرهابية أو في الحرب الراهنة على الإرهاب، أو من المجنّدين في الحشد الشعبي (!) ولم يعدم الأمر تزوير وثائق وشهادات وتحايل على القانون ... ومنْ ذا الذي سيقول لأيّ متجاوز على القانون والنظام العام " على عينك حاجب"؟!... التهمة الملفّقة جاهزة: بعثي، صدّامي( البعثيون والصداميون يملأون أروقة الدولة وبعضهم يمسك بمفاصل خطيرة فيها) ، معادٍ للحشد. والآن تدخل في التداول مفردة جديدة: مُلحد!
بموازاة الاعتداءات على المعلمين كانت الاعتداءات على الاطباء والكوادر الصحية أشد وأوسع نطاقاً.. والمحنة الحقيقية أن الدولة لم تحم موظفيها ولم تنتصر لهم أو تُغثهم ، فثمة دولة أو دويلات أخرى توفر الحماية والدعم والقوة للمعتدين.. انها دويلات الميليشيات والعشائر.. نعم حتى العشائر صار لها سلطان وجبروت تخاذل أمامهما وفي حضورهما سلطان الدولة وجبروتها... العشائر بُعِثت الحياة فيها في عهد الحكومة السابقة، وأطلقت أيديها معززة بالمال والسلاح. النظام السابق جعل من رؤساء العشائر جواسيس و " مهولجية" له.. الحكومة السابقة قطعت شوطاً أبعد بتحويل عدد غير قليل من رؤساء العشائر - أنفسهم- الى رؤساء كتائب جندرمة، فضلاً عن دورهم القديم.
مفتاح وقف هذا المسلسل المخزي بالاعتداء على المعلمين والاطباء وسائر المكلفين بالخدمة العامة، يبدأ ولا ينتهي بلجم الميليشيات وسواها من الجماعات المسلحة، وبنزع سلاح العشائر ، وفرض القانون على الجميع ، بقوة القانون المستندة الى سلاح الدولة.
جميع التعليقات 2
بغداد
استاذ عدنان حسين هية وين اكو دولة بل هي عصابة تسرق وتنهب وتفعل ما تشاء تسلطت على رقاب الشعب العراقي منذ عام ٢٠٠٣ منذ احتلال العراق والى يومنا هذا ونحن في عام ٢٠١٧ أليس هذه هي الحقيقة والدليل واضح جميع احزاب ألأسلام الفاشي السياسي المقبورة في المنطقة الخضر
ناظر لطيف
مقال منصف، كل سلاح خارج سلطة الدولة سيستخدم عاجلا او اجلا في صدر المواطن وفي مواجهة الدولة. وإن من المعيب على اية دولة في العالم ان يكون سلاح لجماعات او مليشيات او غيرها من المسميات موجود على ارضها فهو انتقاص لسيادتها وهو مكمن الشر والفتنة والفوضى والتخلف