كشفت الممارسة الانتخابية وإعادة دراسة النظام الأساسي للجنة الأولمبية السعودية الخميس الماضي، زيف ادعاءات القائمين على الشأن الأولمبي العراقي ومن عضّدهم الذين صدّعوا رؤوسنا بتحذيرات التدخل الحكومي - تحت أيّ مسمّى - ومخاطره على مصير رياضتنا بما لا يحمد عقباه!
فالجمعية العمومية غير العادية للجنة الأولمبية السعودية المنضوية مثلنا الى الأسرة الدولية أعلنت عن تزكية محمد آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة وهي أعلى سلطة رياضية "حكومية" في بلدهم رئيساً لمجلس إدارة اللجنة الأولمبية حتى عام 2020 ، ومطالبته من رؤساء الاتحادات الرياضية بتعديل النظام الأساسي للجنة لترسيخ مبدأ استقلاليتها وإعادة صياغة لوائح انتخابات مناصب اللجنة.
رئيس اللجنة الأولمبية السعودية الجديد هو وزير دولة وعضو مجلس الوزراء وعضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وكُلّف بالقيام بعمل وزير للصحة، وعمل سابقاً عضو مجلس إدارة تنفيذي وممثلاً للمملكة في البنك الدولي بواشنطن ، ثم تولى رئاسة مجلس هيئة السوق المالية ، أي أنه لم يخض سابقاً في المجال الرياضي ومع ذلك أرتأت مصلحة المملكة أن تستفيد من خبراته الداعمة لقطاع الرياضة بموقعين مهمين في هيئة الرياضة والأولمبية ، وباشر في أول مهامه إجراء تعديلات مفصلية منها إعادة صياغة لوائح انتخابات مناصب اللجنة.
ومنذ 14 عاماً ، وما تزال الرياضة العراقية أسيرة قوانين وتعليمات ولوائح كتبت في منتصف سبعينيات القرن الماضي على يد خبراء لم يكونوا تحت ضغط الطمع وحلب الأموال إنما بدافع الهواية وحب الرياضة لصناعة جيل خلوق يحترم قميص الوطن ويكون مثالاً أعلى في النزاهة والاخلاص والعطاء ، في زمن كان الهاجس الأكبر لكتابة القوانين والنظم آنذاك أن المناصب ليست حكراً على أبناء الرياضة لئلا تأخذهم أهواء النجومية ليسبحوا في ثرائها ويعتقدوا واهمين انهم أوصياء عليها بكفالة عواطف الجماهير.
لماذا انقلبت موازين الرياضة بين الماضي والحاضر، بل وصارت المجاهرة بتهديد الدولة الشكوى لدى المؤسسات الدولية أمراً مشاعاً وقابلاً للمزايدة حسب قابليات نفوس البعض ، وكأنهم يحلّلون قبض أموالها ويحرّمون مشاركتها المشورة وتعديل الانظمة وتعزيز إجراءات الحصانة ضد هدر المال ويهرعون لتأمين اتصال دولي مع أول هَمهَمة تنبّه عن خطأ بلائحة ما وتحديد صلاحية موقع خوفاً أن يُحرموا من مواصلة النوم فيه بلا حساب.
إن واقع اللجنة الأولمبية العراقية اليوم يمر في أسوأ حال ولم نخف ذلك عن رئيسها رعد حمودي في مقابلة (المدى) معه يوم 9 أيار الماضي، نتيجة تكالب المصالح وتداخل المطامح الشخصية مع الوطنية وتضرر اتحادات عدّة من أزدواجية التعامل تأسيساً على العلاقات الشخصية غير المسيطر على جوانبها السلبية واجتهادات عدد غير قليل من متنفذين في قراراتها لحل هذا الاتحاد أو تشكيل هيئة مؤقتة أو تسمية لجنة للتحقيق في مشكلة هنا والتغاضي عن مشاكل هناك ، فوضى مستمرة شغلت الأولمبية في أزمات قوّضت الثقة بإمكانية نجاحها باجتياز الامتحان لغياب القوة الاعتبارية لمنصب المسؤول واستفحال ظاهرتي "الخجل" من مواجهة المخطئ بحكم الصداقة و"التوجّس" منه خشية التهديد بمكالمة مجهولة!
ثم دعونا نواجه الحقيقة كما هي: هل ما زال بعض فلاسفة العمل الأولمبي يرددون أكذوبة إيمانهم بديمقراطية الرياضة قولاً وفعلاً لتسمية الشخصيات المنقذة لروادها وأبطالها وألعابها وتحافظ على أموالها وتشكّل فرقها دون التحايل على القانون وتتمسك بحبل الشراكة مع الدولة في تقرير مصير الرياضة، إذا كان الأمر كذلك ، كيف اصبح السويسري جيروم بويفي، مسؤول القسم القانوني في اللجنة الأولمبية الدولية أكثر وطنية وثقة من أبناء جلدتنا ويهلل البعض بإيضاحاته على قانون الأندية ، ضاربين عرض الحائط ما تم الاتفاق عليه بين لجنة الشباب والرياضة البرلمانية ووزارة الشباب والأولمبية ؟ وإذا كان الدور التنسيقي للكويتي حيدر فرمان مساعد المدير العام للمجلس الأولمبي الآسيوي مهماً في تأكيد "الاستقلال الذاتي المسؤول للحركة الاولمبية" لماذا ظلت أزمة الرياضة الكويتية متوقفة لثلاث مرات منذ عام 2007 ولم تتمكن من حلها حتى الآن ؟
مع تقديرنا للجهود المبذولة من بويفي وفرمان لا يمكن التناغم مع مشروع وطني يفتقد قاعدة الثقة لبناء علاقة مثالية لطرف يستنزف الأموال من الدولة بلا شروط ويستنجد دولياً إذا ما أرادت أن تشرّع كيانه مالياً وإدارياً.
جميع التعليقات 1
أبو أثير
تحتاج الرياضة العراقية الى ثورة أدارية في جميع مفاصلها الحيوية ... والبدأ من اللجنة ألأولمبية العراقية الى كافة ألأتحادات الرياضية المختلفة .. وأعطاء صلاحية مطلقة لوزارة الشباب والرياضة بوضع القوانين وألأنظمة المفصلة حسب رغبات الهيئات ألأدارية الحالية للن