اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من ينقذ البصرة من الشمس؟

من ينقذ البصرة من الشمس؟

نشر في: 10 يونيو, 2017: 09:01 م

 لا أعرف بالضبط من قال : المدن كالنساء. ولا يمكنني تصور المقولة خارج معايير الجمال، مستعيناً بالمقولة المأثورة: كل النساء جميلات. لكنني، وحين تستجد حاجة للتجوال في المدينة، فأني أفضل معاينتها في الليل، فمدننا كريهة في النهار، وفي الصيف خاصة، فالشمس لا ترحم والتراب زميل التجوال والناس مقطبون عابسون، هاربون الى الظلال الشحيحة، أما أصوات الباعة وعبر مكبرات الصوت، فهي الأكثر كراهية، الاقبح في كل شيء، ومن يدخل سوقاً لشراء حاجة ما سيلعن الساعة التي بلغت به المكان هذا. أسأل: أما كان مهندسو المدن عندنا يعون حاجة مدننا الى التشجير والظلال والنافورات وتجنب جهنم الله التي تنفتح علينا ؟
 كلنا شاهد ماكنة السقي التي كانت على الكورنيش، في البصرة، التي كانت تسحب الماء من شط العرب وتسقي الحدائق والجزرات الوسطية، في شارعي الجاحظ و14 تموزوشاهد كيف يدخل ماؤها بيوت العشار والضواحي القريبة منه، وكلنا يتذكر حديقة الأمة وحجم المساحات الخضر داخل وخارج المدينة، كلنا يتذكر حدائق النوادي الاجتماعية وحدائق البيوت وحدائق الدوائر والمدارس، بما يمكننا القول إن مركز وضواحي داخل البصرة كلها كانت خضراء بحق، ولا نريد أن نقول بانَّ المدينة كانت مسوّرة بغابة نخل لا حدود لها ومن جهاتها الثلاث، إلا ما انتفح منها على صحراء الزبير. يا ترى، ما الذي يحدث؟ ولماذا لا تزرع البلدية الاشجارَ التي تعلو وترتفع لتغطي ولو بنسبة ما شوارع المدينة الملتهبة؟
  لا نريد أن نذكركم بشارع ولي عصر في طهران وشوارع مشهد والمدن الايرانية الأخرى، مع اننا يقينا بانكم الغادون والرائحون الى هناك، إلا اننا نحيلكم الى شوارع وطرقات وأزقة القرى والنواحي التابعة لمدينة الاهواز، فهي الأقرب جغرافيا الينا، لماذا لا تتوئمون البصرة معها،أنتم يامن توأمتمونها مع هيوستن وشنغهاي وهامبورغ!!! ببساطة جداً، مدننا كريهة في النهار، ذلك لأنكم فاشلون في التخطيط، ومعدمو الضمائر، منذ خمسة عشر عاما وأنتم تسرقون، وانتم تقطعون النخل وتردمون الأنهار والمدينة تتكشف وتخلع أثوابها عارية امام بوابات جهنم التي تنفتح علينا ثمانية أشهر في السنة. نقول لكم: هناك، أشجار اسمها اليوكالبتوس واخرى اسمها الحور والعفص ومثلها التي كانت يوما على كورنيش شط العرب، هي اشجار تعمر وترتفع حتى تطول السماء وهي دائمة الخضرة. أنقذونا بها.
  علينا تصور مدينة ترتفع درجات الحرارة فيها لتصل الـ 60مئوية، وهي محاطة بالمئات من آبار النفط، التي تستعر ليل نهار، وقد جفت المساحات المائية التي كانت تحيط بها، ثم جرّفت ملايين النخيل التي كانت تسوّرها. المدينة التي يقارب عدد السيارات فيها تعداد نفوسها، أليس من سبيل الى معالجة شوارعها وتقليل حرارة الشمس فيها. فالإماراتيون يتحدثون ويدافعون عن جدوى نقل جبل الجليد من القطب الى بحرها، والحكومات في اوروبا شرعت منذ سنوات بالبناء الاخضر، وهو تشجير العمارت وناطحات السحاب، مع غزارة ما يسقط هناك من مطر، مع الخناثة التي تبديها الشمس عندهم، شمسنا ثور هائج، وهي فحل نار لا يرحم. أنقذونا مدينتكم يا حكام الصدف ويا زلّات الأزمنة ويا سقط متاع السياسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو أثير

    البصرة ياعزيزي البصراوي الكريم ... قد سلبت من أهلها البصاروة النشامى وأخذ من يسير أمورها أشخاص لم يلدوا ولم يعيشوا في هذا الثغر الجميل من العراق ... حيث كانت البصرة تفرح بقدوم المتزوجين الجدد وتستقبلهم في مدنها وحاراتها وفنادقها وأسواقها ... وكان العراقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram