مشكلة الكهرباء كانت الشرارة الأولى لاندلاع التظاهرات الاحتجاجية المطالبة بتحسين الخدمات الاساسية فجسدت الاستياء الشعبي من طبقة سياسية ، اثبتت التجربة بعد عام 2003 فشلها في كل شيء حتى في القضاء على حية سيد دخيل باستثناء نجاحها في تقاسم المغانم والمناصب وجر البلاد الى منزلق خطير .
معظم العراقيين على اطلاع كامل بان تقاسم الحقائب الوزارية تم بموجب اتفاق الكتل النيابية ، وداخل تلك الكتل برز صراع للحصول على" الوزارة ام الخبزة "، حسم لصالح اهل الحل والربط لضمان المزيد من الاموال وايداعها في بنوك خارجية . عمليات البيع مرت من دون حساب ، لان الجهات الرقابية تبحث عن دليل واثبات ، وكان بإمكانها العثور على الدليل باستضافة نائب صاحب مقولة" الوزارة ام الخبزة " ليفسر لهيئة النزاهة المستقلة ، واللجنة النيابية المعنية بذات الأمر مضمون مقولته التاريخية .
مع ارتفاع درجات الحرارة ، واحتمال وصولها الى خمسين درجة على مقياس سوء الاداء الحكومي ، تحوّل انعدام توفير الطاقة الكهربائية في القاموس العراقي الى مرض مزمن أثار قلق ومخاوف الباحثين عن الرحمة في نظام القطع المبرمج. الحكومات المتعاقبة انفقت مليارات الدولارات لأنشاء محطات توليد جديدة ، استعانت بالجارة العزيزة ايران في تغذية خطوط المحافظات الجنوبية ، ابرمت عقودا مع شركات عالمية لمعالجة مشكلة نقص الطاقة ، كل هذه الخطوات وغيرها باءت بالفشل ، المشكلة تتجدد لتفرض حضورها في الحياة العراقية مع ازمات سياسية مستعصية .
الجهات الرسمية انشغلت بتنظيرات فنية وحسابات الميكاواط لشرح قدرات محطات التوليد ، وتدمير خطوط النقل في المناطق الساخنة أمنيا، مع دعوات لاعتماد الترشيد . جميع وزراء الكهرباء بدءا من ايهم السامرائي حتى قاسم الفهداوي مع المسؤول الاول عن ملف الطاقة في العراق سابقا حسين الشهرستاني صاحب نظرية تصدير الكهرباء العراقية الى الخارج ، تجاهلوا الحديث عن حجم المبالغ المخصصة من موازنة الدولة لقطاع الكهرباء . يقال ان الاموال تبددت بأبرام عقود وهمية لصالح اشخاص وجهات ، عجزت الاجهزة الرقابية عن استردادها ، فيما اعلنت الحكومة في اكثر من مناسبة انها ستبذل كل الجهود المتاحة في ظل الازمة المالية لتوفير الطاقة بمساعدة الدول المانحة ، من دون تحديد سقف زمني لتحقيق هذا الانجاز التاريخي ، والغاء نظام القطع المبرمج بوصفه من مخلفات النظام السابق .
وزارة الكهرباء اعتادت التغني بإنجازات الخصخصة ووصول التيار الى قرية سيد دخيل واستطاعت ان تقلل من ساعات القطع المبرمج ، فأحبطت مخططات اصحاب المولدات الاهلية ، مشكلة توفير الطاقة أصبحت مرضا مزمنا أثار الاستياء الشعبي ، لكنها لم تحرك ساكنا في الأوساط الأخرى المنشغلة بمشروع التسوية للتوصل الى اتفاق على إدارة البلاد في مرحلة ما بعد داعش . الحكومة واطرافها تبدو هذه الأيام قلقة متخوفة من احتمال دخول حية سيد دخيل الى المنطقة الخضراء ، وتحقيق نبوءة " يا حية ام راسين خشي بجدرهم " شهر تموز المعروف بثوراته وانقلاباته قريبا سيطرق الأبواب .
ميكاواط سيد دخيل
[post-views]
نشر في: 16 يونيو, 2017: 09:01 م