| 11 |
في 24 كانون الثاني عام 1889 تسلمت الأنسة فلورا رسالة تحتوى على خمس كلمات من شقيقتها الكبرى: "تعالي فوراً، كاتبك المفضل عندنا ". كانت في العشرين من عمرها، متزوجة من شخص ظنت ان
| 11 |
في 24 كانون الثاني عام 1889 تسلمت الأنسة فلورا رسالة تحتوى على خمس كلمات من شقيقتها الكبرى: "تعالي فوراً، كاتبك المفضل عندنا ". كانت في العشرين من عمرها، متزوجة من شخص ظنت انها تحبه وتغار عليه، إلا ان أملها خاب فيه بعد ان تركها وصرف اهتمامه لتجارته، وقد علمتها هذه التجربة ان لاتستسلم لكلمات الحب، وان تتفرغ لهوايتها الكتابة، كان كل طموحها ان تصبح كاتبة معروفة، نظمت شعراً، ودونت في دفترها الصغير عدداً من القصص القصيرة، إلا انها لم تحظ بالاهتمام، تقرأ كثيراً، ويسحرها عدد من الكتاب في مقدمتهم الطبيب انطوان تشيخوف، كانت قصصه تثير احاسيسها، فكم ذرفت الدموع على " أيونا " سائق العربة الذي اراد ان يشرك حصانه باحزانه، لأن لا احد غيره يصغي اليه، لقد مات ابنه، وكان وحيدا، مات ولم يهتم به أحد، لماذا، ينبغي ان يروي كيف مرض أبنه، وكيف تعذب، وماذا قال قبل وفاته، وكيف مات، ينبغي ان يصف جنازته وذهابه الى المستشفى ليتسلم ثياب المرحوم، ويسأل أيونا فرسه عندما يرى عينيها البراقتين
– تمضغين؟ حسنا، امضغي، امضغي، ما دمنا لم نكسب حق الشعير، فسنأكل التبن، نعم انا كبرت على السواقة، كان المفترض ان يسوق ابني لا انا، كان حوذياً اصيلاً، لو انه عاش فقط.
ويصمت أيونا بعض الوقت ثم يواصل
- هكذا يا أختي الفرس، لم يعد كوزما أيونيتش موجوداً، رحل عنا، فجأة مات، خسارة، فلنفترض مثلا عندك مهرا، وانت ام لهذا المهر، ولنفترض ان هذا المهر رحل فجأة، أليس مؤسفاً؟
وتمضغ الفرس وتنصت وتزفر على يدي صاحبها، ويندمج أيونا فيحكي لها كل شيء ".
ظلت قلورا تقرأ هذا المقطع لأسابيع وفي كل مرة تنهمر منها الدموع بغزارة. انتبهت الى ان الضيف يسير نحو الغرفة التي تجلس فيها، قال زوج شقيقتها عندما رأه يتقدم نحوهم:" آه انطوان بافلوفيتش، اسمح لي ان أقدم لك الانسة فلورا، انها تحت وصايتي ".
تصف ليديا افيلونا في مذكراتها التي نشرت بعد وفاة تشيخوف اللقاء الاول بينها وبين كاتبها المفضل:" تحرك تشيخوف الى الامام بسرعة وبابتسامته هادئة، أخذ يدي بيده ونظر كلانا في عيني الآخر، وخيل إلي انه دهش بعض الشيء، قد يكون ذلك من الاسم فلورا، لقد دعاني زوج شقيقتي هكذا بسبب تورد خديّ وغزارة شعري الذي كنت أصففه احيانا على شكل ظفيرتين طويلتين، قال زوج شقيقتي: انها تحفظ جميع قصصك عن ظهر قلب، ولاشك انها كتبت اليك رسائل، انها تلتزم الصمت، ولاتريد البوح بها.لاحظت ان عَيني تشيخوف ضاقتا قليلا من طرفيها، وبدأت ابتسامته الساحرة تظهر من بين شفتيه ".
كان تشيخوف قد قدم الى بطرسبورغ لعرض مسرحيته " ايفانوف " وقال لايفانوفا وهو يجلس الى جانبها على مائدة الطعام، انه يشعر ان المسرحية ستفشل، وانه قلق ومتضايق، وأكثر من هذا فهو لايحب جو بطرسبورغ، انه يرغب ان ينتهي كل شيء بأسرع وقت ويرجع الى بيته.
لاحظت انه يطيل النظر الى وجهها، شعرت بالإحراج، فهمس لها وهو يشير الى شعرها: لم اشاهد مثل هذه الظفائر من قبل، قالت له انها تكتب قصصا أيضا، ولديها شيء ما، تريد البوح به، وابتسمت بخجل، تذكر ابتسامة موظفة في صحيفة "الزمان الجديد" التي ينشر فيها قصصه، كان في تلك اللحظة يفكر في رؤيتها ثانية، انه يعترف بأن لديه ضعفا ازاء الفتيات الجميلات، يقول لزملائه ان صديقات اخته ماري يشكلن حوله "باقة من الصبايا الجميلات" وهو يسعد برؤيتهن، والحديث معهن حتى انه فكر بالزواج من احداهن، فتاة من عائلة غنية اسمها دونيا إيفروس، فتنه ذكاؤها وحيويتها، وذات يوم عرض عليها الزواج، وكتب الى شقيقه: "سأقفز من الموقد إلى النار". وبعد خمسة عشر يوما من التفكير، أعاد السؤال امام الفتاة التي كانت مترددة، ونراه بعد اسابيع يكتب رسالة جديدة الى شقيقه: لقد ابتعدت عنها انها متهورة وعنيدة، او بالأحرى هي التي قطعت العلاقة، لن أعود الى الحديث عنها ابدا، ربما كنت على حق عندما قلت بانني لم انضج بعد للزواج " .
أستدار نحو ليديا ليسألها: هل ستحضرين عرض ايفانوف يا آنسة فلورا.
ضحكت وهي تقول له: أود ان أخبرك باني لست شابة، ولا آنسة، تصور أني متزوجة ولدي طفل.
انحنى تشيخوف وحدق في عينيها وقال: عندك ابن حقاً، ما أروع هذا، ثم نهض من المائدة وهو يقول لها: سأتي الى هنا مرة ثانية، وأتمنى ان أراك، هات لي كل ما كتبت، سأقرأه جميعاً بكل عناية، اتفقنا.
****
لا أعرف كيف أفعل هذا؟
يتذكر أنطون بافلوفيتش تشيخوف المولود في كانون الثاني من عام 1860، انه عاش العشرين السنة الاولى من حياته في وحدة قاسية:" لقد عوملت في غير ما شفقة وانا طفل، حتى انني كنت أرى الحنان شيئا غير طبيعي، انني أحب ان أكون محبوبا ومحباً للناس، لكنني لا اعرف كيف افعل هذا ". ولهذا ما ان بلغ الثامنة عشرة من عمره حتى راح يبحث عن صحبة الفتيات، يحاول ان ينخرط في قصة حب جدية مع احداهن، وكانت لايكا الجميلة التي كان يمطرها بوابل من رسائل الحب الملتهبة احداهن:" تعالي الي ايتها الشقراء الجميلة، سنثرثر ونتشاجر ثم نتصالح، قومي ايتها الجميلة لايكا، وغني، إذا كنت عاشقة لأحد لا تنسيني، ولا تسخري على الاقل مني " وقد أدركت لايكا ان احاديث تشيخوف الفاتنة، تخفي دائما نية ألا يتزوج منها، وحتى تستثيره تظاهرت بانها ارتبطت بشاب آخر، إلا ان تشيخوف لم يبد اية غيرة، وتكتب له ذات يوم:" ثمة انسان وحيد في العالم يمكن ان ينقذني من هذا الوضع البائس، لكن هذا الانسان لايهتم بي مطلقاً "، كان تشيخوف في تلك السنة قد استدار نحو أمرأة اخرى صادفها في موسكو، ممثلة شابة ذات صوت ناعم، وفتنة مغرية، هي ايجليا يافوريسكا، وجدها مملوءة بالفتنة، وكان يشعر بانجذاب شديد لها، ولم تلبث علاقتهم ان اصبحت حديث الاوساط الفنية في موسكو، ووعد ان يكتب لها مسرحية خصيصا. كانت من جانبها ترسل اليه رسائل رقيقة تنتهي بهذه الكلمات:" أقبلك وأحبك "
وأدركت لايكا ان منافستها لن تلبث ان تستحوذ على قلب تشيخوف فكتبت رسالة امرأة تشعر بالهجر:" قضت السيدة يافوريسكا السهرة معنا وقالت ان تشيخوف يريد الزواج منها بأي ثمن، وطلبت مساعدتي، ووعدت ان ابذل الممكن من اجل راحتكما المشتركة، أكتب بعض الكلمات تقول اذا ما كنت تحب يافوريسكا، اكتب إلي طبعا، لا اليها. الى اللقاء، ياجلاد روحي، أكتب إلي، أرجوك "
وأعجب تشيخوف بمناورة لايكا، فكتب لها خمسة اسطر داعيا اياها بالسمراء لايكا العزيزة، دون ان يعطيها دليلاً على عواطفه نحو الممثلة.
ما كان يشغل تشيخوف هو هذا العدد الكبير من الصبايا الفاتنات، كان يقول لشقيقه انهن يؤلفن أسطوله، وانه الاميرال قائد الاسطول، ونراه يؤكد في رسائله ان الغريزة الجنسية اساس الحب، وينشر في تلك الفترة مقالا عن الحب في مجلة الرسول الروسي يشرح فيه العلاقة القوية بين شوق الحب والرغبة في العلاقة مع المرأة، لكنه يرفض الفكرة القائلة بان الحب مجرد غريزة، فالحب في رأي تشيخوف ذو طابع فريد بصورة استثنائية، ان الحب هو القوة الوحيدة، القادرة على لجم الأنانية الفطرية، دون ان يحذف السمات الفردية، بل على العكس يؤكدها ويتفهمها، ولهذا فإن مغزى الحب هو تبرير وحماية النزعة الفردية، لانه من خلال الحب، نحن نؤكد الاهمية المطلقة لفرد آخر، والحب هو الغاء كامل للانانية، انه نقل اهتمامنا من الذات الى الآخر، ومن هنا تأتي قوة الحب التي تلغي الأنانية، وتبعث الفرد وتسمو به نحو نوعية روحية جديدة، ويرى تشيخوف ان الحب الجنسي يحافظ على المساواة بين المحب والحبيب، ومع اعترافه بالحب الجنسي، فان تشيخوف يرى ان الجنس اذا كان فقط هو هدف الحب، فانه يقتل كل المشاعر الجميلة.
في هذه المقالة نرى تأثير افكار افلاطون على تشيخوف الذي كان معجبا بالفيلسوف اليوناني، وكثيرا ما خاض نقاش عنه مع تولستوي، فالحب عند افلاطون هو صعود وهبوط، او حسب قوله في محاورة الجمهورية هو افروديت السماوية وأفروديت الارضية، وفي نهاية الامر ينبعث في الحب المبدأ المثالي، المرتبط بصورة " الانثى الخالدة " وهذا بالذات ما يكسب الحب دفقات سعادة غير مألوفة، وهو ايضا ما يفسر آلام الحب المرتبطة برغبة الانسان بالتمسك بصورة الحبيب المثالي.
وقد حاول تشيخوف ان يشرح هذا المبدأ من خلال بطل مسرحيته ايفانوف، فنحن ازاء، مثقف روسي شاب اختل توازنه ذات يوم، ونراه يعاني من شعور دائم بالإخفاق ولهذا هو يرفض ان يجرب أي شيء يبعد عنه ذلك الإخفاق. ان كبرياءه وعزة نفسه هما ما يجعلانه يقبل الإخفاق ويواكبه من دون اي تطلّع حقيقي الى اية مقاومة. فهو الذي كان أول الامر قد بدأ حياته رجلاً ناجحاً وتزوج امرأة حسناء اختطفها خطفاً من اهلها الذين لم يكونوا ليريدوا لابنتهم ان تتزوج من غير طبقتها الاجتماعية، وبدأ يشق طريقه. غير انه سيحدث له ذات لحظة ان يتوقف فجأة ليمعن التفكير في ما اذا كان كل ما فعله او يفعله الآن عبثاً في عبث. وفي الحقيقة ان هذا التساؤل الوجودي ظهر لديه متزامناً مع موت زوجته حيث يرى ايفانوف ان كل ما حوله ليس اكثر من دمار وخراب. وهكذا، على حين غرة ومن دون سابق انذار ايضاً، يتخذ الماضي - لا الحاضر ولا المستقبل - بالنسبة اليه سمات براقة زاهية، وأملاً لا يمكن الوصول اليه. ان الأمل - هذا الذي يمكننا في لغة اليوم ان نسميه العصر الذهبي - صار وراءه لا أمامه. وهو، اذ يبدو في لحظات تجليه وهدوئه، متحدثاً بارعاً ومثقفاً ممتازاً، يحدث ان تغرم به،، الحسناء ساشا... ويخيل اليه للحظة انه يمكن ان يبادلها هذا الحب، كما يمكن الحب ان ينفخ فيه روحاً جديدة وثابتة. لكن الحب، بدلاً من ان ينمي لديه مثل هذا الشعور ويغدو بالنسبة اليه اشبه ببارقة أمل، نراه يرفض هذا كله... في لحظة يبدو الاختيار امامه ممكناً: فموت زوجته ووصوله الى لحظة انعطافية في حياته، وضعه امام اختيارات ممكنة ومفتوحة، اهمها الحب الجديد والانفتاح على الحياة. لكنه يرفض هذا كله، ويختار بدلاً من ذلك ان ينهي حياته في اللحظة نفسها التي يكون فيها قادراً على عكس ذلك: على البدء بحياة جديدة. ان ساشا ظنت أن للحب الجديد الذي سيعيشه ايفانوف قوة تستطيع إنقاذه من الوضع الذي غرق فيه، لكنها لم تدرك ان ايفانوف كان يعيش عقدة الحب المثالي الذي لايستطيع التخلص منه .
****
الحب في مكان آخر
قرر تشيخوف ان تمثل يافوريسكا الحسناء دور ساشا في المسرحية، وكان كمن يعرف ان دربه لن تقوده الى يافوريسكا التي أُغرمت به ورغبت في ان تعبر له، عن حب حقيقي، لكنه مثل بطل مسرحيته ايفانوف يعتقد ان الحب في مكان آخر.
المكان الآخر كان ليديا افيلونا التي مر على لقائهم الاول ثلاث سنوات، ففي كانون الثاني عام 1892 كان مدعوا الى حفل في موسكو، بمناسبة نجاح مسرحيته " اليوبيل "، كان يشعر بالسأم من أحاديث بعض الضيوف، ولكن فجأة شاهد في المرآة وجه ليديا الفاتن، كانت ترفع يدها اليمنى وتزيح خصلة من شعرها الى الخلف، وبينما اخذ ينظر اليها في المرآة تذكر اول لقاء بينهما وسأل نفسه: هل ستتذكرني، هل ستقوم بيننا تلك الصلة الحميمية التي قامت قبل ثلاثة اعوام ؟ وفجأة وجد يده تمتد اليها سحبها بشوق وهو يقول
- ما كنت أتوقع ان أراك
* لكني توقعت ان أراك قالت له.
- هل تعرفين ماذا سنفعل، سنجلس معا مرة اخرى، كما فعلنا من قبل
* لافائدة قالت وهي تبتسم، سيجلسونك انت مع كبار المدعويين
- سنهرب ونجلس في مكان بعيد.
* جميل جدا وسيقولون هرب مع امرأة متزوجة
- ألا يبدو لك اننا حين التقينا منذ ثلاث سنوات، وبالرغم اننا لم نكن نعرف بعضنا البعض، كأن الأمر كما لو اننا وجدنا بعضنا بعد افتراق طويل
* اجابته وهي تنظر اليه اجل.. اجل.
- اجل طبعا، اعرف ان شعوراً كهذا لايمكن ان يكون إلا شعورا متبادلا
* لكني اخاف ان اجرب هذا الشعور، ففي النهاية لا أمل لنا
ثم سألها من غير توقع
- كم عمرك
• ثمانية وعشرون
- وانا في الثانية والثلاثين، وحين تفارقنا كنا أصغر مما نحن الآن بثلاث سنوات..كنا شبابا ً
• زوجي كان يذكرني دائما بانني لم أعد شابة، ويضيف الى عمري بعض السنين، ثم نهضت وهي تقول له: سنلتقي مرة اخرى حتما
- سآتي من أجلك
ما ان وصل تشيخوف الى البيت حتى كتب لها رسالة:" ايتها الفاتنة الغاضبة، أحب كثيراً ان اراك مرة آخرى، كثيرا جدا، حتى ولو كنت غضبى عليَ، فانت تتمنين لي الخير، على كل حال سأكون بعد شهر في موسكو، هل بوسعك ان تكوني رحيمة ونتناول معا عشاء او غداء، سيكون ذلك جميلا حقا، ولن أخذلك، لن يبقيني في البيت خلال الايام الماضية سوى المرض، اشد على يديك، وأبعث بأحر الاحترامات.
كان تشيخوف يندفع باتجاه ليديا، فلأول مرة يبدو له الأمر انها المرأة التي يمكن ان تدفعه دفعا الى التمسك بالحياة، وكتب لشقيقه ميخائيل انه يتمنى ان يجد في قلب ليديا مكاناً خاليا لرجل حزين وبائس، لكنها كانت تعلم انها لاتستطيع ان تمنحه هذا المكان، فهي أمراة متزوجة وام لطفل، وعرف تشيخوف ان هذا الحب يمكن ان يقتله، فقرر ان يبتعد عنه، فقام برحلة طويلة الى جزيرة سخالين في سيبيريا والتي كانت مكانا لتنفيذ الاحكام على المجرمين، وكتب تشيخوف عن ظروف حياته وعن المساجين، لكن طيف ليديا لم يكن يفارقه.
من هناك يكتب لها رسالة: " هل تتذكرين لقاءاتنا الاولى، هل تعلمين انني كنت ولازلت مولها بك، وان الامر جديا، انا احبك، ويخيل الي انه ليس في وسعي ان احب امراة في الدنيا بهذا الشكل، انت جميلة ومثيرة، وفيك طراوة وفتنة تدير الراس، الا انني اعرف انك ستهجرينني في يوم من الايام، ان الحب الذي احبك اياه يجب ان يكون نقياً ومقدساً، وان يدوم طيلة الحياة، كنت اخشى ان المسك، كنت اخاف ان اجرحك. "
****
السيدة صاحبة الكلب
في العام 1897 سيتذكر تشيخوف ليديا من جديد وسيقول على لسان ايفان فوينيتسكي في مسرحيته الشهيرة الخال فانيا
فوينيتسكي : منذ سنوات قابلتها، كانت انذاك في العشرين من عمرها، وكنت في الثلاثين، كان ممكنا ان تصبح زوجتي، نعم كنا استيقظنا الآن معا بسبب العاصفة، هي خائفة من الرعد، وانا اضمها إلى صدري، وأهمس لاتخافي انا هنا، اوه، يالها من افكار مدهشة، ما اروع ذلك، لقد خدعت.
أستروف: انت هنا وحدك، لاسيدات، لن تجد ركنا للنوم، العاصفة ايقضتني ياله من مطر،
فوينيتسكي: عندما لايوجد حب حقيقي، يعيش الناس على السراب، لكنه في النهاية حال افضل من لاشيء.
ويعود تشيخوف إلى حكاية ليديا في قصته الشهيرة " السيدة صاحبة الكلب" أنها قصة تحكي عن لقاء تحول إلى علاقة تحولت إلى هوس. فلماذا حدث هذا؟ الظاهر أن تشيخوف أيضا لا يعرف. ولا هو حتى حاول أن يشرح حياة ليديا ومعاناتها
" كنت في العشرين من عمري عندما تزوجته، وكان الفضول يؤرقني، وكنت اتوق الى شئ نا أفضل، كنت اقول لنفسي هناك حياة اخرى حقا، كنت اريد ان اعيش واعيش "
وفي مكان اخر من القصة يكتب " أحبا هو وآنا سيرجيفنا بعضهما كشخصين قريبين، كأهل، كزوج وزوجة، كصديقين رقيقين، وبدا لهما أن القدر نفسه قد هيأهما الواحد للآخر، ولم يكن مفهوما لماذا هو متزوج وهي متزوجة، وكأنما كانا طائرين مهاجرين، ذكرا وأنثى، أمسكوا بهما وأجبروهما على العيش في قفصين منفردين"
كانت بطلة السيدة صاحبة الكلب ليديا افيلوفا التي جلبت إليه مخطوطة أول قصة قصيرة لها، ووقعت على الفور في غرامه. بعدها ادركت أنه ما من فرصة لها،، وحين نشرت "السيدة صاحبة الكلب"، افترقا، ولم يراها ابداً، فقد عرف الجميع من هي السيدة التي في الرواية القصيرة.