يرتبط تشخيص الأنثى أصلاً سواء في الفولكلور أم في الأساطير بالطقس الديني والكرنفالات وكان ملحماً مهماً من ملامح المسرح في الغرب والشرق، ففي المسرح الأغريقي القديم كان الرجال يمثلون أدوار النساء، وفي انكلترا كان الصبية يمثلون أدوار النساء، وحتى عندما صعدت النسوة على خشبة المسرح عام 1660 وفي اليابان يمثل الممثلون أدوار النساء في مسرح (نو) ويستخدمون الأقنعة على وجوههم لهذا الغرض، وكان النساء هم الذين أسسوا مسرح (الكابوكي) وكان بعد منعهم من الظهور على المسرح، أخذ الممثلون الرجال يمثلون أدوارهن وذلك عام 1952. وفي (اوبرا بكين) الصينية والكاثاكالي- الدراما الراقصة الهندية، يمثل الرجال ادوار النساء .
في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أخذ تمثيل الرجال لأدوار النساء طابع (الغروتسك) الساخر وخاصة في انكلترا، ثم أخذ ينحسر تدريجياً ليحل محله كتابة المسرحية من قبل النساء، بعد أن كانت تلك الكتابة مقتصرة على الرجال، وفي انكلترا بالذات، استخدمت حركة تحرير المرأة، اوائل القرن العشرين، العرض المسرحي وسيلة للاحتجاج، وكانت هناك مظاهرات ضد التمييز ضد المرأة أواخر الستينيات واوائل السبعينيات، واستخدمت العروض المسرحية أيضاً للغرض نفسه، وكانت مسرحيات (أبسن) النرويجي كالبطة الوحشية وهيدا غابلر من ضمنها . وكان لمسرح الإناث هدفان: الأول، تصعيد الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية التي تهم النساء، والثاني تحسين اوضاع النسوة العاملات في المسرح ورفع شعار (ما هو شخصي فهو سياسي) بقصد توعية الجمهور بمسائل التمييز وأوضاع العمل والحقوق المتساوية، وكذلك استكشاف العوالم الخاصة والعامة للتجربة.
وقد أرادت النسوة الحصول على مراكز أكثر للسلطة في المؤسسات المسرحية وتشجيع التمثيل الايجابي للمرأة على المسرح. واتخذت بداية حركة المسرح النسوي الطابع التحريضي في العروض المسرحية في عام 1973 قام (ايد بيرمان) بتنظيم موسم خاص لعمل المرأة في مجال المسرح الحر، وتشكلت بعده عدد من الفرق المسرحية النسوية وخصوصاً (فرقة مسرح النساء) وكانت (هذا ما تقوله أمي) أول مسرحية للفرقة عام 1974 (المجنّدات الوحشيات) وهي فرقة اشتراكية قدمت مسرحية (رغوة : دمار الموت والغسيل القذر) 1976 لمؤلفتيها (كلير لوكهام) و(كريس بوند) وتعرضت مسرحيات أخرى الى الشذوذ الجنسي لدى النساء.
ركزت كاتبات المسرحيات البريطانيات خلال الثمانينات على الأنثوية المادية وتفحص السياقات التأريخية، وحللت مسرحيتا الكاتبة (جرجل) (السحابة التاسعة) 1979 و(فتيات القمة) 1982 العلاقة بين الطبقة والنوع عبر التزامن بين الماضي والحاضر. وقد أعادت الممثلات والمخرجات العمل على الكلاسيكيات لغرض الكشف عن الشبق الجنسي في موضوعات الدراما، ودفعت النظرية الأنثوية للثمانينات المسرح النسوي للاتجاه نحو تطوير جماليات جديدة للتمثيل، وذلك بكسر الحواجز في الرقص والمسرح وفنون الأداء. وحاول فنانون أمثال (بوبي بيكر) و(روز انكلش) وبالمسرح التجريبي أن يحرروا تمثيل النساء من الأعراف المسرحية وقيودها.
في اميركا، كان العرض المسرحي مجالاً لتوضيح السياسات الأنثوية، حيث استخدمته النساء حتى في احتجاجات الشارع الممسرحة من خلال حركة الأصوات الانتخابية، ولكن لم يظهر المسرح النسوي بشكل واضح إلا أوائل السبعينيات وفرت (فرقة سان فرانسيسكو للتمثيل الصامت) و(مسرح الخبز والدمى) للفنانات فرصاً للتعبير عن سياسات المرأة. وقد عمد المسرح النسوي الأميركي الى تحويل التجربة الحياتية للنسوة الى مسرحيات تدل عليها عناوينها مثل (ثلاثية دائرة الشقيقات) وموضوعها العنف ضد المرأة. ومن الفرق النسوية الاميركية المشهورة (المسرح التجريبي النسوي) و(مسرح جزيرة رود النسوي) و(مسرح الطاقم النسوي) تعاونت العديد من المجموعات النسوية المسرحية مع مشاريع المهرجانات ومنها (مهرجان عالم واحد للنساء) في نيويورك عام 1980، الذي قاد الى تأسيس (مقهى wow) وهو الفضاء الذي أقام وساند العديد من الأعمال المسرحية النسوية. في نهاية الثمانينيات توقفت العديد من المجموعات المسرحية النسوية عن العمل بسبب تناقص التمويل المالي، وراحت بعض الفنانات المسرحيات يقدمن عروضاً انفرادية، وكان منهن كل من (مارغا غوميز) و(بيغي شو) ولابد هنا من الاشارة الى الكاتبة المسرحية (ميغان تيري) التي اشتهرت في مسرحيتها (فيت ردك) عن الحرب الفيتنامية، وقدمت هنا في العراق بترجمة واخراج الراحل (جعفر علي) وتمثيل طلبة كلية الفنون الجميلة.
مسرح الإناث وماهيته
[post-views]
نشر في: 19 يونيو, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...