TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معارك الأقلام ومونديال الأحلام

معارك الأقلام ومونديال الأحلام

نشر في: 20 يونيو, 2017: 04:11 م

ثمّة فرقٌ فاضح بين شرف المهنة ودنس المحنة في نواميس العمل الصحفي الذي حوّله بعض المنتمين لسلطته الرابعة الى منتجات رديئة تنافس بضائع الدرجة السابعة كقيمة ونوعية تتناسب وأذواق المتعاطين معها أو مقتنيها من منافذ تسويقها المريبة.
هكذا نوجز بألم وحسرة واقع الصحافة الرياضية العربية التي لم يُطعَن بناموسها المهني طيلة عقودها الماضية الحيّة برموزها ومباركة أولى جيناتها في القرن التاسع عشر المخبوءة في رحم صحيفة (الرياضة المصرية) عام 1888 حتى الآن، مثلما تُنتهك سمعتها وتُجلَد كرامتها بسياط أمر السياسة وطاعة العواطف الشعبية التي تَسحق تحت أقدام الانفعال كل عهود ومواثيق الاحترام بين الزملاء في بعض الدول.
خمسة عشر يوماً مضى على معارك الأقلام الرياضية في الخليج، وهي تخوض في خنادق وساحات ونقاط أبعد من تلال المراقبة لشؤون الرياضة، ورفعت الأقلام أغمادها لتلبس بدلاً عنها خُوَذ الحرب كأدوات بأيادي الصحفيين ليرموا بكل ما في الجِعب من ذخائر باتجاه العربي الآخر، وهكذا هدف هنا، يضرب نزاهة الرجال، وهدف هناك يسعى لاغتيال رمزية المونديال!
هل تعتقدون أن استعراض الصحفي الرياضي فنون مهارته في تخريب العلاقات والتشكيك في الذمم وإهانة المسؤول والتحريض لإشاعة الفتن وتكريس مفردات الحقد وتمترس الخطاب خلف سواتر الوطنية، أنه بمنأى عن الحساب المهني؟ أبداً، لا يمكن أن نسمح بتقاعس قيادات الصحافة الرياضية العربية عن ممارسة دورها الاستثنائي في مرحلة الاختبار الحقيقي لشعارات المصير الواحد والمصلحة المشتركة، لاسيما أن الزملاء في السعودية وقطر هم أكثر وعياً لصِلات الانصهار الاجتماعي وما تفرضه قوانين السماء والأرض من التزامات وجوبية للامتثال إلى نداءات السلام والمحبة والتآخي في ملعب الحياة وتحت أضواء المصارحة الكاشفة من دون الانسلاخ عن روحية الفريق الذي يحظى بتشجيع الجميع.
الصحافة الرياضية رسالة عصرية لجيل صعب المراس يُصعب أن نغفل عنه في ظروف لم تترك وسائل التكنولوجيا فرصة للصحف أن تقاوم غزارة الأخبار والتقارير والصور التي تبثها جيوش المواقع الالكترونية في القارات الست إلا بمقالات مدجّجة بالصدقية تمنع تسلل البذاءة بين السطور، لتكتب بكل تجرّد عن وقائع من دون أن تحض على تحالفات دونية تمارس قلب الحقائق وتشوّه معالم الرياضة ولا تترك خطاً للرجعة أو تأنيب الضمير، وإلّا بأي الوجوه ستتقابل النفوس يوم تتطهّر من غلّها؟
إن المناكفات الفجّة التي تُذاع وتُقرأ وتُرى يومياً بين الزملاء الرياضيين في الخليج وهم يسددون سهام النار لحرق المونديال العربي 2022 هي أكثر عدواناً من حملات الغرب المحمومة لسلب العرب حقاً تأريخياً بتنظيم كأس العالم على أرضهم، تحقق حُلم الملايين الذين يصوّر لهم ترقّبهم للحدث بعد خمس سنوات أنهم أكثر وطنية من القطريين انفسهم لحماية مشروع البطولة، ولو كانت السعودية أو الإمارات أو البحرين أو أيّ بلد عربي آخر ينظّم المونديال ذاته، لن نحيد بمبدئنا للدفاع عنه مثلما نتمسك به اليوم.
جُبل الصحفي الرياضي العراقي أن يكون حُرّاً في الدفاع عن بلده ومُـرّاً إذا ما انتهك الغير حقه، لكنه أبداً لن يسترخص شرف المهنة في بازار العرض والطلب ، وتبقى خطوطه الرياضية حصينة من دهاقنة الترغيب لجرّه في اللعب على حبال السياسة، وهو درس بليغ على العرب الاستفادة منه نتيجة هول ما عشناه من مآسي مطحنة الحروب لخيرة شبابنا وفواجع الموت بأنياب الحصار وجريان نهر الدم في سواقي الطائفية، كل صور الدمار تلك لم تغيّرنا وبقينا نتدثّر بكياستنا وننتخي للتضامن ولا نرضى بالفرقة.
يمكن للرياضة أن تسجّل موقفاً غير مسبوق لتدحر الفتنة السياسية، بدعوة عاجلة الى اللجان الأولمبية العربية بقادتها ولجانها الإعلامية كي تبلور موقفاً عربياً في مؤتمر طارئ يجمع شمل الفرقاء ويُلجم دعاة تصعيد الأزمة، محقّقاً هدف المصالحة في الوقت... قبل القاتل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram