TOP

جريدة المدى > عام > من أوراقي الثقافية.. صور من رحلة الحياة (1954-2016)

من أوراقي الثقافية.. صور من رحلة الحياة (1954-2016)

نشر في: 3 يوليو, 2017: 12:01 ص

علي بابا- سندباد!تمتد رحلتي في الصحافة الى مدى أبعد من التاريخ المدون، إذا أخذنا في الاعتبار عهد الصبا، فقد بدأت اراسل مجلات الاطفال والفتيان في القاهرة وأنا بعد صبي، وكان منها مجلة (علي بابا) لأحمد حسين الشمرلي التي اصبحت مندوباً لها عام 1951 (وهو&n

علي بابا- سندباد!
تمتد رحلتي في الصحافة الى مدى أبعد من التاريخ المدون، إذا أخذنا في الاعتبار عهد الصبا، فقد بدأت اراسل مجلات الاطفال والفتيان في القاهرة وأنا بعد صبي، وكان منها مجلة (علي بابا) لأحمد حسين الشمرلي التي اصبحت مندوباً لها عام 1951 (وهو  عام صدورها) ولديّ هوية موقعة من رئيس تحريرها وقد كنت معجباً برسوم رسامها البارع الحسين فوزي الذي رسم كل اغلفة روايات نجيب محفوظ.

وقد نشرت في أحد اعدادها تحقيقاً صحفياً تحت عنوان (بين الوالد الناضر والطالب الصحفي) وحمل التحقيق صورتين لي وللوالد الكريم الذي كان مديراً لإحدى مدارس بغداد، ثم توثقت علاقتي وعدد من فتية العراق بمجلة (سندباد) التي كانت تصل بالطائرة اسبوعياً صادرة عن (دار الهلال) ويرأس تحريرها أديب كبير وتربوي معروف هو الاستاذ محمد سعيد العريان الذي كان روائياً وصفياً لأديب العربية الكبير مصطفى صادق الرافعي مبدع كتب في بلاغة البيان ومتانة العبارة مثل (أوراق الورد) و(السحاب الأحمر) وسواهما.

ندوات السندباد
استن العريان في مجلة (سندباد) سنة حميدة بتوثيق الصلة بالقراء الفتيان، فجعل من شخصيات المجلة المحبوبين لدى القرّاء أمثال سندباد والعمة مشيرة وشيبوب وسواهم (وهم شخصيات مرسومة على الورق من قبل الرسام بيكار) يكتبون رسائل جوابية للقراء ويرسلونها على شكل (بوست كارت) مع عبارات تحية وشكر وتوجيه مما وثّق العلاقة بالقراء.
اضافة لذلك فقد شجع العريان القرّاء على تكوين جماعات صغيرة اسماها ندوة، تجمع الاصدقاء المتجاورين وتشجعهم على القراءة والرسم وجمع الطوابع ومراسلة الندوات الاخرى التي نشأت في العالم العربي لتبادل الطوابع البريدية والصور والمعلومات، وكانت المجلة تنشر اسماء اعضاء هذه الندوات وعناوينها مما يتيح الفرصة للمراسلة.
أسست (ندوة الكرخ) مكونة مني ومن اخي هاشم وابن عمي عبد الآله رشيد وصديق، وقمت بمراسلة ندوة (المطرية) التي أسسها الفنان الكبير(فيما بعد) محيي الدين اللباد و(ندوة حلب) التي أسسها الاقتصادي الكبير والوزير (فيما بعد )عصام الزعيم (1942-2007) وندوة (بعلبك) التي أسستها عفاف قنواتي وندوة (طوز خورماتو) التي أسسها الروائي والاستاذ الجامعي (فيما بعد) زهدي الداودي والاستاذ عبد اللطيف عمران بندر أوغلو الشاعر والمترجم والوزير السابق (1937-2008) وندوة (البصرة) التي أسسها المرحوم مالك ضمد الركابي، وندوة (بغداد) التي أسسها الفنان والخزاف الكبير (فيما بعد) طارق إبراهيم، مع صبي أصغر منه عمراً يدعى فيصل الكعبي .
احتفظت بصداقتي على مر الزمن مع الجميع والتقيت بالعراقيين منهم مراراً بل وعملت في مؤسسة واحدة مع المرحوم اوغلو والتقيت المغفور له عصام الزعيم عندما زار دار الشؤون الثقافية بدعوة من مديرها العام (آنذاك) الدكتور محسن جاسم الموسوي عام 2001، وكانت سعادتنا كبيرة بهذا اللقاء الذي لم يتكرر.

جائزة سندباد واللواء محمد نجيب!
كان ذلك عام 1953 وكانت مجلة سندباد قد اعلنت عن منح جوائز التفوق لثلاث من الندوات، وكانت الجائزة الاولى من نصيب ندوة (المطرية) بمصر ورئيسها اللباد والجائزة الثانية من نصيب ندوة (حلب) ورئيسها عصام الزعيم والجائزة الثالثة من نصيب ندوة (الكرخ) ببغداد وكاتب هذه السطور .
كان فرحنا بالجائزة كبيراً وهي اشتراك سنوي بالمجلة ورقعة شطرنج ومجموعة من كتب سلسلة (أولادنا) وهي سلسلة روائية مبسطة للفتيان، لكن البعض منا كان يشعر اننا غبنا فنشاطات ندوة الكرخ ومراسلاتها مع الندوات الاخرى  كثيرة، وكانت المفاجأة أن الجائزة لم تصل الى بغداد، ذلك أن ادارة المجلة لم ترسلها...هكذا ببساطة .
رسائل كثيرة وجهناها لسندباد لم نحصل على إجابة واحدة رغم أن الرسائل الأخرى كان يجاب عليها من قبل العمّة مشيرة .
اضطررت هنا الى ارسال رسالة مفتوحة وبالبريد العادي المفتوح الظرف الى اللواء محمد نجيب رئيس الجمهورية المصرية آنذاك (كان عبد الناصر رئيساً للوزراء) اخبرته فيها بما حصل وطلبت مساعدته.
كنت في السادسة عشرة من العمر، فوصلتني صورة شخصية بتوقيع رئيس مصر وهو يضع البايب.. ولم يزد.
كنت حينها أرتاد سوق المكتبات ببغداد يومياً وهو سوق السراي لا المتنبي، وأتواجد عند مكتبات محمود قالبجي وابراهيم السدايري وأحمد كاظمية وحسين الفلفلي رحمهم الله، إضافة الى بسطية (دار الابتهاج) لصاحبها  الصديق عبد العزيز القديفي (رح) وللقديفي حكاية وحكاية!
المهم اني في عصر يوم ما وجدت عبد العزيز يلتقيني وقد عقدت المفاجأة لسانه وهو يردد: (قاسم الرجب .. محمد نجيب ..هاي أنته شمسوي؟) وبعد أن هدأ من انبهاره سحبني من يدي الى مكتبة المثنى وهويحدثني عن الجائزة .
كنت ساكناً فقد أخذتني المفاجأة عندما وقفت في حضرة المرحوم قاسم محمد الرجب صاحب مكتبة المثنى (الراحلة) وكانت في بنيان مشهود في شارع المتنبي، اجلسني الرجل  مرحباً، بعد قنينة  الكولا سلمني صندوق الشطرنج ورزمة كتب مع مجلد السنة الماضية من سندباد وهو يبلغني تحيات اللواء محمد نجيب والاستاذ العريان واعتذار دار الهلال (التي كانت تصدر المجلة وكان الرجب وكيلها  في العراق) ثم طلب مني التوقيع على إيصال بالتسلم، ففعلت واخذت الهدايا فرحاً.
قال لي الرجب إن مكتبته امامي وليّ الحق في الشراء مع التخفيض، فشكرته ورحلت الى الكرخ، حيث الدار والسرور كبير والنشوة بما تحقق اكبر وكأني فعلت معجزة.

بغداد– المساء وثانوية الكرخ
في العام التالي بدأت النشر، وكان أول موضوع لي قد ظهر في جريدة (بغداد – المساء) لصاحبها خالد قادر عن الفراغ في عطلة الطلبة، جاء لي بنسخة من الجريدة (مهنئاً) صديقي القاص نزار عباس الذي كان قد بدأ النشر قبلي.
كان ذلك عام 1954، وكانت الصحف المسائية في بغداد تظهر على ايدي باعة الصحف الذين يتسلمونها من اسطه عواد (موزع صحف بغداد الرئيسي ايامها) منذ الساعة الثانية والنصف بعد الظهروعند خروج الموظفين من دوائرهم، ومن هذه الصحف (اليقظة) لسلمان الصفواني االقطيفي، أحد أعضاء حزب الاستقلال البارزين، وجريدة (الشعب) لصاحبها يحيى قاسم ، السعيدي الاتجاه المستقل بعامة، وجريدة (الحوادث) لصاحبها عادل عوني، ثم ظهرت جريدة (الناس) لصاحبها عبد القادر السياب بعد فترة وقد نقل صاحبها امتيازها من البصرة الى بغداد .
كنت ونزارعباس وشاكرمحمد حسين السعيد ونزار شاكر المفتي (الطبيب الاختصاص) وصادق الصائغ (الشاعر والاديب الكبير والمصمم البارع) وحميد أحمد الجودي (المهندس الكبير فيما بعد) وراجح جاسم (رئيس مصلحة السكك الحديد بعد زمن ) وطارق عبد الرزاق قدوري (المالي الكبير وابن عم شفيق عبد الجبار قدوري الكمالي)  وزهير عبد الغفور الخانجي (رئيس اتحاد الغرف التجارية العراقية في شبابه  وابن اخ الفنان الكبيرالراحل يوسف العاني) وقحطان الامين ابناء صف واحد يرافقنا الاستاذ حسن العلوي في  صف أعلى في  ثانوية الكرخ .

حقي الشبلي ورجاله
وانا في الصف الثاني المتوسط دخل علينا معاون المدير آنذاك الاستاذ حميد سعيد (وقد صار بعد هذا مديراً للثانوية بعد شاكر الجودي ثم اصبح مفتشاً ادارياً زارني وانا مدير ثانوية الدغارة واحتفيت به كثيراً) ودعا من يرغب للحضور معه الى غرفة المدرسين للمشاركة مع جماعة التمثيل بإشراف الاستاذ حقي الشبلي، كنت مبهوراً بالفنان الشبلي فأخذت الإذن  للذهاب والمشاركة ، واسرعت الى غرفة المدرسين الكبيرة المجاورة الى غرفة مدير الثانوية الصارم الاستاذ طه مكي، فيما استمر الاستاذ سعيد بالدوران على الصفوف.
وصلت الغرفة وطرقت الباب وجلاً وسمعت صوتاً ينادي بالإذن ودخلت فتلقاني الاستاذ الشبلي باسماً وهو يقف وسط مجموعة من طلبة الصفوف العليا الذين يعرفوه امثال الرياضي حمزة مسلم ومحمد عباس الجبوري ونجم عبدالله الاحمد  وعدنان نعيم الرومي وسواهم .
دخل الطلبة الذين استجابوا لدعوة الاستاذ سعيد تباعاً، وكنت ارقب الشبلي فرحاً وهو يحاور مساعديه الذين حضروا معه وهم الاساتذة: الحاج ناجي الراوي وأسعد عبد الرزاق وكامل العبلي.
كان المطلوب أن يختارهؤلاء مجموعة من الطلبة للتدريب على مسرحية ستعرض في منافسة مع الفرق التمثيلية للثانويات البغدادية الأخرى وهي : الاعدادية المركزية ودار المعلمين الابتدائية والثانوية الشرقية وثانوية الاعظمية وثانوية الكاظمية .
كانت مهمة الشبلي أن يشرف على الاخراج فيما يقوم كل واحد من مساعديه بالإخراج المباشر للمسرحية التي ستقدمها الفرق، وكان  من مساعديه الآخرين الاساتذة : محمد أمين  وحامد الاطرقجي وكامل العبلي.
كانت المسرحية المقررة للفرقة التمثيلية لثانوية الكرخ لعام 1952 هي (وامعتصماه) قد اختار الاستاذ الشبلي من اختار للبطولة وعهد اليّ بعد الاختبار بدور (رسول الشام ) وهو دور صغير يتألف من جملتين .. فقط، اتاح لي هذا الدور حضور التدريبات وحفظ النص المسرحي كاملاً، وكان المخرج  المساعد هو الاستاذ كامل العبلي الذي عرف -بعد هذا- بتمثيله دور البطولة الثاني في فيلم (أرحموني) عام 1958 الذي اخرجه حيدر العمر وقام ببطولته رضا علي وهيفاء حسين.
 يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

محمد جبير: اهتمامي بالرواية هو بسبب الحبّ الصافي لعروس الأجناس الأدبية

بورخيس،هايزنبرغ وإيمانويل كانت

نص ونقد.. العبور والانغلاق: قراءة في قصيدة للشاعر زعيم نصّار

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

مقالات ذات صلة

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه
عام

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

كه يلان محمد الرسائل التي خطّها المشاهيرُ تضمُّ مُعطياتٍ قد تكملُ جوانبَ من مشروعهم الإبداعي وتكشفُ طقوسَهم في الكتابة ورؤيتَهم لما يجبُ أن يتصفُ به المبدعُ في حياته ومساره الفكري ومواقفه الإنسانية، كما أنَّ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram