ذكرني ملحق (المدى) ليوم 14/6/2017 عن الثوري العالمي (تشي جيفارا) ذلك الرجل الذي دوّخ العالم بنضاله المستميت ضد قوى القهر والاستبداد لا في بلده الارجنتيني ولا في كوبا مع زميله الراحل القائد الكبير (فيدل كاسترو) ولا في (كولومبيا) بل نشر نضاله واشتهر في جميع أنحاء العالم. يومها في السبعينيات من القرن الماضي وصلت شهرة (جيفارا) الى العراق وكانت الحركة التقدمية الثورية تفور وكانت السلطة الدكتاتورية تتربص ولا تجرؤ أن تمنع العراقيين من تناقل اخباره، في ذلك الوقت وقعت بين يدّي مجموعة الكاتب الروائي المسرحي الراحل (جليل القيسي) المعنونة (جيفارا عاد أفتحوا الأبواب) التي صدرت عن منشورات مواقف ودار العودة وكان تداولها ممنوعاً في العراق.
سارعت بقراءة المسرحيات التي احتوتها المجموعة واثارتني جميعها بلا استثناء وذلك بسبب عمق مضامينها الانسانية والثورية وبسبب شكلها واسلوب بناء احداثها المبتكر الذي يقف بمصاف شكل وبناء اية مسرحية عالمية أخرى .
وكان من المناسب جداً أن اتصدى لإخراج احداها فكانت (جيفارا عاد افتحوا الأبواب) وشجعتني فرقتي (فرقة المسرح الفني الحديث) على إخراجها وتقديمها في (مسرح بغداد) وعهدت الى الراحل (عبد الجبار كاظم) لتمثيل دور (تشي).
في المشهد الأول من المسرحية يظهر (تشي) في بقعة ضوء يستمع الى صوت امرأة تسأله: الى متى تبقى جوّالاً، وماذا تريد في النهاية؟ فيقول لها: "اريد كل شيء أو لا شي. اريد أن تلذ الحياة لكل انسان" .
وفي المشهد الثاني يلتقي (قس) بجيفارا ويطلب منه أن يحمل السلاح مع الثوار. وعندما يسأله (جيفارا) عن السبب يقول له (القس): "عذاب الضمير وهذا الضحك المستمر على الشعب. في المشهد الرابع يظهر عدد من الأطفال يلعبون وراح أحدهم يمثل دور جيفارا ويطلب من بقية الأطفال أن يمثلوا ادوار البوليس الذين يطاردونه. ومرة أخرى وفي المشهد التاسع يقول (تشي): "أريد ان تلّذ الحياة لكل انسان. وحتى بعد مقتله بقي ابناء الشعب يستذكرونه ويتخيلون انه زارهم في بيوتهم وفي حقولهم ويذكر البعض منهم أن الحكومة تخاف حتى من شبحه. ويعتقد البوليس بأن الناس راحوا يعشقونه حتى العبادة.
تنتهي المسرحية بحديث (القس) عن (جيفارا) إذ يقول: "كان ارنستو جيفارا جميلاً على كل المستويات، شكلاً وروحاً وفكراً، لذا عندما مات صار تراجيديا العصر... ترى كم من آلاف المرات الأخرى سيظهر جيفارا في أحلام المعذبين من الفلاحين والمقاتلين والعمال".
وبعد اتساءل: لماذا لا يظهر في ايامنا هذه بطل ثوري يناضل من أجل خير الشعوب مثل (جيفارا)؟ هل ساد العدل والرخاء جميع انحاء العالم ولم تعد هناك حاجة الى ثورة على الظلم والاستبداد؟ هل ما عاد هناك شعب مقهور في هذا العالم؟ أليس هناك قوى ظلماء تريد أن تسود؟ نعم هناك قوى مضادة للقهر والطغيان والعنف والاستبداد. وسيبقى النضال قائماً بين قوى الخير والشر، وسيأتي اليوم الذي تنتصر الاولى على الثانية مادام هناك قادة وابطال امثال (جيفارا) ومادامت افعاله وافكاره يتبناها آخرون وستبقى ذكراه عالقة في اذهان الأخيار من الناس.
وبعد هذا ألا تستحق مسرحية جليل القيسي الاحياء من احدى الفرق المسرحية يخرجها مخرج آخر يؤمن بضرورة هذا الاحياء واحياء مسرحيات عالمية مماثلة تتناول موضوعات تتعلق بهموم الشعب وتطلعاته نحو مستقبل سعيد؟
مسرحية (جيفارا عاد افتحوا الأبواب)
[post-views]
نشر في: 3 يوليو, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...