قبل عقد مؤتمر القوى السياسية السنّية صدرت تصريحات من عدة جهات فضلا عن نواب من التحالف الوطني لوّحت باعتقال المطلوبين للقضاء المدعوين للمشاركة .الساحة العراقية اعتادت اطلاق مثل هذه التصريحات المعبرة عن مواقف تكشف حجم الخلاف بين النخب السياسية شاركت في الحكومات المتعاقبة .
المؤتمر من وجهة نظر دعاة دولة المواطنة يكرس الطائفية ، فبعد كل هذا الخراب والدمار وما خلفه تنظيم داعش من نكبات ، لم تستطع عقول الساسة ادراك أهمية نبذ التخندق الطائفي ، لإصرارها على إعادة انتاج عملية سياسية فاشلة ، اثبتت تجارب السنوات السابقة انها ظلت تراوح في مكانها ، او اتخذت مسار أبو الجنيب . مرحلة ما بعد تنظيم داعش تتطلب إعادة تصحيح أخطاء السنوات السابقة ، وتفعيل دور القضاء في ملاحقة المتورطين بهدر المال العام ، ومحاسبة من تخلى عن مسؤوليته في حفظ الامن حين سلم ثلث مساحة العراق لتنظيم إرهابي.
في مقاهي أيام زمان في بغداد ومدن عراقية أخرى كانت المواقع الستراتيجية مخصصة لكبار القوم ، وعادة ما تكون في الواجهة وبعيدة عن ضوضاء الزبائن ، ودخان الناركيلة ، وليس من حق احد أن يتجاوز حدوده ، ويغامر بالجلوس على "تخت الباشا" ويطلب الجاي او الحامض ، وفي حال تجاوز احد الزبائن الخطوط الحمر وابدى رغبته في "احتلال التخت" ، للحصول على استرخاء والشعور بالانتماء الى طبقة اجتماعية مرفهة لدقائق معدودة ، يبدي الأخرون اعتراضهم على هذا التصرف وفي مقدمتهم صاحب المقهى ، فيحبطون أحلام الزبون الراغب في تجاوز الفوارق الطبقية بعبارات الردع والمنع ، والتوبيخ ، وإجباره على الجلوس على تخت آخر مجرد من الحصير قرب الوجاغ لانه المكان الوحيد الملائم لشخصه ، وموقعه الاجتماعي والاقتصادي ، فيستجيب الزبون للأوامر ، ومع نفث دخان سيجارته من نوع اللف ، يظل نظره متجها لتخت الباشا، ثم يدخل في "صفنات" طويلة في التخطيط لتحقيق حلمه في القضاء على التباين الطبقي بطريقته الخاصة .
يحكى ان احد الباشوات عندما يجلس على التخت ، ينفش ريشه مثل الطاووس ، ويطلب من سائق عربته الربل "العربنجي " الوقوف بجواره في الجهة الأخرى من التخت ليرد على تحيات الزبائن بدلا عن الباشا ، المنشغل باحتساء الشاي باستكان مذهب ، خصص له شخصيا ، ويحظر على الآخرين استخدامه حتى لو كان من كبار الباشوات ، وأثناء مراقبة الزبون القابع بجوار الوجاغ لتصرفات كبير القوم ، ينتابه الشعور بان القضية بحاجة الى "موقف ثوري" لتكون تخوت المقاهي مشاعة للجميع .
مصيبة العراقيين كانت ومازالت تتمثل بسيل لعاب بعض الأطراف للوصول الى السلطة ، كل جهة تدعي أنها اكثر ديمقراطية من غيرها ، وانها الممثل الشرعي للشعب العراقي ، لتمسكها بالمشروع الوطني ، اما القوى الأخرى فهي من صنف "دينار وشقيقه ربع " عرف عنهما داخل العشيرة بان ممارساتهما تخالف الأعراف والتقاليد السائدة ، فقرر العقلاء في العشيرة اعلان البراءة منهما ، وحين اعترض بعضهم على القرار جاء الرد على لسان احدهم :" العشيرة ليست بحاجة الى دينار وربع " العراق اليوم بحاجة الى نخب سياسية لا تنظر الى تخت السلطة .
دينار وشقيقه ربع
[post-views]
نشر في: 7 يوليو, 2017: 09:01 م