TOP

جريدة المدى > عام > من أوراقي الصحفية والثقافية - صورٌ من رحلة الحياة (2016-1954)

من أوراقي الصحفية والثقافية - صورٌ من رحلة الحياة (2016-1954)

نشر في: 10 يوليو, 2017: 12:01 ص

(2)في العام التالي تخرجت مجموعة من المشاركين في نشاطات فرقة الثانوية، فأعطيت دور (لافليش) في مسرحية (البخيل) لموليير التي اخرجها الاستاذ اسعد عبد الرزاق باشراف الشبلي، وكان دوراً (محترماً) كونه خادم الهرباغون (وهو البخيل الذي مثل دوره باقتدار نجم عبد

(2)

في العام التالي تخرجت مجموعة من المشاركين في نشاطات فرقة الثانوية، فأعطيت دور (لافليش) في مسرحية (البخيل) لموليير التي اخرجها الاستاذ اسعد عبد الرزاق باشراف الشبلي، وكان دوراً (محترماً) كونه خادم الهرباغون (وهو البخيل الذي مثل دوره باقتدار نجم عبد الله الاحمد).

مثل دور فالير عدنان نعيم الرومي (الذي اختار أن يكون ضابطاً بعد هذا مثل نجم الاحمد)، وكانت مشكلة توزيع الادوار أن الشبلي وأسعد لم يجدا شخصية تتمتع بالقدرة الادائية لدور الطباخ والحوذي (وهو المعلم جاك) غير شخصية صاحبهما وزميلهما الفنان الحاج ناجي الراوي وهو مؤسس فرقة الزبانية ومدرب الرياضة في المتوسطة الغربية وبطل من ابطال الملاكمة قبل هذا !
قبل الحاج ناجي الدور مضطراً وتمت التدريبات الاسبوعية على يد الاستاذ اسعد،وكان الحاج ناجي يقف عملاقاً امام قدرة الطالب نجم الاحمد (البخيل) والطالب عدنان الرومي (فالير) صديق البخيل الهر باغون، وكان يساعد اسعد في تدريبنا، حتى جاء يوم العرض .
تمَّ العرض لوجبتين (الثانية للنساء) على قاعة الاعدادية المركزية بإشراف الشبلي نفسه وقد حاز اعجاب الحضور، لكنَّ أمراً دبّر بليل ضد الحاج ناجي أفسد علينا المتعة ..لولا الشبلي العظيم والمربّي!
كان من مشاهد ذلك العمل الجميل لموليير أن يحدث نزاع بين الكونت المزيف (فالير) والطباخ المعلم جاك، وأن ينهال فالير (عدنان ) ضرباً بعصاه على المعلم جاك (ناجي الراوي)، وكان المتعارف عليه أن يتم (تمثيل) الضرب بالعصا (وهي خيزرانة محترمة) لكن عدنان انهال ضرباً على الحاج ناجي (بعد ضربتين كاذبتين) وأوجعه فأسرع الحاج (وهو ملاكم اساساً وقوي البنية) الى الهجوم على عدنان وأخذ منه العصا (وهو يتوجّع) وانهال عليه ضرباً، فهرب عدنان الى الكواليس والحاج ناجي خلفه ، واغلق الستار وسط تصفيق الجمهور الذي كان معظمهم لايعرف شيئاً عن النص.
هنا وقف الشبلي بوجه ناجي الراوي مقبلاً ايّاه ساحباً العصا منه، وأسعد عبد الرزاق يضحك وقد هرب من امام الحاج فقد كان هو الذي دبّر الحكاية، أما عدنان نعيم فقد فرَّ خارج المسرح حتى أعادوه بعد جهد وقد قبّل يديّ الراوي معتذراً .
في العام التالي (1955) مثلنا مسرحية (شعلة من الصحراء) لفريد مدور وقمت بدور (الحارث) وقد اصبحت رئيساً لفرقة المدرسة ووقف امامي في البطولة المخرج الإذاعي المعروف (فيما بعد) طالب كامل السعد .
قدمنا المسرحية على قاعة الملك فيصل الثاني (الشعب) وحضرها وزير المعارف خليل كنة وجمهرة من مثقفي الكرخ وأساتذة المدرسة ، وقد نال العرض ثناء الحضور.
كانت ثانوية الكرخ ولاّدة ادباء وساسة ومحامين ورياضيين والحديث عنها يطول وقد جاء اليها زيد الفلاحي منقولاً من القرنة وصارت المنافسة حادة بين شعراء الثانوية وكتابها، واستطاع السعيد أن يؤسس له مكاناً في ثقافية جريدة الحرية، أما انا فقد توزعت كتاباتي القصصية وخواطري في صحف (الزمان) و(البلاد) و(المجتمع) و(الحرية) و(الشعب) وملحقها الاسبوعي (مجلة الاسبوع) الذي كان يعمل فيه الاساتذة : بدر شاكر السياب وسميرة عزام وكان حافظ القباني، المذيع المعروف وصاحب عمود (حق)  الشهير ايامها في جريدة الشعب ، وهو أيضاً سكرتير تحرير  الملحق الاسبوعي الذي كنت اراجع فيه القاصّة الفلسطينية سميرة عزام لأنشر بعض قصصي عندها، وكانت لي معرفة أخرى بها تتعلق بزمالتها لخالتي السيدة سعدية عبد الرزاق البراك رحمها الله، وكانت الخالة من مثقفات عصرها اللواتي يفضلن الحوار على الكتابة وزوجها هو ابن عمها وابن خالتها الاستاذ عبد القادر البراك رحمه الباري.
في جريدة (الشعب) كان الاستاذ أنيس زكي حسن يعمل مترجماً فيها، وكان يتقن اللغة الانكليزية قبل دخوله طالباً في (دار المعلمين العالية )، وقد التقيت به في العالية عام 1956 وأنا في الصف الاول وهو في الصف الثاني فرع اللغات ، وكان صديقاً حميماً رغم (يباسته) الظاهرة لمن لايعرفه، إذ هو قليل الاختلاط صعب التعامل شديد الانصراف الى درسه وعمله الصحفي وقد نشر كتيبه المترجم الأول (اربع خطوات نحو الفن الحديث) لفينتوري عام 1957 وقد قمنا ببيعه على طلبة العالية والآداب لسد نفقات طبعه ،وكتبت عنه مروّجاً مقالتين في صحف بغداد، لكن العم أنيس عمل في وزارة الخارجية عند تخرجه واشتهر بترجمته الرائعة لكتاب كولن ولسنthe out sider  تحت عنوان (اللا منتمي) وكتب أخرى ثم اصدر روايتين هما (السجين) و(الاخطبوط) واختفى في دنيا الله الواسعة حيث انتقل الى مكاتب الأمم المتحدة في العالم !
والطريف أن والده (زكي حسن ) قد اصدر في اربعينيات القرن العشرين مجموعة من القصص لم نرها وكتب اسمه عليها هكذا (أبو انيس زكي) والمرجع هنا هو كتاب الفقيد عبد الآله أحمد (فهرست القصة العراقية) .
كنا ننشر القصص القصيرة والخواطر في الصحف اليومية مجاناً ولوجه الأدب، إذ كنا هواة كتابة، وكان الملتقى الأساس في مقهى البلدية المجاور لمطبعة شفيق التي  كانت تطبع فيها جريدة (المجتمع) الاسبوعية لصاحبها الاستاذ محمد البريفكاني ومحررها الرئيس  الاستاذ محمود الجندي (أبو لينين!)، وكان الشاعر الشاب (يومذاك) صلاح مشرف نيازي يحرر الصفحات الثقافية مجاناً أيضاً، وكنت والشاعر خطاب العبيدي وأحمد المفرجي وحسين حاتم الكرخي وسوانا ننشر فيها أيضاً، وكانت جريدة (الزمان) لتوفيق السمعاني تجاور مطبعة شفيق، وكان محررها الاساس هو الاستاذ صبيح الغافقي الذي كان يصدر جريدة اسبوعية مشهودة تحت اسم (الحارس).
المهم أن علاقتي بالجندي قد توطّدت بسبب مساعدتي له في تصحيح البروفات مما سبب مساعدته لي –بعد ذلك – في العمل الصحفي، فيما عمل أحمد فياض المفرجي محرراً لصفحة اسبوعية في (الزمان) بدينارين عن كل صفحة تظهر!
عندما دخلت دار المعلمين العالية عام 1956  التقيت بعدد من الشعراء والصحفيين والمذيعين والقصاصين، كان من المذيعين الاستاذ حميد الهيتي والاستاذ صلاح نيازي تبعهما الاستاذ سليم المعروف وكلهم يكتبون الشعر ويتمتعون بأصوات جميلة ومعبّرة ،لكن شاعرية نيازي هي الأوضح والاكثر أثراً ..الى يومنا هذا .
حميد الهيتي (1934-1997) انصرف الى اللغة ونحوها وحصل على الماجستير ودخل الجامعة مدرساً وحتى حصل على الاستاذية وهو عميد كلية الآداب في الجامعة المستنصرية، وقد ظل كذلك لسنوات حتى أحاله سمير الشيخلي الى التقاعد أضراراً فقل راتبه وأوذيَ في رزقه وهو يومذاك كثيرُ العيال وطاقة علمية كبيرة معطلة .
عندما تأسس (ملتقى الرواد) في21 تشرين الاول1993 اختير الاستاذ حميد الهيتي ضمن هيئة الملتقى المكونة من الاستاذ الدكتورراجي عباس التكريتي رئيساً والسادة :أ.د .حسام محيي الدين الآلوسي وأ.د. كمال مظهر أحمد (الذي استقال من عضوية الملتقى بعد اشهر لسوء تمثيل الكرد في قمته الادارية) وأ.د عبد الامير الاعسم وأ.د خالص حسني الاشعب وأ.د علي جواد الطاهر   وا.د. حسين أمين وأ.د حسين علي محفوظ وأ.د. عماد عبد السلام رؤوف والاستاذ حميد المطبعي وأ.د محيي هلال السرحان والاستاذ محيي الدين اسماعيل سكرتيراً وكاتب هذه السطور مقرراً.
وعندما اعدم النظام السابق الدكتور راجي رحمه الله، انتخبنا د.حسين أمين بديلاً ثم استبدل بالدكتور كمال السامرائي، وما أن توفي السامرائي حتى اختير الدكتور خالص الاشعب الذي انتقل للتدريس في اليمن، فاختير محيي الدين اسماعيل رئيساً بالتعيين من قبل الوزارة مما سبب استياء البعض، وذاك حديث يطول وقد انتهى الملتقى بسقوط النظام واستيلاء بعض المنظمات على اثاثه وبنايته الجميلة وهي (القصر الابيض) ...حتى يومنا هذا !
في (العالية) التقيت بجليل كمال الدين  وسميرة المانع الروائية المعروفة وزوجة صلاح نيازي ونور الدين فارس وأدور يوحنا  ومهدي أحمد الحافظ  ومهدي عبد الكريم ابو سنة ، ومحسن عبد الحميد وسلمان العزاوي  وفيصل عبد الكريم وعبد الرزاق الدراجي وخولة اسماعيل علي ( اكملت الماجستير وشقيقها الأكبر الاستاذ الدكتور خالد اسماعيل علي ووالدهما العقيد المتقاعد اسماعيل علي رئيس واحد من تجمعات الضباط السرية قبيل انقلاب 14 تموز وهو الذي قابل رئيس اركان الجيش السوري الفريق عفيف البزري وابلغه بوجود حركة سرية ضد النظام الملكي في العراق طالبا المساعدة  لكن البزري لم ينجدهم!  وقد ابلغني الرجل في حفل تخرجنا عام 1960، وكان حاضراً الحفل مع ابنته، إن عبد الكريم قاسم طوقه بعد نجاح الحركة ولم يعطه اية مسؤولية لأنه لم يكن من اصفيائه) ومن زميلاتي المعنية بالشأن الوطني الكردي المرحومة درخشان جلال محمود الحفيد وجدها هو الملك محمود الشهير ولها بعض المؤلفات باللغة الكردية)، ثم التحق بالعالية في سنوات لاحقة الشاعر ياسين طه حافظ والروائي الشاعر فاضل كلو العزاوي والباحث في الالسنيات (فيما بعد) الدكتور علي محمد القاسمي، ومن زملائي في قسم التاريخ الاساتذة محمد امين قاسم وسلمان فائق رزوق وغسان اسماعيل والدكاترة (فيما بعد) : نوري عبد الحميد العاني وصباح باقر محمد وعبد الرحمن عبد الكريم نجم وعبد القادر سلمان المعاضيدي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

محمد جبير: اهتمامي بالرواية هو بسبب الحبّ الصافي لعروس الأجناس الأدبية

بورخيس،هايزنبرغ وإيمانويل كانت

نص ونقد.. العبور والانغلاق: قراءة في قصيدة للشاعر زعيم نصّار

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

مقالات ذات صلة

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه
عام

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

كه يلان محمد الرسائل التي خطّها المشاهيرُ تضمُّ مُعطياتٍ قد تكملُ جوانبَ من مشروعهم الإبداعي وتكشفُ طقوسَهم في الكتابة ورؤيتَهم لما يجبُ أن يتصفُ به المبدعُ في حياته ومساره الفكري ومواقفه الإنسانية، كما أنَّ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram