TOP

جريدة المدى > اقتصاد > محاربة داعش.. المتاعب الاقتصادية

محاربة داعش.. المتاعب الاقتصادية

نشر في: 11 يوليو, 2017: 12:01 ص

من المثير للقلق أن العراق والتحالف الدولي – حسبما يبدو -  لم يضعا خططاً ملموسة لإعادة التطوير الاقتصادي لمحافظة نينوى. لم يتمكن المسؤولون العراقيون من الإجابة عن أسئلة حول ما يعتزمون القيام به في الموصل بعد التحرير، حيث يبدو أن العراقيين ي

من المثير للقلق أن العراق والتحالف الدولي – حسبما يبدو -  لم يضعا خططاً ملموسة لإعادة التطوير الاقتصادي لمحافظة نينوى. لم يتمكن المسؤولون العراقيون من الإجابة عن أسئلة حول ما يعتزمون القيام به في الموصل بعد التحرير، حيث يبدو أن العراقيين يأملون في أن يوفر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والتحالف الدولي الكثير من التقنية والعمل الفني لإعادة توطين النازحين وإعادة الخدمات الأساسية وإصلاح الأضرار. ويبدو أيضاً ان العراقيين يعتبرون تحرير الرمادي والفلوجة خطة يمكن استنساخها للعمل في الموصل، لكن معظم المصادر غير الحكومية ترى أن عمليتي تحريرالرمادي و الفلوجة لم تنجز الكثير من الأمور المطلوبة، كما ذكرت أن الموصل تشكل تحدياً أكبر بكثير من الرمادي والفلوجة.
 المشاكل الحتمية التي من المحتمل أن تتمخض عن نقص التخطيط والتهيؤ في الموصل قد يكون لها تأثير محدود على وضع السياسة العراقية لبعض الوقت على الأقل. من جهة أخرى يبقى العراق دولة هشّة مازالت تعاني من نحو عشر سنوات من حرب أهلية متقطعة. عدم وجود خطط جيدة، تتوفر لها الموارد من أجل إعادة بناء الموصل اقتصادياً  حيث يبدو الاقتصاد العراقي بطيئاً في سرعته. الحياة في بغداد تحسنت بشكل ملحوظ منذ آذار 2016 . المدينة نابضة بالحياة. هناك نقاط تفتيش أقل، و المحال التجارية تعمل بنشاط، البضائع تتدفق الى العاصمة. هناك الكثير من الناس والسيارات في الشوارع، بينما حركة المرور سيئة لكنها غير مشلولة، الأكثر من ذلك أن العراقيين يتعاملون مع ذلك على أنه إزعاج حتمي ونادراً ما يغضبون منه. كل هذا يعكس شعوراً بين العراقيين بأن الأمور جيدة اقتصادياً، فلا أحد يتذمر من عدم توفّر أيّ شيء حتى الكهرباء. قطاع النفط يتحرك بشكل جيد، حيث وصل الإنتاج الشهر الماضي الى 4.6 مليون برميل في اليوم الواحد رغم أن الصادرات تحافظ على حصة البلد في الأوبك  بمعدل 4 ملايين برميل.
بنفس الشكل فإن القطاع المالي مستقر حالياً، لكنه يبقى متعباً و يمكن أن يسوء في المستقبل. ضخ الأموال حالياً من البنك الدولي و صندوق النقد و التحالف و ضمانات القروض الأميركية كلها خففت الضغط على ميزانية العراق. الموظفون يتسلمون رواتبهم، ولو أنها أدنى مما قبل 2014 . كما أن الحكومة قادرة على دفع تكاليف الكثير من عقودها. لكن القروض ستدعم مالية العراق لبضع سنوات فقط، و العراق لا يمكنه الاستمرار بالاقتراض بهذه النسبة. كما أن صندوق النقد و البنك الدولي لن يسمحا بذلك حيث أنهما يراقبان ديون العراق باهتمام لضمان عدم إدخال العراق نفسه بأزمة من خلال الإفراط بالاقتراض. بالإضافة، و نتيجةً للسياسات الفاسدة في صرف العملة، يعاني العراق من أزمة سيولة. ليس هناك ما يكفي من الأموال المتداولة وأن البنك المركزي العراقي هو جزء من المشكلة. بالنتيجة فإن الكثير من العراقيين لا يملكون المال لشراء أي شيء عدا الاحتياجات الأساسية، وبالتالي ليس هناك استثمار داخلي لأن المتاجرة بالعملة أكثر ربحاً للمصارف من إقراض المال لرجال الأعمال. علاوةً على ذلك، و بسبب الفساد المستشري في دوائر الدولة، فإن رجال الأعمال الناجحين يتعرضون للابتزاز من قبل الموظفين ما لم تكن هناك شخصية سياسية قوية تحميهم – رغم أن هذه الشخصية تبتزهم أيضاً لكن بدرجة أقل. أحد أعراض هذه المشكلة يتمثل في التذمر من ارتفاع الأسعار و نقص الخدمات و الفساد. من الصعب معرفة أيهما أكثر إحباطاً؛ عدم توفر السلع و الخدمات، أم توفرها لكن بأسعار مرتفعة لا يحتملها المواطن.
بإختصار فإن الوضع الإقتصادي للعراق يمكن احتماله حالياً، لكن سيكون من الصعب الحفاظ عليه بعد 2 – 3 سنوات المقبلة. سيتوجب على العراق اتخاذ المزيد من الخطوات الكبيرة لمعالجة المشاكل الهيكلية في اقتصاده و الّا قد يجد نفسه مرة أخرى في فوضى مالية ( ما لم يحصل ارتفاع كبير في أسعار النفط ). يفكر البعض من داخل الحكومة العراقية بوسائل ذكية وخلّاقة لكيفية اتخاذ هذه الخطوات، و قد جعل رئيس الوزراء حيدر العبادي هذا من أولوياته، كما أن فريق التخطيط لإصلاح الاقتصاد في مكتبه يدرس المزيد من قطع الإعانات، و  سياسات تدعم التنمية، و إجراءات لمكافحة الفساد بما فيها تقديم ممارسات "حكومة ألكترونية"  واسعة من شأنها تحسين الكفاءة. وزارة التخطيط تدفع تجاه  خطة لبناء عدّة طرق رئيسة بما فيها طريق الخط السريع الجديد من بغداد الى عمّان و الذي يشمل طرقاً رافدة لربط العديد من مدن محافظة الأنبار، و تمويل تطوير الأعمال لتحويل الشبكة بأكملها الى مسار اقتصادي كبير. كما تحاول مجموعة من التكنوقراط إجراء إصلاحات كبرى و تحديث النظام المصرفي، و إلغاء الممارسات الفاسدة في صرف العملة و إنشاء نظام مصرفي ألكتروني، و دفع النقد في الاقتصاد لإنعاش الاستهلاك و الاستثمار. مع ذلك فكل هذه الخطط مازالت في مهدها لكنها جميعاً سترتقي بالبيروقراطية العراقية الضعيفة . و نظراً لسجل بغداد على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية، فلا أحد يراهن على أن أياً منها سيؤتي ثمارها دون مساعدة كبيرة من المجتمع الدولي.
 عن: معهد بروكنغز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي
اقتصاد

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي

بغداد/ المدى أعلنت وزارة النفط، اليوم الجمعة، تخفيض وتقليص صادرات العراق من النفط الخام وتقليل استهلاكه المحلي. وذكرت الوزارة في بيان، تلقته (المدى)،: "تماشياً مع التزام جمهورية العراق بقرارات منظمة أوبك والدول المتحالفة ضمن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram