اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > الفن بتحوّلات الفِكر..التشكيلي "عقيل خريف".. ثقة التحوير في "مَنتجة" الواقع!

الفن بتحوّلات الفِكر..التشكيلي "عقيل خريف".. ثقة التحوير في "مَنتجة" الواقع!

نشر في: 15 يوليو, 2017: 12:01 ص

ثمة تثمين لجوهر معادلة ترى بأن (الذاكرة) لا يمكن لها أن تحتفظ بالماضي مثلما حدث، وعلى جانب آخر نعيد التذكير - مجدداً- بأن حقيقة الفنون من حيث لا يسعى واحدها إلى إلغاء الآخر على الاطلاق، ولقد سعت الخبرة الإنسانيّة إلى تقوية عرى تواصل العلاقات ببعضها ا

ثمة تثمين لجوهر معادلة ترى بأن (الذاكرة) لا يمكن لها أن تحتفظ بالماضي مثلما حدث، وعلى جانب آخر نعيد التذكير - مجدداً- بأن حقيقة الفنون من حيث لا يسعى واحدها إلى إلغاء الآخر على الاطلاق، ولقد سعت الخبرة الإنسانيّة إلى تقوية عرى تواصل العلاقات ببعضها البعض، مع واجب الاحتفاظ بخصوصيّة كُل منها.

بالرغم من محاولات  استدراج تقنيات أخرى سيؤدي-حتماً- إلى جني نتائج ممتعة ومغايرة لما سبقها، نعني تلك التي كانت تتمتع و تتشبّع بها مناهل الوعي و ثوابت الخصوصية التي تؤكد وتزيد من حضورها الآسر في ظل مستجدات سريعة و مباغتة شاء لها أن تعصف وتهدّد الإنسان المعاصر جرّاء طغيان جبروت التطوّرات التقنية الهائلة بمديات ومسميّات إمبراطوريات التقدّم عبر ما توصلت إليه وسائل الاتصال الحاليّة، كما يحدث أن تفرض السياسات الراهنة بحكم "ستراتيجيات" حركة السوق وطموحات تطلعات الراساميل "روؤس الأموال" من خلال تعزيز معدلات الإنتاج نمطاً من مناورات سعي دائم أسهم في تحويل الإنسان الى (روبورت) استهلاكي ما برح يستحوذ في اقتناء الأشياء بنهم شراهة وحمى امتلاك، سرعان ما يتخلى عنها طائعاً لرغباته و إغراءات (الموضة) وشهية ما أطلق عليها " نفايات عصر الاستهلاك " الذي أودى بتحويل قيّم الأشياء والبشر إلى حدٍ سواء إلى نفايات بطريقة وأخرى، وهنالك من يرى؛" بأن الموضة هي من جعلت الناس مختصين في إنتاج القمامة ".

ولادات مشوّهة
يصلح أن يكون معرض (ولادات مشوهة) الذي أقامه الفنّان التشكيلي (عقيل خريف/ تولد 1979، بكالوريوس فنون تشكيلية/ رسم- بغداد/2010 وقبلها الحصول على الدبلوم في العام/ 2003 من معهد الفنون بغداد- أيضاً)  أقامه على قاعة برج بابل ببغداد/  2016مدخلاً تفاعليّاً في  تتبع نسق ونهج أفاد كثيراً من شيوع مصطلح (الانستلشين آرت) أي الفن التركيبي أو المفاهيمي، ونتائج ما توّصل إليه العديد من الفنّانين المغامرين في عموميات توثيقاتهم الذهنيّة لوقاىع الفن المجرّد وتشكيلاته المألوفة والسائدة وسط  تناولات تقع ضمن فضاءات التخلّص من سطوة الأطر التقليديّة للوحة وأفاق ترسيخاتها المتوارثة بحدودها السالفة والمعروفة، بعد براعة استبسال المحرّض الأول له، متمثلةً بتحديات جهود (مارسيل دو شامب) وتخريجات ما أطلق عليه بـ(الفن الجاهز) بعرض عمله الشهي (المبوّلة) في معرض نيويورك للمستقلين في العام/ 1917، وأطلق عليه أسم (النافورة)، وكان توالي مجموعة أعماله الأخرى ومن سار على هديه قد ساعدت في تغير مسارات الفن وإعادة تشكيل ذائقة الفن الأوربي بشكل خاص، والفن العالمي عموماً.  
لقد بلغت الفنون البصريّة بمجمل إجراءاتها التتابعية أفاقاً ومديات أوقع وأبعد في خلاصات القفز على موجودات محيط الواقع وفرض إرادة الفنّان على مقدرات  ومُقررات ما كان يفرضه ذلك الواقع (الفيزيقيّ) بتلقائية ذلك الجموح الذي يتفرس فيه(عقيل خريف)- مثلاً- ومن هم على شاكلته التحريضيّة في توريد مهاراته الفنية والفكريّة على حدٍ نابغ من حيث حداثة الفكرة، وحقيقة الحدث وسخونة الموقف، نعم نقرأ جملة لوائح في خلاصات تلك الولادات التي شاع حضورها ونفورها في الشارع حتى إنها أخذت تتحكم بمشيئة عراق ما بعد حرب الربيع عليه في نيسان/ 2003، من وجهة نظر الفنان الذي سعى لتلخيص جملة مفاصل الحياة بدخول مثل هذه الولادات التي تغلغلت في نسيج كافة الصعد السياسية منها أو الدينيّة والثقافية، بل وحتى العشائريّة ، فقد تدارك (خريف) بتعميد المادة الخام من عوادم السيارات " الصالنصة " كونها جزءاً مهماً في السيّارة، ثم لكي يتيّقن هو ويحوّل جوهر يقينه الفكري والذهني إلى ملامسات نقديّة باهرة ترى في إتلافها حرجاً قاهراً في استمرار وظيفة  هذا الجزء الذي ينبغي استبداله بعد أن أخذ يتلف كل ما حوله ويعيث تلوثاً في البيئة العامة، هنا استعارة جادة في تقريب المشهد أو الحالة جَهد فيها الفنان من خلال لوازم وعي خاص وخواص تفكير حرّ والأخذ بها  نحو تحويلها بمثابة جرس إنذار راح يعلن عن وجود خطر محدق قد حلّ في عموم البلاد، وأن على الشعب إدراك حقيقة ما يحصل.

مجموعة"خرائط الخراب"
أجد في المسميات المباشرة التي يقترحها (عقيل خريف) لمجاميع أعماله ما يسند الغاية والهدف الذي ينوي تحقيقه على نحو تجسيدي، فها هو في مجموعة أطلق عليها " خرائط الخراب " تمّ عرضها في المركز الثقافي العراقي في " لندن "/ 2015 يجمع بقايا الأحذية المستهلكة والبالية وليشكل منها وجوه التنظيم الأجرامي الأسود لـ"داعش" ثم لتقصد من جعل "فردة الحذاء" العتيقة و المتشوهه جراء المشي الكثير ثم ليعرض عليها خرائط وأماكن جديدة تشي بتوضيح مصالح معينة من شأنها أن تضرب وفي أن تنال من كل الأماكن التي تتمتع بالدعة والهدوء وتحفل العيش بسلام وتوادد ومحبة، ولا يخشى أن يلمح بالتنديد في الأماكن التي تستقطب مثل هؤلاء وهي تحتضن "التطرف العالمي" تحت يافطات مسميّات عقاديّة شتى، كما يشير "خريف" لهذا الأمر وغيره  بصراحة واخزة.
تهدف فلسفة العمل في مثل خصوصيات ومُفتتحات هذا النهج الساعي لفتح نوافذ تعريف وتقريع لظواهر شاذة وأخرى مقترحة ترافق مسلمات الرفض أو القبول وفق جملة ترادفات تعمل على تحريك روح الفكرة باتجاه حداثوي تندغم فيه " الدراما " الفكرية أو التجسيدية بتوافر عناصرها وهي تنتصر -أصلا- لحرية الإنسان وزهو احساسه بالحاجة الدائمة للأمان، وفي مستقر البحث عن ملاذٍ مهما كانت المخاطر صعبة ومهما كانت العواقب وخيمة، إذ تتضح معالم هذه الأفكار والخواطر في عمل "خريف" المشتق والمنحوت من فكرة "الهجرة نحو الحياة ... أصعب من الهجرة نحو الموت"، تلك التي يداري أهواءها بكم من خزين متوثب وهائل نحو ترصيف تلك النوازع والأفكار وهي تختلط مع تشيؤاتها الوجدانية و تعاكساتها النفسيّة مع من هاجر عبر أقاصي البحار هرباً من واقع مضطرب باحثاً عن خلاص، كما تتيح لنا تلك التعاكسات أهمية فعل المشاركة مثلاً مع  توهمات طائر" الفلامنكو" الذي هاجر إلى أهوار جنوب العراق  ولاقى حتفه لنفس مداخل وأهواء ذلك الغرض الذي أغرى أولئك اللائبون في البحث عن حرياتهم تحت حساب اي حكم  وأي ظرف كان.
لم يحصل أن أتخذت مقاطع أو عناوين فرعيّة كان قد اقترحها هذا الفنان أو ذاك لمجمل ما أكتب و أعنّون منها تفرعات لمقالاتي، لكني وجدت في تسميات "عقيل خريف" ما يُعاضد ويُناسب مبتغاي في نحت هذا المقال أو الدراسة المتفرّسة بنوازع فنان محترفٍ وعارف بنوايا وثنايا ما يرسم وينحت ويضيف أو يحذف وفق مقدرات وعي تفاوضي ما بين ذاته التوّاقة للحرية والحياة وما بين العالم الذي يناشده ويستفز فيه خواص ما تبّقى من نوازع إنسانيّة تُسهم في ردم الهوة التي أفتعلها مُشعلوا الحرائق وأججوا كل مخاطر الحطّ من قيمة وقدر الإنسان الذي يسعى أن يصطفيه عبر هذا التوافد الفكري والسند العقلي والتصرّف الإبداعي والنقدي لمجمل القضايا التي ناقشتها أعماله.

"نساء على مصطبة الاحتياط"
ففي " نساء على مصاطب الاحتياط" يلج باب التحذير من مغبة عزل المرأة ومحاولات تغييبها، ورفض إشراكها في رسم وبناء وترميم الحياة، ليحيي رفات قدرة التذكير بمخاطر شيوع المجتمع الذكوري المحكوم بتقاليد وثقافات بائدة لم تعد تواكب روح وحياة "التعاصر" بأوضاعها المتمدنة والحالية.
يلزم "خريف" نفسه أن تتبع خطوات التوثيق الذهني قبل الوثوب بتغير منهجه التنظيري نحو براعة التجسيد بحدوده التأويليّة و تورياته القصديّة كسباً لنبل الفكرة التي تقدح عنده لحظة الظفر بها، ومن ثم تثبيت عناصر الوصول إلى أشبه ما تتشبث بأن تكون ملحمة "بانروميّة" أو جداريّة تتوافق وحقيقة النسق التحديثي والمفاهيمي بتجميع كل تلك العناصر من مكونات المحيط، وبما يجعل من أثر فعل المشاركة ما بين عمله وما بين المُشاهد والمتتبع لمشيئة عوالمه، واقع علاقة متواشجة ومستمرة من حيث جديّة وحيويّة الفكرة "الموضوع" ومن حيث قبولها بروح تهكميّة قادرة على فعل التحريض والتقريع والنقد، وقد يتضح  ذلك جلياً من طبيعة فكرة العمل الذي أستظل بعنوان " فتوحات " بمراميه القصديّة  مسّ بها معتقداتنا إلى ما آل إليه واقع المدن التي احتلها "داعش" مستظلاً بجور عدة ادعاءات لم تنم إلا عن كذبٍ وتزييف نتج عن سبي وفرض جزية على غير المسلمين، وقد تجلّت مواد العمل الخام عبارة عن مجموعة من المفاتيح و" الكيلونات" استمال منها الفنان لخلق وجوه تعبيريّة غاية في البشاعة تنبئ بما اقترفت هذه العصابات من جرائم، فيما يرمز فيه المفتاح إلى الحل كمأمن  ونتيجة،
أو في مهام عمل آخر كبير- نسبياً- أسماه "جوع" تراوح ما بين 240 ×  180سم تشكّل بهيئة ملعقة "خاشوكة" ضخمة على شكل سمكة.!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram