إماطة اللثام عن حقيقة ناصعة في أمر ما لا يعني اجتياز الصحفي خط الحياد والقفز فوق معايير التوازن عند تناول أزمة ما، فالحياد غالباً ما يَسِم الصحفي بالجبان إذا ما تغاضى عن أسباب مهمة تسهم في ضرر طرف على حساب آخر خاصة إذا كانت الوقائع المُسبقة معلومة للصحفي ويُصعب أهمالها وتبنّي عذر آني يُبّطِّن لعمل خبيث لا يمت بصلة للنيّة الطيبة!
اليوم أضافت لجنة المسابقات دليلاً آخر أنها لم تحسن تنظيم شؤونها التي اتسمت بالفوضى والارتباك وعدم الاحترافية، والأبرز في سلبياتها أن دورها كان ضعيفاً في منعطفات الاختبار الجدي، ولم تستفد من انتقادات الإعلام الموضوعية ولم تأخذ بنصيحة أقرب العاملين مع رئيسها وأعضائها بإخلاء مسؤوليتهم ورفع أيديهم عنها عقب ثورة الاحتجاج الجماهيرية التي قادها ثلّة من نجوم الرياضة والمدربين التربويين والإعلاميين بهدف اعتدال أجواء منظومة الكرة الإدارية والفنية.
صباح أمس السبت، أجريت اتصالاً مع مدرب فريق النفط حسن احمد مستفسراً منه عن مدى صحة رميه ورقة الاستقالة من تدريب الفريق، فأيّد ذلك شفوياً ولم يُسلمها محرّرة رسمياً بعد، ولما استوضحت منه عن مغزى رسالة الاستقالة هذه، لم يطل في تفصيلاتها ، وأوجز بالقول "إن تعامل اتحاد كرة القدم مع مصالح الاندية ينعكس سلبياً مع شعاره المعلن في يوم انتخابه بأنه جاء ليرعى مصالح جميع الأندية " وبعد أن تفهّم دواعي اتصالي بأنني لست مع استقالته لأن أوّل من سيدفع الثمن هم لاعبو النفط سواء أبقى اتحاد الكرة على موعد مباراة القوة الجوية مع فريق الحسين غداً الأثنين أم تمسّك بتأجيلها الى يوم 26 تموز الجاري، فالأمر سيان، ضربة موجعة لمعنويات النفطيين وصدمة مدمّرة لصرح البناء التربوي الذي عانى كثيراً المدرب الخلوق حسن احمد من اكتماله خلال مواسم العطاء مع النادي، فطالبته بالعدول عن قراره الشفوي ووعدني بذلك، وفعلاً أكد في اتصال ثانٍ ظهر أمس، أنه استجاب للنداء ووعد الإدارة بالتواجد في تمرين اليوم نفسه.
اعتقد أن المفهوم الأوسع لعلاقة الإعلام بالرياضة لن يكون محدداً في مهمة رتيبة ضمن إطار استنطاق اللاعب أو المدرب أو المسؤول للحصول على المعلومة وتوظيفها في خبر أو تحقيق أو حوار مستوفي
 شرطي الصدق والنزاهة ، بل للتدخل بالنصيحة والتنبيه والتحذير والاقتراح الواقعي لتفادي مشكلة كبيرة ، فكثيرأً من وسائل الإعلام لعبت دوراً في اندلاع الحروب بين الدول ولم تأخذ مصلحة الوطن في الاهتمام إنما اشغال الوسطين الاعلامي والجماهيري لأجل الإثارة والتنديد والسخط والتسقيط مستغلّة انفعالات المتحدثين وخروجهم عن أصول الكياسة وانفلات ألسنتهم لتنال من شرف وعفة ووطنية الخصوم، وهذا ما يحدث شبه يومياً في الرياضة بسبب عدم وجود رادعٍ لمثيري الاحتقان بين الرياضيين عبر وسائل الإعلام، والغريب أن الرياضيين أنفسهم يدينون سياسة هكذا إعلام في احاديث صريحة لنا ولغيرنا.
نقول للمدرب حسن أحمد صبراً، فلم تزل زعيماً لصدارة دوري الكرة الممتاز، وهذا فخر كبير في تاريخك الذي لم يلفت الانظار الى عملك الدؤوب مثلما أبهر الجميع حين تفوقت في الموسم الماضي باحتلال النفط المركز الثالث في منافسات المجموعة الأولى ثم خامساً في المرحلة النهائية، والموسم الحالي يقف أولاً بسبعين نقطة لـ22 جولة متواصلة وهو انجاز كبير بحد ذاته يحسب لكفاءتك ومتانة علاقتك بالإدارة والجمهور التي تحكمها مبادئ الاحترام والجدية.
كنت أتمنى أن يسهم مدرب فريق القوة الجوية باسم قاسم في دفع عجلة الدوري من دون توقف بما في ذلك لقائه المؤجل مع فريق الحسين الذي مهما امتلك من قدرات شبابية وجماهير محفزة لتحقيق المفاجأة في ملعبهم، فخبرة قاسم وهو المكلف بقيادة أسود الرافدين في تصفيات كأس العالم تمنع عنه الإصابة بالأرق من مواجهة غير متكافئة فنياً، ومن المستغرب أنه يستنجد باتحاد الكرة لتأجيل اللقاء الى موعد آخر حتى لو غاب ثلاثة من عناصر الجوية لالتحاقهم بمهمة وطنية مع الأولمبي في السعودية، فما يمتلكه قاسم من أدوات كفيلة بحسم المباراة لمصلحة الأزرق.كيف ننشد الاستقرار في دورينا في ظل هذه الضغوطات المفتعلة التي تسعى لترجيح كفة فريق على آخر، واتحاد ضعيف يستقتل رئيس لجنة المسابقات فيه على تحدي كل خبراء القانون الرياضي مدعياً دفاعه عن مصلحة الاندية ومصّراً على قوة حجّته في عدم تمرير الفقرة هذه أو تلك، بينما يلوذ بالصمت إزاء ضعف لجنته وعدم قدرتها التمسك بلوائح الاتحاد الذي أقـرَّ قبيل انطلاق الموسم الحالي بأن " قرار تسهيل مهمة الوطني في تصفيات المونديال ليست له علاقة بلاعبي الأندية المرتبطين مع منتخبات الأولمبي والشباب والناشئين ، وإن أي نادٍ لديه ثلاثة لاعبين أو أقل مع المنتخب الوطني لن تؤجل مبارياته، لاسيما أن الاتحاد أبدى اهتماماً كبيراً في قضية عدم إحراج الأندية حيث سمح لها بتقييد ثلاثين لاعباً للمصادقة على قوائمها الرسمية في دوري الكرة الممتاز 2016-2017 "!