اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > روافد لا تسقي الوطني

روافد لا تسقي الوطني

نشر في: 21 يوليو, 2017: 09:01 م

استوقفني كثيراً حديث مدرب الحمرية الإماراتي جمال علي، للزميل إياد الصالحي المنشور في المدى يوم 18 تموز الحالي، والذي لخّص وشخّص بفكر مهني وعلمي متمرّس إحدى معاضِل الكرة العراقية التي لا تزال تئن من جراحات التخبّط المزمِن في تنفيذ رؤية التطوير والتحديث لخطوات العمل الاحترافي الحقيقي للنهوض بالواقع البدائي للمستديرة الذي بات داءً مزمِناً لا يريد أن يفارق جسدها الهزيل بعد أن خلت ساحة قيادتها من منقذ طامح ومصلح غير طامع وحكيم يصف الدواء الشافي دون أن يكترث  لهوس اصحاب التمسّك بهبات الحظ والصدفة ورهان الغيرة وشحذ الهمم وإطلاق بالونات الانجاز عند أية محطة انتصار حتى وإن كانت أمام منتخبات لم تعرف يوماً طعم الفوز.
الكابتن جمال كان مبدعاً في أسلوب الوصف والتعبير وإن كان يبدو عند البعض قاسياً حينما  قال (ليس من المفخرة أن تحقّق الكرة العراقية انتصاراً على المستوى الأولمبي والمنتخب الأول يعاني التقهقر في النتائج والمستوى) إلا أنها كانت ضرورية في إحداث صدمة تزيل الأوهام وتعرّي من يحاول أن يستقوي بنتائج الفئات العمرية ويطرحها بديلاً عن طموح بناء واجهة الوطن الأولى والممثل الشرعي له في المحافل الخارجية وتسليحه بمقومات القوة والثبات ليكون مؤثراً وفاعلاً، وذلك هو المقياس الفعلي في النجاح والتطوّر لأداء الاتحاد عندما تكون خطوات عمله تمثل حلقات مترابطة تبدأ بالقاعدة لتخدم الهرم المتمثل بالمنتخب الوطني.
عندما نجد أن أسود الرافدين غير قادرين على الوصول الى كأس العالم أو مجاراة منتخبات كاليابان واستراليا أو حتى المنتخبات العالمية بثقة واستقرار فني برغم أن التاريخ يسجل مواقف كثيرة لفرق الأولمبي والشباب استطاعت أن تتلاعب وتتفوق على أقرانهم من تلك المنتخبات، فإن ذلك يؤشّر بما لا يقبل الشك أن هناك خللاً فاضحاً في عملية واسلوب انتقاء اللاعبين ضمن شروط دقيقة تراعي الجانب القانوني والبدني  ومنهجية ترحيلهم الى مستوى أعلى دون تثبيتهم لسنوات في ذات المنتخبات، وإن كانت اعمارهم تسمح بذلك احتراماً لمبدأ خلق المنافسة لأكبر عدد من اللاعبين في إثبات أحقيتهم مع ضمان النسق التصاعدي الفني والنفسي لمن أصبح مؤهّلاً  لحجز مقعده في المنتخب الأول.
المعضلة الحقيقية إننا ما زلنا لا نمتلك الجرأة في اعتبار جميع بطولات المراحل السنية ماهي إلا تحضير وتجهيز وإعداد وكسب الخبرة لأجيال  تكون قادرة على تفعيل وتطبيق كل ما اختزنته حواسّها الفنية وصلابة عودها ورفدها في مصبّات المنتخب الوطني عندها سيكون الهدف قد تحقق وبلغ الغاية موضعها، وعند ذاك فإن أية بطولة تحصدها الفئات العمرية هي نجاح آخر ثانوي يضاف لرصيدها الاعتباري وليس العكس.
من يبحث في سجلات السنوات الماضية سيقف بالتأكيد أمام خسائر لا تحصى للكرة العراقية في إهدار مواهب كروية فذّة إنزوت قسراً بعيداً عن مجسّات ومراصِد مدربي المنتخبات الوطنية وفقدت فرصة التدرّج حينما هربت منها سنين العمر دون أن تتمكّن من اقتناص مكاناً لها وسط لجوء الملاكات التدريبية الى التمسّك باسماء معينة وتدويرها صعوداً ونزولاً لزيادة وضمان حظوظها بتحقيق بطولة هنا أو هناك وبمباركة الاتحاد حتى باتت تلك السياسة ثقافة متوارثة أخذت تداعب مشاعر الجماهير وتكسب ودّها في عملية أقرب الى ذرّ الرماد في العيون بعد أن فقدت كل الآمال في منافسة الوطني وتواجده في المحافل الدولية الكبرى.
سنضع أمام طاولة البحث مشهدين، الأول أن البرازيل عرفت كقوة كروية عظمى في العالم بعد أن حصدت 5 بطولات كأس العالم و8 لكوبا أميركا وغيرها من الألقاب، ولم تهتّز مكانتها عندما عجزت عن تحقيق الميدالية الذهبية في الدورات الأولمبية طوال تاريخها إلا حين نظمت الأولمبياد الأخيرة على أرضها وبين جماهيرها.. أما المشهد الثاني هو انتصار منتخبنا الأولمبي الساحق على افغانستان بثمانية اهداف في التصفيات المؤهلة الى نهائيات كأس آسيا تحت 23 عاماً، وبرغم ذلك تلاشت قيمته عند لحظة استذكار فشل التأهل الى كأس العالم 2018 أو حتى إنه جاء على يد عناصر تلعب لأوّل مرة للأولمبي!
درس ينبغي على كل الجهات المسؤولة الوقوف عنده كثيراً والوصول الى قناعة بأن الأمجاد الكروية والانجاز الفعلي هو ما يصنعه المنتخب الوطني الأول في المنافسات الدولية بعد أن يكون قد قطف ثمار ما دونه من منتخبات الفئات العمرية، ومن ثم العمل على وضع آيدلوجية عمل جديدة تحدث انقلاباً في مفهوم احتواء كل المواهب ورسم خارطة طريق لها مع عدم السماح بتواجدها في كل فئة لأكثر من موسم واحد وتفرض على الملاكات التدريبية الالتزام بها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

 علي حسين انشغلنا في الأيام الماضية بأحوال وأخبار النواب الذين قرروا مقاطعة البرلمان ما لم يتم إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يعرف المواطن المغلوب على أمره : لماذا يصر بعض النواب...
علي حسين

قناديل: تشويه صورة تشومسكي

 لطفية الدليمي ماذا عساك تفعلُ عندما تسعى لتشويه صورة إنسان معروف بنزاهته واستقامته الفكرية والانسانية؟ ستبحث في التفاصيل الصغيرة من تاريخه البعيد والقريب علّك تجد مثلبة (أو ما يمكن تأويله على أنه مثلبة)....
لطفية الدليمي

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

محمد الربيعي هذه المقالة تتبنى ما طرحته في كتاباتي السابقة وتعيد ما اكدت عليه في سياقات مختلفة. اسأل القراء الأوفياء الذين يتابعون أعمالي مسامحتي ازاء الالحاح في التأكيد، فالحاجة تدعوني لاعادة النظر في هذه...
د. محمد الربيعي

ماذا تبقى من سيادة العراق بمواجهة تحديات عديدة؟

لينا اونجيلي ترجمة: عدوية الهلالي في أعقاب غزو العراق مباشرة، أصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الأمر التنفيذي رقم 13303 لحماية صندوق تنمية العراق (DFI) الذي كان بمثابة مستودع مركزي للإيرادات الناتجة عن مبيعات...
لينا اونجيلي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram