حذر المستشار المالي للعبادي مظهر محمد صالح، من أن ملف الديون يُعدّ من "الملفات الخطيرة" مبيناً أن صندوق النقد الدولي "يعمل على تحديد مستوى تحمل العراق للدين العام" ولم يغفل أن العراق "يواجه مشكلة في الجمارك والمنافذ الحدودية التي تشهد فساداً كبيراً،
حذر المستشار المالي للعبادي مظهر محمد صالح، من أن ملف الديون يُعدّ من "الملفات الخطيرة" مبيناً أن صندوق النقد الدولي "يعمل على تحديد مستوى تحمل العراق للدين العام" ولم يغفل أن العراق "يواجه مشكلة في الجمارك والمنافذ الحدودية التي تشهد فساداً كبيراً، لذا تتجه الحكومة إلى تعهيد المنافذ إلى شركات مختصة.
وأكد صالح في ندوة نظمها "معهد التقدم للسياسات الإنمائية" في بغداد بحضور مسؤولين وخبراء في الاقتصاد والمال، أن نتائج الملف الاستثماري في العراق لم تكن في مستوى الأموال المُنفقة والبالغة 360 بليون دولار خلال 10 سنوات، من خلال إدراج عدد كبير من المشاريع كي ينهض البلد" مشيراً الى أن "النتيجة كانت مخيبة للآمال مع أن ذلك كان في زمن الوفرة النفطية" أما في زمن العسرة النفطية، فكان التوجه نحو زيادة كميات النفط المُنتج والمصدر لتعويض الفارق في الأسعار من خلال الاستثمار في القطاع النفطي، وهو غير متوازن وترك القيادة للقطاع النفطي، وذلك يعني العودة إلى نقطة الصفر أي أن النفط هو الحصان الذي يقود عربة التنمية.
وتؤكد تقارير رسمية صادرة عن الدولة العراقية، أن الدَّين الداخلي للعراق منذ عام 2004 وحتى الآن يبلغ 45.4 تريليون دينار، بينما أعلنت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، أن العراق خصص مبلغ 5.6 تريليون دينار لتسديد فوائد الديون الداخلية والخارجية.
وحول عمل البنك المركزي العراقي ودوره في مواجهة الأزمة المالية التي يمر بها البلد، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن البنك المركزي العراقي كان مستقلاً عن الحكومة في الفترة الأولى، لكن عندما واجه الاقتصاد عجزاً بدأ هذا الاستقلال يضعف، وقد باشر البنك المركزي بإقراض الحكومة فتحول استقلاله إلى الدرجة الثانية، مواصلاً: لكن مع ذلك فإن سياسة المركزي كانت سبباً رئيساً لانتصار العراق في حربه ضد الإرهاب، من خلال الدور الوطني الخفي الذي أدّاه في دعم الحكومة، وعبور مرحلة الخطر.واستدرك صالح: أن البنك المركزي كان أمام خيارين، اما أن يتخلّى عن استقلاله ويقرض الحكومة في ظل الظرف المعقد أو يخفّض قيمة الدينار العراقي، وهنا قد يوفر بعض الأموال للحكومة، لكن أيضاً سنكون أمام ارتفاع كبير في معدلات التضخم، ولن يكون لهذه الأموال التي توافرت أيّ قيمة، لذا ضحى البنك المركز باستقلاله الداخلي وأقرض الحكومة لمواجهة أزمة الاستقرار، لافتاً: إلى أن قيمة القرض للحكومة بلغ 21 تريليون دينار خلال عامين، لسد حاجاتها، ذلك يشكل جزءاً من الانتصار في الحرب ضد الإرهاب من خلال تمويل الموازنة، فتحقق الانتصار العسكري الذي كان وراءه انتصار مالي واقتصادي.الاستقرار المالي والنقدي في العراق يواجه ظواهر تتمثل بالعجز غير النفطي الناتج عن الفرق بين الإيرادات والنفقات المحلية، والبالغ (78 تريليون دينار) اي بنحو( 70 بليون دولار)، بحسب حديث محافظ البنك المركزي علي العلاق خلال الندوة، لافتاً في الوقت ذاته: الى أن الظاهرة الثانية هي تزايد العجز في الموازنة الذي وصل إلى( 21.6 تريليون دينار)، ويُضاف إليه العجز في ميزان المدفوعات من غير الصادرات النفطية البالغ 37.7 بليون دولار، وهذه المؤشرات السلبية تعبر بوضوح عن خلل بنيوي كبير.
العلاق اعتبر تحسين واقع السياسة النقدية والمالية يتطلب تعزيز الإيرادات المحلية وتفعيل سياسة إعادة توزيع الدخل لتحريك عجلة الاقتصاد، من خلال الإفادة من الكتلة النقدية الموجودة في الأسواق والمتمثلة بالرواتب، التي يذهب جزء كبير منها لتغطية الاستيرادات الخارجية، مشدداً: على ضرورة ضغط النفقات التشغيلية وفقاً لضوابط صارمة ومعايير علمية، وتقليص عوامل الطلب على العملة الأجنبية وتوفير عناصر الاستقرار للحد من هجرة الأموال، فضلاً عن توفير بيئة جاذبة للاستثمار.
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار مهدي الحافظ، اشار في حديثه أيضاً الى الصعوبات التي تواجه الاقتصاد العراقي، موضحاً: أن الحالة الشاذة للسياسة المالية طرحت أهمية التفكير في مصادر جديدة لتعزيز الوضع المالي، لا سيما من خلال التعاون مع البنك وصندوق النقد الدوليين، بهدف زيادة التمويل الخارجي وبشروط مناسبة، متابعاً: أن بدء ما تسمى بالمرحلة الائتمانية توفر أجزاء من التمويل الخارجي من هاتين المنظمتين ومصادر أخرى، مستطرداً: أن الحكومة استهلت الاتفاق مع صندوق النقد الدولي نهاية عام 2015 بهذا الهدف، من خلال إصدار ما سُمي بخطاب النوايا و "مذكرة سياسات اقتصادية ومالية".
وبيّن الحافظ، أن المرحلة الائتمانية تشمل مجموعة من المهمات الأساسية، من بينها إعادة النظر في السياسة المالية العامة وإصدار قانون جديد لذلك، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتأكيد مراجعة البيانات المالية لمصارف الرافدين و الرشيد و العراقي للتجارة، التي تستحوذ على نحو 90 في المئة من ودائع الدولة، مشدداً على أن المرحلة الائتمانية تؤكد إخضاع السياسة النقدية للرقابة، خصوصاً في المجالات المتعلقة بتبييض الأموال ونافذة بيع الدولار، ومعالجة العجز في الموازنة العامة والسعي إلى جعله مقبولاً اقتصادياً، واعتبر أن هذه الإجراءات ستساعد في الحصول على القروض وجعل التعاون ايجابياً مع المؤسسات الدولية.
وذكّر في ختام حديثه: أن الفترة الأخيرة شهدت طرح مسألة الموازنة التكميلية لهذه السنة، ونوقشت التفاصيل خلال الاجتماع الأخير في عمان قبل شهر من الآن، واتُفق على توفير قرض بقيمة 800 مليون دولار للعراق، بشروط ميسرة ضمن برنامج الاستعداد الائتماني الموقع بين الطرفين». ولم يستبعد أن يقرّه صندوق النقد الدولي مطلع آب المقبل.
ويواجه العراق أزمة مالية حادة، ناجمة عن انخفاض أسعار النفط العالمية لأكثر من النصف، والحرب الضروس التي خاضها ضد تنظيم (داعش) الارهابي والتي تسببت باعتماده سياسة تقشف أدت إلى توقف غالبية المشاريع في المحافظات.