طبقا لبيانات وزارة التخطيط تعاني الحكومة العراقية مشكلة الترهل الإداري ، حتى قيل ان عمل الموظف في بعض المؤسسات الرسمية لا يتجاوز عشر دقائق خلال الدوام الرسمي في اليوم الواحد . رئيس مجلس الوزراء حين اعلن تبني الإصلاحات ومنها ترشيق الجهاز الإداري واللجوء الى معالجة الترهل بعمليات شفط الشحوم ، لم يستطع اقتلاع المشكلة من جذورها فأصبحت علامة فارقة في جميع المؤسسات الحكومية .
للنظام السابق تجربة في التعاطي مع كرش المسؤول تمثلت بإجراءات وأوامر القيام بالترشيق ، والخضوع لبرامج قاسية لإذابة الشحوم والتخلص من الوزن الزائد ، للاحتفاظ بالمنصب ، ووقتذاك انشغل الجميع بالتخلص من الكروش للحصول على الانسجام التام بنسبة الوزن مع الطول ، وشمل ذلك المسؤولين بدءا من الوزراء فضلا عن وكلائهم والقادة العسكريين والحزبيين على اختلاف درجاتهم ، والمديرين العامين وحتى رؤساء تحرير الصحف ، وكل هؤلاء في زمن فرض العقوبات الاقتصادية على العراق لم يعتمدوا على مفردات البطاقة التموينية في تناول طعامهم ، لتمتعهم بامتيازات الحصول على اللحوم الحمراء والبيضاء ، فيما يتناول بقية العراقيين الباذنجان المعروف لديهم باسم" وحش الطاوة " كسرا للحصار الجائر، وتعبيرا عن رفضهم المخططات الإمبريالية.
أوامر الترشيق أعقبها توجيه بالمشاركة في التدريب العسكري ، وإجادة الفنون القتالية ليكون المسؤول صاحب الكرش على استعداد دائم لمواجهة المعتدين ، ويده على الزناد وفوهة بندقيته موجهة على الدوام نحو الجبهة الشرقية والشمالية ، ثم الجنوبية بعد غزو الكويت ، وبفضل الترشيق اصبح الشعب فيالق مسلحة ، حتى تحول الزي العسكري الى دشاديش وبجامات للنوم ، بعد غياب قماش البازة وخام الشام نتيجة فرض العقوبات الاقتصادية بقرارات مجلس الأمن.
الحكومات المتعاقبة تبنت الترشيق ولكن بأسلوب آخر بمنح امتيازات كبيرة للمسؤولين لا توجد في كل دول العالم من رواتب ضخمة وسيارات مدرعة لهم ولأبناء أسرهم والاقرباء حتى الدرجة الرابعة ، لان المسؤول الجديد اختلف عن السابق بتطابق نسبة وزنه مع طوله ، بمعنى انه ليس صاحب كرش كبير ، يثير اعتراض الحاسدين ، وبفضل سياسته أصاب الهزال العراقيين واصبحوا عبارة عن جلد وعظم ، لأن أوضاعهم الأمنية لا تساعدهم على تناول طعامهم بشكل طبيعي ، فهم في حالة قلق دائم ، واتصالاتهم الهاتفية لا تنقطع لحظة واحدة ، عندما تنهال على رؤوسهم الأخبار العاجلة .
الترشيق العراقي تجاهل تطوير الجهاز الإداري ، فتعطل العمل ببرنامج الحكومة الالكترونية ، استجابة لرغبة العرضحالجية واستعدادهم لانجاز معاملات صعبة مدعومة بصحة الصدور. في ظل الخلاف السياسي المزمن على ضمان تمثيل المكونات الاجتماعية في الهيئات المستقلة ، تبرز الحاجة الى استحداث هيئة "الشفط "المستقلة يتولى رئاستها محلل سياسي خضع لعدة عمليات تجميل لغرض تحسين صورته في اطلالته اليومية على شاشات الفضائيات ، أما بقية الاعضاء فمن الافضل ان يكونوا من الصلعان غير الخاضعين لعمليات زرع الشعر، استنادا الى نظرية البقاء للاصلع في مواجهة رغبة الاحزاب المتنفذة في الهيمنة على الهيئات المستقلة .
هيئة الشفط المستقلة
[post-views]
نشر في: 24 يوليو, 2017: 09:01 م