نضع أمام هيئة النزاهة السطور التالية:" في نيسان من العام 2015 تحدّث مدير مشروع ماء البصرة عبد المنعم خيون لازم عن مشروع تحلية الماء الكبير، ووصفه بانه من المشاريع الستراتيجية وبطاقة كبيرة 100 ألف متر مكعب في اليوم، وإن المرحلة الثالثة تتضمن انشاء مشروع تصفية ماء عملاق في الهارثة بطاقة 334 ألف متر مكعب في اليوم والرابعة انشاء محطة تحلية عملاقة بطاقة 200 ألف متر مكعب في اليوم وان مشكلة المياه المالحة ستنتهي في البصرة وان شركة NGS اليابانية وضعت التصاميم والإشراف على التنفيذ وقد وجهت الدعوات الى 80 شركة عالمية متخصصة للتنفيذ، وتم اختيار12 شركة لتنفيذ المراحل الاربع وان العمل سيبدأ بعد منتصف العام الحالي(2015) وينجز مطلع 2016 حيث ستكون المحطة الاكبر من نوعها في الشرق الاوسط والخليج العربي، وأن شركة هيتاشي قامت بنصب مشروع تحلية مصغر تم تشغيله لمدة سنة ونجح نجاحا باهرا"*
إذا كانت قضية الكهرباء في البصرة قد طفت على السطح وبلغت ذروتها في إحالة رئيس مجلس المحافظة الى محكمة الجنايات بتهمة تعاطي الرشوة وإذا كان آخرون ينتظرون دورهم الى المحكمة بذات الاسباب فان قضية الماء المالح تنتظر من يحركها، القضية التي لو جمعنا ما نشر في الصحافة عن المؤتمرات والندوات بشأنها من كلام معسول على الورق لأصبح ماء البصرة بحلاوة الشهد.
كل محافظ وكل رئيس مجلس للمحافظة وكل لجنة للماء والخدمات توالت على الحكم في البصرة منذ العام 2003 الى اليوم مسؤولة عن بقاء مشكلة الماء في المدينة بدون حلول، ولن يتبرأ أحد منهم، فقد استخدمها البعض منهم ورقة انتخابية وكثير منهم استخدمها ورقة للضغط على الشركات التي توالت الاقتراحات وطرحت المشاريع، بل وكثير منهم وقف حجر عثرة في تنفيذ عشرات المشاريع التي طرحت، وبينت وزارة الموارد المائية والحكومة المحلية عشرات القصص من الشد والجذب والرفض والممانعة وبين مكتب المحافظ ومكتب رئيس المجلس مئات الوثائق التي حاول كل منهم تسقيط الآخر بها.
منذ العام 2009 والى اليوم ولسان الملح يندلع طويلاً في مياه البصرة، يبدأ في أعالي الخليج وينتهي في مركز المدينة، والحكومات لما تتفق بعد على مكان للسد، وأعضاء المجلس يبتزون بعضهم في مشاريع كاذبة، أخذوا ملايين الدولارات في مشاريع وهمية وسوفوا مع عشرات الشركات الاجنبية والمحلية ثم تمخض ذلك كله في قناة اروائية مكشوفة فاشلة لنقل المياه من شمال البصرة الى الفاو، كلفت الدولة 350 مليار دينار عراقي، ثم تقترح وزارة الموارد المائية الآن ميزانية مالية لتغليفها. من المعيب على هيئة النزاهة أن لا تفتح ملف الماء المالح في البصرة، لأنه الأخطر ويأتي في الدرجة الأولى بل وقبل
ملف الكهرباء.
كان عضو مجلس المحافظة، رئيس لجنة التنمية الاقتصادية والاستثمار عقيل الخالدي قد اقترح مشروعا يقضي بقيام كل شركة من الشركات النفطية العاملة في البصرة بنصب وحدة تحلية كبيرة في كل محطة تصفية في المدينة ومن أموال المنافع الاجتماعية التي نصت عليها وثائق جولات التراخيص النفطية بين الحكومة العراقية والشركات تلك، بمعنى أن الحكومة العراقية لن تدفع دينارا واحدا، لكن جهات نافذة داخل المجلس والمحافظة وقفت بالضد من ذلك، لا لشيء، إلا لأنها لا تريد تنفيذ مشروع لا حصة لها فيه وهكذا، باتت مأساة البصرة تتكرر سنوياً، دونما حلول تبدو في أفق المدينة الخرب.
البصرة: ماء مالح وفساد واضح
[post-views]
نشر في: 25 يوليو, 2017: 06:01 م