تمنح منظمة ون ورلد ميديا وهي منظمة أسسها مدراء سابقون لهيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي من أجل التركيز الإعلامي على قضايا العالم النامي جائزة سنوية في عدة فروع اعلامية وتقدم كذلك تمويلاً للبرامج الصحفية والتأهيل. وقد فازت محطة إذاعة ارينا الت
تمنح منظمة ون ورلد ميديا وهي منظمة أسسها مدراء سابقون لهيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي من أجل التركيز الإعلامي على قضايا العالم النامي جائزة سنوية في عدة فروع اعلامية وتقدم كذلك تمويلاً للبرامج الصحفية والتأهيل. وقد فازت محطة إذاعة ارينا التي تبث برامجها من اريتيريا بالجائزة التاسعة والعشرين لأفضل وسيلة إعلامية في العالم النامي لعام 2017.والتي ترعاها هذه المنظمة.
صحيفة الغارديان البريطانية اعدت هذا التقرير الموسع عن هذه المحطة الاذاعية قبل عدة سنوات، تم أبلاغ بنيام سيمون، وهو صحفي يعمل في قناة إري-تف التلفزيونية الإريترية، من قبل السلطات الحكومية في بلاده أنه سيسمح له، ، بالسفر إلى اليابان لحضور ندوة حول إنتاج الفيديوات التلفزيونية . كان هذا، الامر يبدو الى حد ما مستغربا. فالذين كانوا يرغبون بالخروج من إريتريا، وهي دولة يحكمها نظام الحزب الواحد وتمتلك أسوأ سجلات حقوق الإنسان في العالم، كانوا عادة ما يفعلون ذلك بوسائل سرية وخطرة للغاية. ولكن إذا كانت الدهشة قد اصابت سيمون فانه كان رجلا واقعيا أيضا. فقد قال عن هذا الموضوع "لقد سمحوا لي أن أذهب فحسب لأنهم اعتقدوا أنه لا توجد وسيلة للهروب من اليابان"، "وان اليابان وافقت على إعادتي إلى إريتريا". ولمعرفته بذلك، لم يسمح حتى لنفسه ان تفكر بالانشقاق. لم يضع أي خطط. ولم يحلم بأي أحلام. وأعرب عن أمله في أن يتمتع بعدد قليل من الأيام الهادئة خارج سجن وطنه.
وحالما وصل الى اليابان، ، تغير كل شيء. ويصف ما حدث قائلا "حدث شيء، في المحطة التي أعمل بها . "ذهب الكثير من الناس إلى السجن. تم طلب كلمات المرور وعناوين البريد الإلكتروني. وكان شخص ما يتنصت على هاتفي فقررت عدم العودة ". لم يكن هذا قرارا سهلا. فاهو يعلم جيدا ان والديه واشقائه الذين تركهم وراءه ، سيدفعون الثمن في شكل مضايقات أو ما هو أسوأ من ذلك من جانب السلطات الحكومية. ولكنه سرعان ما ادرك حتمية الامر.وكما يقول هذا الصحفي "في مرحلة ما، عليك أن تفعل ذلك"،. "مهام عملي كانت تحرير التقارير الصحفية عن نشاطات الرئيس - واجتماعات مجلس الوزراء وما إلى ذلك - وكلما أصبحت نشطا أكثر في إريتريا، كلما زاد الخطر الذي تواجهه، واصبحت معرضا للاعتقال . بطريقة أو بأخرى، كنت أعرف أن مصيري سيكون السجن في نهاية المطاف ". وتكتظ سجون إريتريا، بالموقوفين وفترات الاحتجاز تعسفية. وتمارس اعمال التعذيب بشكل واسع وتنفذ العديد من احكام الإعدامات القضائية.
وقد رفضت اليابان منحه اللجوء. ولكن بمساعدة منظمة "مراسلون بلا حدود" الفرنسية، قدم إلى باريس حيث يعيش منذ ذلك الحين. كانت حياته الجديدة صعبة في البداية. لم يكن يعرف أحدا، ولم يكن يعرف كلمة فرنسية واحدة . وكان قلقا باستمرار حول مصير افراد عائلته الذين سرعان ما استدعتهم السلطات الحكومية كما كان متوقعا لتوضيح الامر ،. ولكن كانت لديه أيضا خطة، وهذا ما جعله يستمر ويتحمل الصعاب . وأراد أن ينشئ محطة إذاعية، لا تبث فقط إلى الشتات الإريتري الكبير في أوروبا، حيث يغادر نحو 5 آلاف شخص البلد بصورة غير مشروعة في كل شهر - ولكن تبث برامجها أيضا الى الناس في إريتريا نفسها.
ويصف ذلك قائلا "بدأت أفكر في الأمر على الفور. يجب أن تفهم: ان إريتريا بلد مغلق تماما. لا يمكن الحصول فيه على معلومات على الإطلاق، لا تلك التي تتعلق بالعالم الخارجي أو بما يجري داخليا. لذلك إذا كنت صحفيا إريتريا، ووصلت الى مكان تتوفر فيه الكثير من المعلومات، فإن أول شيء تفكر فيه هو: لماذا لا تخبر الناس كل هذا؟ كان من الواضح لي أن ذلك هو الشيء الذي يجب القيام به ".
وقد طرح سيمون ، فكرته على منظمة مراسلون بلا حدود، وببعض الدعم المالي منها، بدأ محاولاته لتوظيف أول المتعاونين معه، وهي عملية كانت صعبة حتى في أوروبا، حيث بدأ : في البداية. كان معظم الصحفيين الإريتريين الستين الذين انتقلوا إلى القارة، خائفين جدا من الحكومة، وقلقون كثيرا على أسرهم اذا ما عملوا معه.
كما كانوا يعانون من قضية فهم فكرة الصحافة المستقلة: ويوضح ذلك بالقول "كانوا يعتقدون أنك إما تعمل لصالح الحكومة، و تقوم بالدعاية لها، أو تعمل لصالح المعارضة. لم يفهموا أننا لا نريد سوى تزويد الناس بالمعلومات، وهم سيقررون بعد ذلك ما الذي سيفعلونه".
ومع ذلك، فإن ترددهم كان لا شيء مقارنة بالصعوبات التي ينطوي عليها الحصول على قصص من بلد كان قبل ما يقرب من عقد من الزمن في اسفل مؤشر الحرية الصحفية في العالم (ولا تأتي بعده سوى كوريا الشمالية). كيف سيتم ذلك؟ في العاصمة، أسمرا، هناك شبكة واسعة جدا من المخبرين الذين يعملون لصالح الحكومة وكثير من الناس غير راغبين في التحدث في السياسة حتى مع أفراد أسرهم.
وفي النهاية، وافق معظم الصحافيين في الشتات على استخدام أسماء مستعارة، أو تسجيل قصصهم من قبل شخص آخر. وفي الوقت نفسه، بنى سيمون ببطء شبكة من الاتصالات داخل إريتريا.وعلى مدى ثماني سنوات، كانت غالبية مصادر راديو إرينا في البلاد هي، ، الناس العاديين الذين يرسلون تقاريرا عن ما يشاهدون ويسمعون ، وكانوا يرسلون معلومات قليلة ولكنها لا تقدر بثمن في كل يوم تقريبا. اما البقية فكانوا يعملون داخل الوزارات الحكومية، وفي حالات نادرة كانوا من الصحفيين. ومن أجل حمايتهم، فانه وزملاؤه في باريس – يضم مكتب الاذاعة الآن خمسة موظفين – لا يكشفون أسماء من يتصلون بهم حتلى فيما بينهم ، ويستخدم كل منهم نظام مختلف للتواصل مع مصادره :.
وكما يقول "أنا لا أعرف مصادر زملائي، وهم لا يعرفون مصادري كما يقول. ويساعد هذا النظام أيضا في التحقق من القصص: "يمكن للزميل أن يسأل مصدره ما إذا كان يستطيع تأكيد شيء سمعته انا من مصدري، ولأنهم لا يعرفون بعضهم البعض، تتكون لدينا فكرة أوضح عما إذا كان من المرجح أن تكون المعلومة صحيحة و"يجب أن تحتوي القصص على ثلاثة مصادر منفصلة، بغض النظر عن المدة التي قد يستغرقها ذلك:" ويمكن أن تستغرق عملية وصول المعلومات 10 أيام، اعتمادا على إمدادات الكهرباء في إريتريا وتوفر الإنترنت. ولكن من الأفضل أن ننتظر، ونكون متأكدين 100٪ أن ما نقوم ببثه هو الصحيح، درءا للشائعات. لأنه إذا ارتكبنا خطأ، نكون قد وقعنا في فخ الدعاية الحكومية".
عن: الغارديان